قسم السلايدشوكتاب أكاديميا

حصص التنمية للمتعثرين دراسيا: فكرة صحيحة بقرار خاطئ تطبيقيا! بقلم د. زيد نزال الزيد

 

أكاديميا|
عزيزي القارئ، سواء كنت قيادي أو من الهيئة التدريسية بوزارة التربية أو حتى مهتم بالشأن التربوي، أرجو الإنتباه لهذه المقالة المختصرة لأنها ستضع النقاط على حروف الأخطاء بالممارسات التربوية فيما يخص القرار الأخير بحصص “التنمية للمتعثرين دراسياً” من الطلاب بمدارس التعليم العام الإبتدائية الحكومية وذلك لكي يتم تصحيح الخطأ ومعالجته لتحقيق الإصلاح والتحسين في العملية التعليمية بدولتنا الحبيبة الكويت.
أولاً، إن الخطأ بقرار وزارة التربية الخاص بتخصيص حصص التنمية للطلاب المتعثرين دراسيا تم تنفيذه ميدانيا في المدارس دون دراسة مستفيضة من منظور تربوي قائم على الأطر العلمية والدليل المثبت علمياً. ولهذا أوجز لكم الأسباب التي ترتب عليها حدوث تطبيق هذا القرار التربوي بشكل خاطئ كالآتي:
(١) إن وزارة التربية متمثلة بقطاع التعليم العام بمختلف المناطق التعليمية لم تحدد من هم المتعثرين دراسيا من الطلاب بالمرحلة الإبتدائية بشكل علمي يتوافق مع المسميات والفئات الصحيحة المتفق عليها علمياً في حقل التعليم. لذلك حدد هذا القرار تصنيفها بمسمى عام كمتعثرين دراسياً، وهذا لم يحدد من خلاله المشكلات أو الأسباب التي أدت لتعثر الطلاب دراسياً.
(٢) أُسند تدريس الطلاب المتعثرين دراسياً لرؤساء الأقسام بكل مدرسة، علما بأن معلمي الصفوف أكثر علماً بحالة ومستوى الطلاب من أي شخص آخر في المدرسة لأن المعلم أو المعلمة هو من قام بالتدريس والتقويم للتحصيل العلمي لهؤلاء الطلاب حسب المنهج التعليمي لكل صف دراسي بالمرحلة الإبتدائية، بالإضافة إلى أن تكليف رؤساء الأقسام للمواد العلمية لا يندرج ضمن المهام الأساسية لعملهم كما هو منصوص عليها بقرارات تربوية أخرى. لذلك تكليف رؤساء الأقسام بمعالجة الطلاب المتعثرين دراسياً بما يسمى بحصص التنمية للمتعثرين يعتبر خطأ جسيم لا يصدر إلا من قيادات تربوية غير متخصصة تربويا.
(٣) تخصيص حصص تنمية للمتعثرين بواقع إضافة حصة سابعة خلال اليوم الدراسي الواحد، علما بأنه مخالف للوثيقة التعليمية المقررة لهذه المرحلة التعليمية، هو بحد ذاته خطأ آخر ينم عن مستوى معرفة القيادات التربوية بوزارة التربية حول معالجة وتحسين تعلم الطلاب المتعثرين دراسياً وتحصيلهم العلمي والدراسي، حيث أن هذه الحصة الإضافية وضعت دون وضع خطة تربوية فردية لكل طالب متعثر دراسيا. علما بأن الهدف من وراء تخصيص فترة دراسية لمعالجة المتعثرين دراسيا من الطلاب تكمن بتحديد مكامن الضعف وأسبابها ومن ثم التخطيط بشكل علمي لمعالجتها وتنفيذها بشكل علمي صحيح لكي تتحسن مخرجات تعلم هؤلاء الطلاب المتعثرين دراسيا.
(٤) إن السبب بتسمية هذا النوع من التعليم ب”حصص التنمية للمتعثرين” غير تربوي إطلاقا، خصوصا وأن مصطلح “تنمية” يستخدم بالمجال الإداري الفني أكثر منه في مجال تعليم التلاميذ، ولذلك بأن المتعثرين دراسيا كمصطلح مستخدم في حقل التعليم المدرسي يتطلب استخدام مصطلح “المتعثرين دراسيا” فقط- دون الإشارة لمصطلح تنمية- كما هو مستخدم في الأدبيات والبحوث التربوية. ولكن من وجهة نظري السبب وراء استخدام مسمى تنمية يشير إلى أن صانع ومتخذ هذا القرار التربوي ليس متخصص في التعليم المدرسي، وهنا تكمن المشكلة في إصلاح نظام التعليم المدرسي عندما يوعز الأمر لغير المتخصصين تربويا من ذوي الخبرة في العمل الأكاديمي والبحوث التربوية العلمية.
