النشاط البدني و أثره على التعلم
كلّ منا يذكر التمارين البدنية الصباحية في المدرسة وأثرها في تحسين المزاج للدخول الى الحصة الصفية و التهيؤ لإستقبال و استيعاب المعلومة بشكل سليم. فهل عشت تجربة تعليمية خلال برنامج لنشاط بدني أو بعده؟ هل كان لهذا النشاط أثر في تحسن المزاج للدراسة او في تحسين عمليات التذكر و التركيز و الاستيعاب؟
فهل للنشاط البدني أثر في التعلم؟
هذا سؤال مهم طرحه التربويون وما زالوا يطرحونه من خلال الدراسات الإمبريقية على عينات مختلفة من الطلبة، وفي هذا المقام نسلط الضوء على أهمية النشاط البدني في نمو الطفل المعرفي، وما لهذا النشاط من أثر في تحصيل الطفل وزيادة فاعلية وظائفه المعرفية كالانتباه، الإدراك، التذكر، وحلّ المشكلات.
قبل البدء بعرض بعض نتائج الدراسات حول أثر النشاط البدني على تعلم الطفل لابد من تعريف بعض المفاهيم الأساسية المرتبطة بهذا الموضوع:
التعلم، عملية نشطة و تفاعلية تحدث في السياق الثقافي و الاجتماعي للطفل فتحدث تغيراً في سلوكه وفي منظومته المعرفية و كذلك في مهاراته واستجاباته العاطفية. من خلال التعلم يمكن للطفل التأثر و التأثير في بيئته الثقافية و الاجتماعية و بالتالي في سلوكه كجزء من عملية التعلم.النشاط البدني، أي حركة جسدية تزيد من استهلاك الطاقة البدنية بمستوى اعلى من المستوى الاعتيادي. ويمكن اعتبارها بأنها سلوك ثقافي بيولوجي يعمل على استهلاك الطاقة البدنية في سياقات و اشكال ثقافية مختلفة. فمن خلالها يتعلم الطفل الحركة و التنقل. التمرين هو جزء فرعي من النشاط البدني ويمكن تعريفه على انه نشاط بدني مخطط له، منظم، و متكرر.الوظائف المعرفية، هي عمليات الإنتباه و الإدراك و التفكير للمدخلات الحسية و تنظيمها و تخزينها و توظيفها في عمليات التعلم. اما الوظائف التنفيذية هو مفهوم يشير الى تنسيق و مراقبة و تنظيم العمليات المعرفية وهي مسؤولة عن وضع الأهداف و التخطيط و تنظيم الوظائف المعرفية لتحقيق الأهداف، وهي مهام أساسية من أجل اتخاذ القرارات و حلّ المشكلات و كذلك التعلم بمفهومه العام.
العلاقة بين النشاط البدني و التحصيل الدراسي
هناك العديد من الدراسات التي استهدفت أثر النشاط البدني على التحصيل الدراسي، اكتشفت هذه الدراسات العلاقة الارتباطية الايجابية بين النشاط البدني والتحصيل الدراسي، فعلى سبيل المثال، قامت هذه الدراسات بقياس درجات الأطفال قبل وبعد إدخال برنامج لنشاط بدني (لياقة، مشي، سباحة،..) وكانت نتائج هذه الدراسات على النحو التالي:
كشفت نتائج دراسة هولر وزملائه التي أجراها على عينة من الأطفال أن ادخال نشاط بدني على برنامج تعليم الأطفال قد ساهم بشكل كبير فيتحسين درجات الأطفال في مادة الرياضيات
أجرى شيبرد (Shephard & etal,1994) دراسة طولية استمرت عامين متتاليين على عينة من الطلبة، تعرضوا لبرنامج إضافي في اللياقة البدنية، ومقارنتهم مع عينة ضابطة لم تتلقى هذا البرنامج، ومعرفة أثر ذلك على التحصيل الدراسي، وكانت أهم نتائج الدراسة أن متوسط التحصيل الدراسي للأطفال في العينة التجريبية الذين تلقوا البرنامج التدريبي البدني أعلى بشكل ملحوظ في التحصيل الدراسي مقارنة مع الطلبة في العينة الضابطة الذين لم يتلقوا دروس اضافية في اللياقة البدنية.
من نتائج الدراسات المذكورة، نجد أن لبرامج اللياقة البدنية و النشاطات البدنية بشكل عام أثرها في تحسين التحصيل الدراسي عند الأطفال. وبذلك فينبغي الأخذ بتوصيات الدراسات السابقة في هذا المجال، وإدخال نشاطات إضافية في اللياقة البدنية ضمن البرامج المدرسية لتتكامل عند الطفل هذا النمو المعرفي و الجسدي معاً.
العلاقة بين النشاط البدني و الوظائف المعرفية لدى المتعلم
أظهر النشاط البدني تأثيراً ايجابياً على العمليات و الوظائف المعرفية للطفل، الذاكرة، الانتباه، العمليات المعرفية العامة، و على مهارات حلّ المشكلات. ففي أبحاث عملية قام بها متخصصون وجدوا أن زيادة النشاط البدني لدى الطفل كان له أثر ايجابي في تحسين نتائج الاختبارات وخصوصاً في الاختبارات التي تتطلب وظائف تنفيذية وتذكر عال المستوى.
كشفت نتائج دراسة هيلمان وزملائه تحسناً ملحوظاً في القراءة والإستيعاب بعد 20 دقيقة من المشي على الأقدام في الهواء الطلق.
يقول البروفسور هالويل (Hallowell) المتخصص بالأعصاب و التعليم، ان التمرين البدني يعمل على” زيادة تدفق الدم الى الدماغ و بالتالي تحفيز مركبات كيميائية تساعد في تغذية و نمو الخلايا العصبية التي تجعل الدماغ يعمل بأقصى طاقته” و يضيف أن ” التمرين الرياضي هو أجمل هدية يمكن ان تقدم الى الأطفال و المتعلمين الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه Attention Deficit Disorder “(4)
.
المصدر:
مواقع