تعرَّف على 5 من أبرز المترجمين العرب المعاصرين
يعتقد البعض أن الأمانة في الترجمة تقتصر على الكلمات والمعاني، لكنَّها تهم روح الكتاب من خلال المحافظة على جماليته وطابعه الأدبي. وتشمل الترجمة أيضًا حتَّى الشكل الخارجي والرسوم التوضيحية، والرموز وغيرها، كما أنَّ على المترجم أن يحترم تجزئة النصّ كما أراد مؤلِّفه، نحن إذن أمام مهمَّةٍ شاقة لا تقل صعوبةً وأهميةً عن العملية الإبداعية نفسها.دوستويفسكي، إيكو، نيتشه، وسارتر، وكامو، ويوسَّا، وماركيز، وغيرهم الكثير، كلهم أدباء وفلاسفة ومفكرون كبار غيرت أعمالهم الكثير من المفاهيم، وساهمت في تنوير أجيال متلاحقة في جميع أنحاء العالم. أنت العربيّ، ألم تتساءل عند قراءة أعمالهم عن «جنود الخفاء» الذين نقلوا هذا الفكر إلى اللغة العربية؟في هذا التقرير نتعرَّف على أبرز المترجمين العرب المعاصرين، الذين ساهموا بمجهوداتهم الكبيرة في نقل أدب العالم وفكره إلينا، وإن كانوا محرومين نوعًا ما من التقدير والشهرة التي يستحقونها.
سامي الدروبي وعبقرية دوستويفسكي بالعربية
ترجمت أعمال عبقري الأدب الروسي فيودور دوستويفسكي أكثر من مرَّة، لكنّ أشهر الترجمات العربية تبقى تلك التي عمل عليها الأديب والناقد والمترجم والدبلوماسي السوري سامي الدروبي.ولد المترجم السوري في مدينة حمص عام 1921، درس الفلسفة في مصر ثم عاد منها إلى سوريا ليعمل أستاذًا للفلسفة، قبل أن يغادر إلى باريس بين عامي 1949 و1952 لتحضير الدكتوراة في الفلسفة، ثم العمل بعد ذلك أستاذًا في علم النفس بسوريا.وقد كان الدروبي عضوًا في حزب البعث، فتقلد عدة مناصب وزارية ودبلوماسية، إذ عين وزيرًا للتربية، وسفيرًا لسوريا في المغرب ويوغوسلافيا، ومندوبًا لبلده في جامعة الدول العربية.حمل الدروبي على عاتقه مهمَّة ترجمة الأعمال الكاملة لفيودور دوستويفسكي، التي صدرت في 18 مجلدًا، بالإضافة إلى أعمال أدباء روس آخرين كتولستوي «الحرب والسلم» وليرمنتوف «بطل من هذا الزمان» وبوشكين «ابنة الضابط»، ومؤلفات الأديب اليوغوسلافي البوسني إيفو أندريتش «جسر على نهر درينا ووقائع مدينة ترافنك»، وقد عادت هذه الترجمات أخيرًا إلى الواجهة بعدما أخذ المركز الثقافي العربي على عاتقه مهمة إعادة نشر هذه المؤلفات بين القراء المنتمين للجيل الجديد.كانت له ترجماتٌ أخرى في الفلسفة والعلوم السياسية وعلم النفس والتربية، ومؤلفات في تخصصه في علم النفس والأدب. وقد توفي سامي الدروبي سنة 1976 وهو على وشك إتمام ترجمة الحرب والسلم لتولستوي، فتولت ابنته مهمة ترجمة الصفحات الأربعين المتبقية.يعتقد معظم القراء أن الدروبي ترجم أعمال دوستويفسكي وغيرها من الروسية إلى العربية، وهذا خطأ شائع، فقد ترجمها الراحل عن اللغة الفرنسية.
سهيل إدريس: وجودية سارتر وكامو وآخرين.. من الفرنسية إلى العربية
ولد الأديب والمترجم والناشر اللبناني سهيل إدريس في بيروت عام 1925، وبعد دراسته العلوم الشرعية سافر إلى فرنسا لدراسة الأدب، إذ قام بتحضير الدكتوراة في جامعة السوربون. وقد تأثر إدريس بالفلسفة الوجودية، بعد احتكاكه المباشر بعدد من روادها في فرنسا وأوروبا، وعندما عاد إلى بلده أسس مجلة الآداب الشهيرة سنة 1953، ثم دار الآداب للنشر سنة 1956، وهي ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا.أصدر الكثير من القصص والروايات، وتبقى أشهرها رواية «الحي اللاتيني»، أما في ما يخص الترجمات، فقد أصدر ترجمات عربية لـ«الطاعون» لألبير كامو، و«سيرتي الذاتية» لسارتر، و«دروب الحرية»، و«الغثيان» وغيرها. أصدر أيضًا معجم «المنهل» فرنسي-عربي بالتعاون مع الدكتور جبور عبد النور. وقد توفِّي إدريس عام 2008، تاركًا مهمة إكمال مسيرة النشر والأدب لابنته رنا وابنه سماح.
