أول رائد فضاء مسلم في بريطانيا يسعى لتحقيق هذا الهدف.. تفوق على آلاف المتسابقين من 90 دولة
بالنسبة لمعظم الأشخاص الذين يذهبون إلى الفضاء، الأمر بمثابة حلمٍ يتحقق. لكن بالنسبة للرجل الذي سيصبح أول رائد فضاء مسلم في المملكة المتحدة، الأولوية الأولى هي السعي نحو جعل العالم مكاناً أفضل.
من المقرر أن ينطلق حسين مناور (25 عاماً)، من مدينة إلفورد بمقاطعة إسيكس في إنكلترا، إلى الفضاء عام 2018 بعد توديع الآلاف من المتسابقين الآخرين من أكثر من 90 دولة شاركوا في برنامج المواهب “النجم الصاعد” لوكالة كروغر كاون بلندن.
مناور، الشاعر والمسؤول عن جمع التبرعات لبعض الأعمال الخيرية، ومؤسس وكالته الإبداعية الخاصة، أهدى فوزه لكل من عانى من اضطرابات الصحة العقلية، وقال إن لديه مهمة كبيرة في الحياة.
وقال مناور لصحيفة الغارديان البريطانية: “لم يكن طموحي أبداً (الذهاب إلى الفضاء)، لكني شعرت بأنني لم أكن أساهم بما فيه الكفاية تجاه هذا العالم. وصلت لمرحلةٍ اعتقدت فيها أننا ما زلنا عاجزين عن تقديم المزيد لهذا العالم بالعديد من الطرق المختلفة”.
وأضاف: “عندما علمت بالمسابقة قلت: أعطوني الفرصة، ولنرى ما سيحدث. المسابقة بمثابة منصة بالنسبة لي لسبر أغوار بعض المشكلات، وهذا ما أرى أنه يجب أن تكون عليه مسابقةٌ كهذه. ما أثر في هو ضرورة أن تكون شخصاً ما ذا تأثير ليأخذك الناس على محمل الجد، وتترك أثراً في حياتهم”.
ركّزت كلمات مناور في مسابقة “النجم الصاعد” لوكالة كروغر كاون على الصحة العقلية؛ فبدءاً من أول فيديو له في المسابقة، حتى كلمته الأخيرة، ألقى مناور قصيدة حول الاكتئاب وإيذاء النفس، ورثى فيها نفسه قائلاً: “أنا لم أُخلق لهذا الكوكب”.
أكبر درس عن الصحة العقلية
يخطط مناور لإصدار شريط يضم شعره حول الصحة العقلية، وسيحاول في مارس/آذار 2017 أن يسجل رقماً قياسياً عالمياً لأكبر درس عن الصحة العقلية، بحضور 1000 طالب وطالبة من 30 مدرسة من جميع أنحاء المملكة المتحدة، في مسرح هاكني إمباير بلندن.
يدعم مناور بكامل طاقته حملة لتدريس الصحة العقلية لأطفال المدارس، لكنه يرى أن المعلمين يقومون بعملهم تحت ضغوطٍ كافية، ولذلك هم بحاجة إلى مساعدةٍ خارجية في هذا الأمر.
حتى قبل فوزه بالسفر إلى الفضاء في المسابقة، كان مناور قد جمع الآلاف من الجنيهات لصالح الجمعيات الخيرية، وأعطى دروساً حول التنمُّر الإلكتروني في 400 مدرسة، ولديه قناة ناجحة على يوتيوب، باسم Hussain’s House، تعرض مقابلاتٍ مع الممثل الكوميدي كيفن هارت، ومغني الراب جي-إيزي، وشارلمان مذيع الراديو، وكان مناور أحد حاملي شعلة دورة الألعاب الأولمبية في لندن.
وقال مناور إنَّه يرى أن هذه المسابقة للسفر خارج علامة الـ100 كيلومتر في المركبة الفضائية لينكس، التابعة لشركة XCOR للفضاء الجوي، وسيلةٌ لأخذ حملته إلى مستوى آخر. أُجريت هذه المسابقة بالتعاون مع جمعية “وان يانغ وورلد”، وهي منبر للمتطوعين في سن 18-30 عاماً، بدعم من شخصياتٍ بارزة مثل الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان.
وأضاف مناور: “لم أعتقد أبداً الفوز بهذه المسابقة، اعتقدت فقط أنه يمكنني تخطي مراحل قليلة من شأنها أن تسمح لي بمرافقة بعض الناشطين في المجال الإنساني، وأنهم سيتعاملون مع طموحاتي بشكلٍ أكثر جدية. كان هناك بوب جيلدوف، وفاطمة بوتو، ممن خدموا في مجال العمل الإنساني في باكستان. أريد استضافة بعض اللقاءات مع الأشخاص المؤثرين عالمياً لإحداث التغيير”.
ارتفعت مكانة مناور بين العامة منذ فوزه في المسابقة. وتصدَّر الفيديو الدعائي الخاص بإطلاق خدمة مترو الأنفاق الليلية في لندن المعروفة باسم “نايت تيوب”، وتمكن مناور من لقاء بعض القادة السياسيين وأفراد الأسرة المالكة، وألقى خطاباتٍ في جميع أنحاء العالم، كل هذا وسط تلقيه التدريب الخاص بالسفر للفضاء.
أصبح مناور أيضاً واجهةً للمسلمين في الوقت الذي تتزايد فيه إجراءات التدقيق مع معتنقي الإٍسلام. وصرح مناور في كلمة الفوز قائلاً: “اسمي حسين، وأنا لست إرهابياً”، في إشارةٍ إلى الجملة الشهيرة من فيلم بوليوود “My Name is Khan”، الذي عُرض عام 2010.
وأضاف مناور: “شيءٌ ما أثار ضجةً في رأسي وقلت لنفسي: العالم يشاهد شخصاً مسلماً يفوز بجائزة، وأنا أريد أن أقول شيئاً ذا معنى، من الجيد أن يرى الناس الجانب الإيجابي للإسلام الذي يُغفلونه كثيراً”.
في الوقت نفسه، لا يريد مناور أن يطمس دينه رسالته الملحة، إذ قال: “بالنسبة لي، من الواضح جداً أننا ما زلنا عاجزين عن التعامل مع الصحة العقلية في هذا العالم. إذا تمكنَّا من معالجة هذا الأمر، سوف تُحَل الكثير من المشاكل”.
هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية