أخبار منوعة

حقائق مذهلة.. لهذه الأسباب علينا ألا نأخذ الحقائق العلمية من الأوراق البحثية!

ربما يكون ما سنقوله غريبًا جدًا، لكن هذا ما حدث بالفعل. العشرات من التجارب السريرية الحديثة تحتوي على أنماط إحصائية مشبوهة يمكن أن تشير إلى بيانات غير صحيحة أو مزورة، وفقًا لعملية استعراض تخص الآلاف من الأوراق المنشورة في المجلات الطبية الرائدة، هذا ما أكدته دراسة حديثة، وقد دفعت هذه الدراسة، التي استخدمت أدوات إحصائية لتحديد الشذوذ المخفي في البيانات، إلى إجراء تحقيقات في بعض التجارب التي اعتبرت مشبوهة، وهو ما يثير مخاوف جديدة بشأن موثوقية بعض الأوراق المنشورة في المجلات الطبية.تحليل خطير.. معالجة المرضى على أساس أدلة كاذبةجرت عملية التحليل هذه من قبل جون كارلايل، طبيب التخدير الاستشاري في مستشفى تورباي، الذي سبق أن استخدم أدوات إحصائية مماثلة لفضح واحدة من أشد حالات الغش العلمي المسجلة، والتي شملت طبيب التخدير الياباني الذي وجد أنه قام بتلفيق البيانات في العديد من أوراقه البحثية التي تصل في الإجمالي لحوالي 183 ورقة علمية.في هذا التحليل، استعرض كارلايل البيانات من 5087 من التجارب السريرية التي نشرت خلال السنوات الـ 15 الماضية في اثنين من المجلات الطبية المرموقة، وهما: مجلة جاما ومجلة طب نيو إنغلاند، بالإضافة إلى ست مجلات مختصة في قطاع التخدير، ولاحظ أنه في الإجمال كان هناك 90 تجربة منشورة تحوي أنماطًا إحصائية أساسية كان من غير المحتمل أن تظهر بالصدفة في مجموعة بيانات ذات مصداقية.وقال كارلايل: «هذا يثير تساؤلات خطيرة حول البيانات في بعض الدراسات، وسواء أكان الباحثون أبرياء أم لا، فإن معدل الخطأ الذي ظهر يبعث على القلق، خصوصًا وأننا نحدد كيفية علاج المرضى بناء على هذه الأدلة».هل يمكنك أن تتخيل أنك مريض بشدة، وتضع حياتك كلها بين يدي طبيب أو جراح ما يبني معلوماته في التشخيص والعلاج على دراسات علمية هي الأحدث، والتي يفترض أنها دقيقة ومؤكدة، وما تظهره من نتائج هو حقائق لا تقبل الجدال، لكنك تفاجأ أن هذه الدراسات قد جرى التلاعب بها إحصائيًا مما قد يؤثر على النتائج النهائية لها، بالتأكيد الأمر سيكون كارثة.ودعا أندرو كلاين، رئيس تحرير مجلة التخدير، التي نشرت التحليل الجديد، إلى إجراء دراسات عاجلة على الدراسات التي قد تكون معيبة والتي يجب في رأيه مراجعتها على وجه السرعة، وقال: «من المخيف جدًا أننا نعالج المرضى على أساس أدلة كاذبة. قد يكون من الضروري سحب بعض العلاجات من الاستخدام نتيجة لهذا».انعدام الثقة.. 50% من الأبحاث لا يمكن تكرارهافي نهاية أبريل (نيسان) 2017، خرج مئات الآلاف من العلماء والباحثين إلى الشوارع في جميع أنحاء العالم في مسيرات متعددة، فيما أطلق عليه «مسيرة من أجل العلم». وكان من بين الشعارات المرفوعة «نحن بحاجة إلى العلم لأن العلم يروي الحقيقة. نحن الذين نستطيع محاربة الأخبار المزيفة»، لكن يبدو أن الأدلة التي أصبحت بين أيدينا الآن تشير إلى خلاف ذلك.الفكرة القائلة بأن القيام بنفس التجربة سوف يؤدي دائمًا إلى  النتيجة نفسها، بغض النظر عمن يقوم بها، هي واحدة من الركائز الأساسية لادعاء العلم أنه هو الذي يقدم الحقيقة، ومع ذلك، أكثر من 70% من الباحثين، الذين شاركوا في دراسة حديثة نشرت في مجلة نيتشر، حاولوا وفشلوا في تكرار تجربة عالم آخر.ووجدت دراسة أخرى أن ما لا يقل عن 50% من أبحاث علوم الحياة لا يمكن تكرارها. وينطبق الشيء نفسه على51% من الأوراق البحثية في علم الاقتصاد.نتائج هذه الدراسات تسببت في صدى قوي هز أرجاء الأوساط الأكاديمية المعاصرة، لأنه يوجد الآن الكثير من نتائج البحوث المنشورة قد تكون كاذبة. تمامًا مثل أي مصدر معلومات آخر، قد تحتوي المجلات الأكاديمية على أخبار مزورة.هذا الأمر يسبب صدمة لا يمكن تخيلها، أنت يمكنك أن تتعامل مع معلومات كاذبة تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعية، ويمكنك أن تستوعب بالفعل وجود بعض الأخبار الكاذبة أو المغلوطة في الصحف وعلى شاشات التلفاز، لكن هل كنت تتخيل في يوم من الأيام أن المجلات العلمية الأكاديمية المتخصصة يمكن أن تحمل معلومات مغلوطة؟