علي مصباح: إبداع نيتشه مترجمًا إلى العربية
علي مصباح كاتب ومترجم تونسي مقيمٌ بألمانيا، من مواليد عام 1953، في زغوان، وهي مدينة تونسية تقع في الشمال الشرقي لتونس العاصمة. درس العلوم الاجتماعيّة بجامعة السوربون بباريس، والفلسفة والعلوم الاجتماعيّة بالجامعة الحرّة ببرلين. عَمِلَ في التدريس بمعاهد التعليم الثانوي بتونس من 1980 إلى 1989، ومارس الكتابة الصحفيّة في صحف ومجلاّت تونسيّة عديدة. يقيم في برلين منذ العام 1989، حيث يتفرغ للبحث والكتابة. وله إسهامات فكرية عديدة، ويولي اهتمامًا خاصًا بالترجمة الأدبية والفلسفية، كتب أيضًا في أدب الرحلات، فحاز على جائزة ابن بطوطة للرحلة المعاصرة سنة 2004، وله مؤلفات عديدة في هذا المجال، كـ«مدن ووجوه» و«طريق الصحراء» وروايات «حارة السفهاء» و«سان دني».ترجم مصباح العديد من المؤلفات الألمانية إلى اللغة العربية، لعل أشهرها أعمال فريدريك نيتشه – التي يصنف بعضها أعمالًا أدبية – «هكذا تكلم زرادشت» و«غسق الأوثان» و«إنساني مفرط في إنسانيته» و«هذا هو الإنسان».
أحمد الصمعي ووردة إيكو من الإيطالية إلى العربية
يعمل أحمد الصمعي مترجمًا وأستاذًا للغة الإيطالية في الجامعات التونسية، ترجم العديد من المؤلفات الإيطالية إلى العربية، كـ«الحكايات الشعبية» لإيتالو كالفينو و«خياط الشارع الطويل» لجوزيبي بونافيري، لكن أشهر عمل أذاع صيته بوصفه مترجمًا في الأوساط العربية هو «اسم الوردة» لأمبرتو إيكو، أحد أشهر الأعمال الروائيَّة الإيطالية التي تركت بصمتها في الرواية العالمية، وهي الترجمة التي عكف على إنجازها مدَّة سنتين، لما تحتشد به الرواية من رموزٍ ثقافيَّة وإحالاتٍ تاريخية وصيغٍ لغويَّة لها دلالاتها المحدَّدة في العالم الثقافي الغربي اللاتيني المسيحي. صدرت لأول مرة عن دار التركي للنشر في تونس عام 1991، ثم ترجم أعمالًا أخرى للأديب الإيطالي أبرزها «مقبرة براغ».اشتهر الصمعي أيضًا بخلافه مع المترجم العراقي كامل عويد العامري، بعدما أصدر هذا الأخير ترجمة ثانية لـ«اسم الوردة» عام 1995 عن دار سينا للنشر في مصر، وهي الترجمة التي قال الصمعي أنها منقولة حرفيًّا وبحذافيرها من ترجمته هو.
صالح علماني: سحرُ الأدب اللاتينيّ
صالح علماني مترجم فلسطيني كان مقيمًا في سوريا، ولد في حمص عام 1949، ودرس الأدب الإسباني ليعمل منذ أكثر من ثلاثة عقود على ترجمة أدب إسبانيا وأمريكا اللاتينية إلى اللغة العربية، مقدمًا للقارئ العربي أكثر من 100 عنوان، بوصفه واحدًا من أكثر المترجمين العرب غزارة في الإنتاج.لا يمكننا تعداد مجمل أعماله هنا، لكننا سنكتفي بذكر أشهرها، فقد ترجم لغابرييل غارسيا ماركيز «مئة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» و«قصة موت معلن» وغيرها، وترجم لماريو فارغاس يوسا «حفلة التيس» و«رسائل إلى روائي شاب» وغيرها، وترجم لإيزابيل اللندي «حصيلة الأيام» و«ابنة الحظ» وغيرها، بالإضافة إلى أعمال أخرى كـ«انقطاعات الموت» لجوزيه ساراماغو و«النشيد الشامل» لبابلو نيرودا و«الريح القوية» لميغيل أنخيل أستورياس وغيرها.مُنح الإقامة في إسبانيا مع عائلته بعد نزوحه من سوريا بسبب الحرب، إثر مطالبة خمسة من أبرز كتّاب أمريكا اللاتينية الذين ترجم لهم، حكومة إسبانيا بأن تمنحه الإقامة تكريمًا لمنجزه في نقل إبداعات اللغة الإسبانية إلى العربية المصدر : ساسة بوست