كتاب أكاديميا

بدر البحر يكتب : هارفرد.. وجامعتنا الحرم المستباح

نبارك لمن وفقهم الله لنيل أمانة المقعد النيابي، ونذكرهم أن الحنث باليمين جرم يعاقب عليه الله سبحانه، وسوف نلاحقهم به نحن أيضا، ونذكرهم بالعمل الجاد لنصرة دين الله والذود عن مصالح الأمة، وليس مصالحهم واحزابهم وطوائفهم.

* * *

لطالما استعنا بحقيقة الخلق كي نثبت ما نريد قوله بين السطور، وليس أغرب من أن نتقلب نتائج الفحص الجيني بين الانسان والقرد، الشمبانزي، فالفرق بينها لا يتعدى ١ إلى ١.٥٪، إعجاز في الخلق يجعلنا نؤمن أنه ليس كل ما تشابه بالخواص تطابق بالوصف والأداء.

فيوم أمس من عام ١٦٠٧ يصادف مولد رجل الدين القس جون هارفرد، مؤسس جامعة هارفرد، إحدى أقدم وأعرق الجامعات الاميركية، وصاحبة أكبر أصول وأوقاف، ومقرها في ولاية ماستيوشس. أسسها جون عام ١٦٣٦، وتوفي بعدها بسنتين بعمر ٣١ عاما، بعد أن وضع لبنة قام على أساسها أضخم صرح أكاديمي وأيقونة العلم الحديث. لم تكن لهارفرد أن تتقلد هذه المكانة لولا متانة الأسس التي قامت عليها، وصرامة ودقة القوانين التي تنظمها، وأخلاق وطموح مؤسسيها، وأمانة وكفاءة طاقمها العلمي، مما جعل الناس تؤمن برسالتها لتستقطب أوقاف المتبرعين أكثر من أي جامعة أخرى.

وعلى ذكر اوجه الشبه والفرق، فاليوم يصادف ذكرى قيام الأمير الراحل الشيخ صباح السالم طيب الله ثراه بافتتاح جامعة الكويت عام ١٩٦٦، التي صدر مرسوم إنشائها في أبريل، وبدأت فيها الدراسة في ١٥ أكتوبر من العام نفسه، وكانت صرحا شامخا ومنارة للعلم في دول الخليج في السابق، ولكننا اليوم لا نستطيع أن نفخر بجامعة الكويت كما قديما، فهي أحيانا تتعرض للتدخلات السياسية والحزبية والطائفية، سواء في تعيين مدير الجامعة الذي قد يأتي من خارج لجان الاختيار، وكذلك نوابه والحال نفسه للعمداء ومساعديهم.

أين الجامعة من خدمة المجتمع، نحن لا نتحدث عن كورسات هزيلة تقدم بين الحين والآخر، بل أينها من خدمة العلم والبحث لقيادة التطور والرقي بالتنمية الحضارية والاجتماعية والسياسية، كما هي الحال في دول العالم المتحضر؟ حيث لا نرى الا تفرغا علميا للدكاتره للحصول على ضعف الراتب والسياحة والسفر. فها قد مر علينا حدث ضخم كالانتخابات البرلمانية، فأين التوعية المجتمعية والقانونية، بعيدا عن تدخلات بعض الدكاتره لدعم مرشحين بدافع قبلي أو طائفي أو حزبي؟

فالجامعة يشتبه بوجود بعض الأساتذة فيها بشهادات مضروبة شكل لها الوزير لجنة مؤخرا، جامعة ينخر الفساد بعض ممارساتها وبعض أساتذتها، جامعة تئن من شعب مغلقة وأخرى مرتبة لملء جيوب الاساتذة في الفصل الصيفي، جامعة تئن من مرافق متهالكة، ولما انتظرنا فرع شدادية جاءت الحكومة لتنتزعه ظلما منها.

جامعة صارت حاضنة لتدخلات خارجية حزبية وقبلية، فكل من الاحزاب الدينية له قوائمه الطلابية وقوائمه من أعضاء هيئة التدريس ومن موظفين، وكل قبيلة صارت علنا ترشح من يمثلها من القوائم، وبعض نواب مجلس الأمة على مرأى ومسمع الجميع يتدخلون بالتعيينات!

الآن سنكون قادرين وبسهولة على ايجاد الفرق بين جامعة هارفرد وجامعة الكويت.. ذلك الحرم المستباح.

* * *

إنشاء مزارات العبدلي يشق الوحدة الوطنية، ويعكر صفو الوئام المجتمعي، ويبذر بؤرة طائفية نحن في غنى عنها يا حكومة.

* * *

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
بدر خالد البحر

[email protected]
القبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock