«باجو» مدينة كاملة للكتب
مكتبات خاصة وعامة معتادة يذهب الناس لها للشراء أو لقراءة الكتب، مكتبات أكبر كالموجودة بالجامعات والملحقه بمراكز الأبحاث، مكتبات أخرى كبيرة للغاية كمكتبة الكونجرس والمكتبة الوطنية الروسية، والمكتبة الوطنية الصينية، ومكتبة لندن تُعد من معالم المدن والبلاد، ولا يوجد منها اللا مكتبة أو اثنين في كل بلد.
تلك قد تكون تغطية مبسطة لأنواع مراكز بيع ومطالعة الكتب حول العالم من حيث العدد الذي يمكن أن تحتويه من الكتب.
إلا أنه وفي عالمنا العربي تحديداً لا توجد المكتبات بأحجامها وأنواعها المختلفة فقط، لكن توجد أسواق كاملة للكتب، أسواق مثل سوق “الأزبكية” و”أبو ريش” في مصر، شارع المتنبي بالعراق، و”نهج الدباغين” بتونس، تلك الأسواق التي تباع فيها الكتب المستعملة رخيصة الأثمان والنادرة ذات الطبعات القلية أو النافذة من المكتبات، حيث يلجأ لتلك الأسواق شباب الجامعات والقراء المحبين والباحثين عن كتب محددة ولم يجدوها في المكتبات المعتادة.
على مستوى أكبر من المكتبات وأسواق الكتب توجد “باجو” أو “عاصمة النشر في كوريا” كما يكنيها البعض، تلك المدينة الكورية التى تعمل كاملة في صناعة وطباعة ونشر الكتب.
فلك أن تتخيل أن كل من ستقابلهم داخل تلك المدينة يعمل في مجال له علاقة بصناعة الكتب، حيث تمتلك المدينة أكثر من 150 مبنى كبير له علاقة بالكتب وصناعتها، وحيث تحتوى تلك المباني على أكثر من 250 داراً للنشر، وحيث يسكن وعمل في تلك المباني ودور النشر قرابة الـ10 آلاف شخص.
تقع مدينة باجو على بعد 20 ميلاً شمال سيول وقد تم انشاءها عام 1989 على يد مجموعة من الفنانين والناشرين والذين سعوا لصنع مكان مثالي يجمع كل ما له علاقة بالكتب وصناعتها في مكان واحد، ما سينتج عنه تقليل في الوقت والمجهود اللازم خلال مراحل تلك الصناعة، ونتيجة هذا ستكون أسعار الكتب في هذا المكان غير مكلفة مقارنة بالمكتبات خارجه، الأمر الذى شجع حركة الثقافة ودعم قراءة الكتب في كوريا الجنوبية بشكل كبير.
تبلغ مساحة مدينة الكتب في باجو مليونا و500 ألف متر مربع تقريباً، وقد تم بناء تلك المدينة في مجتمع ريفي حيث حقول القَصب على امتداد النهر، تتمتع تلك المدينة – وبخلاف المكتبات – بعدد كبير من المراكز الثقافية الومعارض وقاعات المناقشات الثقافية، فنشاهد على جدولها الكثير من المنتديات الثقافية العالمية والتي يجتمع فيها الكتاب والمثقفون من مختلف دول العالم لمناقشة أهم القضايا المثارة.
هذا الجدول الذي يصبح مزدحم للغاية مع حلول موعد مهرجان المدينة السنوي “بوك بانسوري”، حيث يستقبل هذا المهرجان قرابة النصف مليون زائر؛ ليستمتعوا ويتابعوا أكثر من 200 فعالية ثقافية خلال أيامه التسعة.
يعبر جان كلوفستاد رئيس بلدة “بوك باين” للكتب في النرويج عن اعجابه بهذه الفكرة كثيرًا، كون المدينة قد بنيت بأيدي الكتاب والناشرين أنفسهم هؤلاء الذين يملكون إيمانا قويًا بالكتب المكتوبة ، ويعتقد جان أننا سنرى المزيد من المشاركات الدولية في هذه المنطقة خلال سنوات قليلة.
تتميز مدينة باجو بجمال الطبيعة المحيطة: حيث تحيط مرتفعات وجبال “شيم هاك” بالمدينة، وأمامها ينساب نهر “الهان” صانعاً من المدينة لوحة فنية شديدة العذوبة. كذلك تتميز المدينة بمعمارها الفريد، وبواجهات مبانيها المميزة، وكيف لا وقد شارك في تصميم مبانيها وتنفيذها كل الأسماء الشهيرة في مجال المعمار في كوريا، ولذلك نجد الكثيرون الذين يزورنها استمتاعاً بروعة الفن المعماري وجمال الطبيعة الريفية المحيطة بها.
في النهاية هل «باجو» هى مدينة الكتب الوحيدة بالعالم؟
الإجابة لا، فتوجد الكثير من تلك المدن والقرى التي ارتبط اسمها بشكل أو بآخر بالكتب، هذه المدن والقرى التي بدأت بقرية “هاي ون واي” في ويلز بالمملكة المتحدة البريطانية، تلك القرية الصغيرة التي يعمل كل أبنائها في صناعة وبيع الكتب، حيث تمتلئ القرية بدور النشر والمكتبات والمقاهي المزودة بالمكتبات، وأسواق بيع الكتب المستعملة، وقاعات العرض الفنية، وحيث يقام بتلك المدينة مهرجان سنوي للكتب.
كانت بداية قرية “هاى ون واى” في الستينات حيث كان يسكنها ذلك الصبى المغرم بجمع الكتب القديمة المكتوبه بخط اليد “ريتشارد بوث”، وحيث تحولك القرية على يديه لهذا المركز الثقافي الذي يُنصح أى شخص مسافر لبريطانيا بزيارته.
ومن وحي هذه الفكرة بدأت دول، مثل: هولاندا وفرنسا وبلجيكا، في بناء مدن وقرى تحمل هذا الطابع والشكل. ومن تلك المدن كانت مدينة “باجو” الكورية.
المصدر:
ساسة بوست