بعض أولئك الذين يشاركون في مسيرة العلوم هذه يجعلون من العلم شيئًا مثاليًّا للغاية. لكن العلم في أزمة كبيرة حاليًا، ونحن بحاجة إلى الحديث عن هذه المشكلة بدلاً من الادعاء بأن العلماء مسلحين بالحقيقة ولا شيء غير الحقيقة.يريد 97% من الذين شاركوا في هذه المسيرات أن يضع صناع السياسات في اعتبارهم الأدلة العلمية عند صياغة سياساتهم، ولهذا انتقدت هذه المسيرة سياسة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب المناهضة لفكرة الاحتباس الحراري وإنكاره للتغيرات المناخية المصاحبة لها.ويرى بعضهم أن التأثير في صناع السياسات كان جزءًا من الوصف الوظيفي للأكاديميات الحديثة. لكن هؤلاء أصبحوا الآن أقل ثقة في صحة العديد من نتائج البحوث.أسباب المشكلةهناك أسباب متعددة لأزمة عدم تمثال استنساخ التجارب في الأوساط الأكاديمية، والتي تتراوح من الأخطاء الإحصائية العرضية إلى استعراض التشابهات والفبركة. ومع ذلك، يتفق العديد من العلماء أن السبب الرئيسي لنشر الأخبار المزيفة في المجلات العلمية هو الضغط الهائل في النظام الأكاديمي للنشر في المجلات ذات التأثير العالي.هذه المجلات عالية التأثير تتطلب نتائج غير مألوفة ومثيرة للدهشة، وتعتبر عملية الاستنساخ المكررة غير الناجحة مملة، على الرغم من أنها تقدم مساهمات هامة في الفهم العلمي. في الواقع، 44% من العلماء الذين نفذوا تكرارات غير ناجحة كانوا غير قادرين على نشرها، نحن نقصد هنا أن عملية تكرار لتجربة ما أدت إلى نتائج غير مماثلة للتجربة الأولى.هؤلاء الأشخاص الذين لا يمكنهم نشر تجاربهم المكررة غير المتوافقة، يعانون من إشكالية على مستوى وظيفتهم ومهنتهم، فأي باحث أكاديمي بحاجة إلى أعداد معينة من الأوراق البحثية التي ينشرها في السنة ونوع المجلات التي سيستهدفها، وإذا تمكن من تلبية هذه المتطلبات فسيتقدم عمله ومستقبله الأكاديمي إلى الأمام، وإذا فشل في الوفاء بها، فقد يتم إنهاء عقده.وتشجع هذه السياسة المتنامية على سوء السلوك العلمي، إذ يقول 14% من العلماء أنهم يعرفون عالمًاقام بفبركة مجموعات بيانات كاملة، و72% من العلماء يقولون أنهم يعرفون أحد الذين انغمسوا في ممارسات بحثية أخرى مشكوك فيها مثل إسقاط نقاط بيانات مختارة لزيادة حدة وجودة نتائجهم.وما الحل؟إن حل هذه الأزمة لا يعني التخلي عن مؤشرات الأداء، مثل عدد الأوراق المنشورة في المجلات ذات التأثير العالي، فالجامعات هي منظمات كبيرة ومعقدة وتتطلب مؤشرات ومعايير لتتمكن من إدارة نفسها، ومع ذلك، فإن الإفراط في الاعتماد على مؤشرات الأداء يهمل فكرة أن الاكتشاف العلمي ليس نتيجة الكفاءة الأكاديمية فحسب، وإنما أيضًا نتيجة الفرصة الخالصة.عادة ما يفضل العلماء أن يعزوا الاكتشافات التي قاموا بها كنتيجة لكفاءتهم الأكاديمية، لكن إحدى الدراسات قدرت أن ما يصل إلى 50% من جميع الاكتشافات العلمية قد تكون نتيجة للصدفة. منظم ضربات القلب، وزجاج الأمان، والتحلية الاصطناعية، والبلاستيك كلها أشياء مهمة تم اكتشافها عن طريق الصدفة.يرى بعضهم أن المجتمع العلمي بحاجة إلى نظام من أكاديميين مميزين يعترف بأن البحث الجيد لا ينتج بالضرورة أفضل الاكتشافات. أولئك الذين يفشلون في تحقيق نتائج مثيرة للدهشة هم بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على نشر نتائج دراساتهم المملة والجديرة بالاهتمام في  الوقت ذاته في المجلات عالية التأثير.أيضًا لا يجب أن يكون الفشل في إنتاج ورقة بحثية مميزة لعدة سنوات هو المعيار الوحيد الذي يستدعي طرد أكاديمي من وظيفته رغم أنه يمتاز بالكفاءة في التدريس.هناك محاولات جادة بالفعل بدأت للاعتراف بالمشكلة والعمل على حلها؛ على سبيل المثال، هناك منصة على الانترنت تسمى «Preclinical Reproducibility and Robustness»، متخصصة في نشر الدراسات المستنسخة في مجال علوم الحياة. وفي هولندا، تقدم العديد من الجامعات المسارات المهنية نحو الأستاذية للأكاديميين المحاضرين المتميزين. لكن الأمر ما يزال بحاجة إلى الكثير والكثير من المبادرات.المصدر:ساسة بوست


займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock