فايز الهاجري يكتب: تطوير التعليم والواقع الاليم
قد لا اكون متخصص في المجال التربوي او اعداد المناهج ، لكني بلاشك مطلع على العديد من الحقائق والابحاث العلمية ، لذا ما المانع من ان ابدي وجهة نظري المتواضعة كطالب عانى من طبيعة مناهجنا الدراسية وطريقة تطبيقها عملياً .
للأسف الشديد التعليم في دولتنا الحبيبة يعاني من عوائق عديدة ، لذا من الطبيعي ان لا تكون نتائج مخرجاته سعيدة ، فأين يكمن الخلل وماهي الحلول والبدائل المتاحة ؟
كطالب ارى ان هناك تعمد في استمرار الوضع على ماهو عليه ، فقبل ان نطرح افكارنا لتطوير التعليم ، هناك نماذج تعليمية حيه ومبهرة ومطبقة في العديد من الدول المتقدمة والمتطورة ، فأن لم تستطع قياداتنا التربوية انتاج نموذج فريد بذاته ومستقل ، فليس عليها الا اتباع تلك النماذج التي اثبتت جدارتها وتميز مخرجاتها .
يقول المثل اعط الخبز للخباز ولو اكل نصفه ، لكن ربعنا ينطبق عليهم مثل اخر واللي يقول باب النجار مخلع … فلأصلاح منظومة التعليم ككل لابد من توسيد الامر لأهله ، فدولة تمتلك تعليم متميز لاشك ان مستقبلها سيكون باهر على مختلف الصعد .
لذا لابد من اصدار تشريعات تنص على ان القيادات التربوية يجب ان تكون ذات اختصاص وخبرة علمية ، لا ان يكون التعيين فيها وفق المحسوبية والمحاصصة والمحاباة ، كما يجب ان يتم انشاء مجالس في مختلف ادارات التعليم تضم نخبة اهل الخبرة والاختصاص ، كل نخبة في مجالها الذي تبدع فيه ، ومن خلال هذه المجالس يتم تعيين وانتخاب رؤساء ووكلاء وزارة التعليم كلاً في مجاله ، اي ان هذه الوزارة تحديداً حتى منصب الوزير فيها سيكون بالانتخاب لا التعيين ، وبالتالي نضمن استقلال هذه المؤسسة او الوزارة التعليمية ، فتعليم لايملك الحرية في رسم خططه ووضع رؤاها ، ثقوا تماماً انه سيظل حبيس الوضع القائم .
وبصراحة من ثاني متوسط الى اليوم ، لم ادرس دراسة طبيعية لظروف صحية مررت بها ، ولله الحمد والمنه كتب لي الشفاء منها ، لكني في تلك الفترة مررت بكل انواع التعليم ماقبل الجامعة ، فأكتشفت ان تعليمنا يفتقد لمهارات تطوير الذات ويكبح جماح الفكر ، كون المنهج في اغلبه قائم على التلقين والحشو ، فتجد ابنائنا وبناتنا يعانون من بلادة في التواصل مع الاخرين ، او في التعامل مع الحياة واعباءها بعد التخرج ، واني بت اشك ان هذا النوع من التعليم هادم لشخصية الاجيال ، وان العزوف عنه قد يكون اجدى وانفع ، فالعقل البشري يملك قدرات هائلة تحتاج لمن يكتشفها ويطلقها من عقالها ، فكم من شاب لو انه تلقى التعليم المناسب لأبدع وتعلق بالدراسة ، لكن هذا النفس المهيمن على مناهجنا ، بات طارد ومنفر لأبنائنا بساديته المستمرة وكلاسيكيته المملة .
قد لا اكون ابن بار ووفي لهذا النظام التعليمي القائم ، فلم اقيد عقلي به وهجرته ملياً ، ولم اسعى للمضي معه منذو زمن بعيد ، لكن قلبي على ابناء وطني ولخشيتي على مستقبلهم ، ادعوا الجميع لتعامل بجدية وبمسؤولية رجال دولة مع هذا الملف المهم للغاية .
هذا وقد اكون صغير بالسن ، لكني بالفعل املك مكتبة منزلية تمتاز بكمها وكيفها ، وهو الامر الذي اغناني عن ذاك المنهج الذي سئمت مجاملته طويلاً ، فالكتاب المدرسي لم يكن يغريني لقراءته كونه مفروض علي التقيد به تلقينً لا فهمً .
وهاهو ستيف جوبز يحاضر على طلاب احدى كبرايات الجامعات الامريكية ، ويفجر مفاجأة مدوية امامهم ، ويقول ان الذي يحاضر بكم اليوم لايملك شهادة جامعية ، فلقد فشلت بالدراسة الجامعية ولم استطع التأقلم معها ، فرأسي كان مليء بالمشاريع الاخرى ولم اكن مهيء لأكمال تعليمي .
فالحياة اوسع من ان تحتويها مناهج التعليم ، فمالفائدة من انتاج جيل اقرب مايكون لربوتات مبرمجة ، وفي خارج نطاق العمل والاختصاص يكون فاشل مجتمعياً ، سواء من حيث التعامل مع الاخرين او من خلال مواجهته لأعباء الحياة .
ان التحلي بالمرونة وتفهم الوضع القائم هو مطلبنا الاساسي ، فنحن لاننطلق بطرحنا هذا من عداوة شخصية مع احد ، بل نستند على واقع مرير ملموس وحقائق من الصعب طمسها ، ومن مصلحة الدولة العامة ان لاتهدر اموالها على الهباء والخواء .
طبتم اينما كنتم
اخوكم / فايز سعد الهاجري
مبتكر وكاتب كويتي