ثانيا، ومن هنا أنصح وزارة التربية وتحديدا القيادات التربوية التي صنعت واتخذت قرار تخصيص حصص التنمية للمتثعرين دراسيا بأن تصحح من مسارها بهذا الشأن من خلال إعادة دراسة هذا القرار المعيب ومن ثم التخطيط له والتطبيق بشكل صحيح لهذا النوع من التعليم المقصود به المعالجة التعليمية التي يفترض به أن يهدف إلى التقوية بمستوى التحصيل العلمي للطلاب المتعثرين دراسيا. ولهذا أقدم للقيادات التربوية بوزارة التربية بعض التوصيات التي يجب وضعها بعين الإعتبار عند إعادة النظر بهذا القرار كالآتي:
(١) تحديد الطلاب المتعثرين دراسيا من حيث الموضوعات العلمية لكل وحدة دراسية ضمن المنهج التعليمي لكل صف دراسي بالمرحلة التعليمية الإبتدائية، بحيث يتم تحديد الأهداف لكل وحدة دراسية تعثر الطلاب بها دراسيا مما جعلت منهم متأخرين عن باقي الطلبة بنفس الصف الدراسي.
(٢) الوقوف عند أسباب المشكلة التي تعثر من خلالها الطلاب دراسيا لوضع خطة المعالجة التعليمية ذات الأساليب والطرق المناسبة لتقويتهم وفقا للمارسات التعليمية المثبتة علميا.
(٣) تخصيص حصة دراسية واحدة كل أسبوع لمعالجة التعثر الدراسي لدى الطلاب، حيث يفضل بأن تكون بنهاية الاسبوع ووضعها في يوم الخميس مع الأخذ بالاعتبار تقصير اليوم الدراسي بهذه الفترة. وهذا يتم من خلال إنهاء اليوم الدراسي ليوم الخميس مبكرا بالنسبة للطلاب غير المتعثرين دراسيا، والاحتفاظ بالفترة الأخيرة من يوم الخميس كحصة دراسية أخيرة بجدول هذا اليوم المدرسي لتقديم حصة معالجة تعليمية لتقوية الطلاب المتعثرين دراسيا، حيث يقوم معلمي الصفوف بتدريس هؤلاء الطلاب المتعثرين دراسيا وفقا لتقييمات سابقة أثناء أيام الأسبوع الدراسي (من الأحد إلى الأربعاء) في المدرسة.
(٤) وضع خطة تعليم فردية لكل مجموعة من الطلاب المتعثرين دراسيا لديهم خصائص متشابهة ضمن مجموعات متجانسة لا تزيد كل مجموعة عن عشرة طلاب حيث يتم معالجة تعثرهم الدراسي وفقا لأهداف محددة قصيرة المدى تحقق خلال حصة المعالجة (التقوية) لكل صف دراسي في كل يوم خميس من الأسبوع الدراسي في المدرسة. ومن هنا يجدر بنا تنبيه وزارة التربية بأن لا تكون حصص تقوية الطلاب المتعثرين دراسيا ما بعد اليوم المدرسي لأن الدراسات العلمية في هذا الجانب أثبتت بأن هذا النوع من التعليم ما بعد اليوم المدرسي ليس له تأثير في العملية التعليمية ولذلك لا ينصح به إطلاقا.
(٥) تقييم كل خطة تعليم فردية أسبوعيا للوقوف على أوجه التحسين والضعف في مخرجات تعلم الطلاب المتعثرين دراسيا بهدف وقفها أو استمرارها لكل حالة على حده.
أخيرا، أتمنى ما عرضته لكم من أسباب أدت لتطبيق قرار تخصيص حصص التقوية للمتعثرين دراسيا من الطلاب في مرحلة التعليم الإبتدائية وكذلك التوصيات ينظر لها بحرص ودراستها والإستفادة منها لتحقيق المصلحة العامة تجاه تحسين ومخرجات تعليم أبناؤنا وبناتنا الطلاب بدولتنا الحبيبة الكويت لأن الهدف من التعليم ليس فقط خلق جيل لديه مؤهل دراسي بل أن يكون لدينا جيل قادر على المشاركة في صناعة التقدم والإزدهار في بلدنا الحبيبة الكويت لتكون في مصاف الدول المتقدمة.

والله من وراء القصد…

د/ زيد نزال الزيد

كلية التربية – جامعة الكويت

Twitter: @dr_zaid_edu

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock