موسى بهبهاني يكتب: الشهادات المزوَّرة والتشهير
تناقلت الأخبار في الفترة القليلة السابقة، موضوع «تزوير الشهادات العلمية»، تلك القضية التي أثارت الرأي العام، وأقلقت المجتمع الكويتي، فهي تمسّ مصداقية وزارة مهمة بالدولة، بسبب نيل فئة من الأفراد ومن دون وجه حق شهادات أكاديمية «كارتونية»، وذلك من أجل التمتع بالامتيازات والترقيات، والمناصب، التي لا يستحقونها على حساب المستحقين، وبطريقة الاحتيال نالوا ما ليس من حقهم، وبطريقة غير شرعية. وبالفعل هي آفة قام بها ضعاف النفوس الذين لا يراعون الحلال من الحرام، والصح من الخطأ، فكيف يبدأون حياتهم بالغش والخداع؟! فالمكر والخديعة لكسب المال بالتزوير، هو مال حرام، سيحاسبون عليه يوم لا ينفع مال.وهناك فئة أخرى تشعر بالنقص، وعدم الثقة، ولديهم هوس لإضافة لقب «دكتور» على أسمائهم لزوم الوجاهة والتفاخر والتعالي، وكذلك نيل الامتيازات والمناصب التي لا يستحقونها، حيث تنقصهم القدرة العلمية، والفنية، والإدارية، للقيام بواجبهم بالشكل الصحيح.وآلمنا حقّاً تداول بعض الأسماء ونشرها بوسائل التواصل الاجتماعي، تكيل تهمة التزوير لأفراد من دون التأكد من الإدانة، وهناك تصريحات لمسؤولين يطالبون بكشف الأسماء ونشرها.. لماذا؟! أليس التشهير بالناس جريمة في حق المجتمع؟ أم هي مطلب للتسلية والضحك على الآخرين؟ وحتى إن اختلفنا مع بعض الأفراد، فذلك لا يعني التشهير بهم، فإن كان الدين والأخلاق والقيم تدعونا للتستر على المخطئين، وعدم فضحهم بين الملأ، فما فائدة التشهير بهم؟! فلا يجوز في خضم الحديث عن الشهادات المزورة، أن نأتي بالأسماء والصور وننشرها بوسائل التواصل والجرائد، بل يجب أن نترك ذلك لجهات الاختصاص للقيام بالتحقيق والتثبيت والتبيان، وفي النهاية العقوبة شخصية وليست عامة، فإن كانت هناك حقوق يترتب عليهم سدادها، أو أحكام عليهم تنفيذها، أو مكتسبات وظيفية يجردون أو يعزلون منها، إنما التشهير ليس من عاداتنا، ولا أخلاقنا، ولا من ديننا.وبالفعل، كل الشكر والتقدير لكل من ساهم في الكشف عن ذلك الأمر المؤلم، وهو خطوة للأمام، وإن كان متأخّرا، والمطلوب محاسبة كل من سلك ذلك الطريق الأعوج، ومكافأة من يبحث بالملفات لكشف الشهادات المضروبة، فدورهم مهم وبارز في مكافحة المزورين.ولمواجهة وحل ملف الشهادات المزورة نحتاج حزمة من الإجراءات، وهي:1 – نحتاج قرارات تكافح الفساد لا تشجّعه.2 – محاسبة المسؤولين المقصّرين بمهام وظيفتهم.3 – إصلاح الاعوجاج في المؤسسات التربوية المهمة.4 – وضع آلية وإستراتيجية ونظام للتدقيق والكشف عن الشهادات قبل اعتمادها.5 – لردع المخالفين، نحتاج إقرار قانون يجيز اتخاذ إجراءات مشددة ضد المزورين.6 – تشكيل فريق من الأساتذة الأفاضل للاعتماد الأكاديمي ومراجعة الشهادات واتباع معايير دقيقة للتحقق والتأكد من صحة بياناتها قبل التصديق عليها.7 – ربط جميع الإدارات المعنية بنظام آلي للمتابعة السريعة والدقيقة.