ليست وهماً.. الحاسَّة السادسة حقيقية وتوجد في جيناتك
كشفت دراسةٌ أميركية حديثة عن أن الحاسة السادسة التي يمتلكها الإنسان بخلاف الحواس الخمس الأخرى المعروفة، مثل حاسة التذوق والشم والرؤية والسمع واللمس، والتي تُعرف باسم الإحساس العميق Proprioception أو إدراك موضع أجزاء الجسم، لها أسس جينية، بحسب موقع livescience.
تشير الحاسة السادسة إلى مدى إدراك المخ لموضع الجسم أو أحد أجزائه في مكان معين، فمثلاً عندما يطلب ضابط الشرطة من أحد الأشخاص المخمورين أن يضع إصبعه على مقدمة أنفه، فإنه بهذه الطريقة يختبر هذه الحاسة السادسة.
وكانت الأبحاث السابقة التي أجريت على الفئران قد ذكرت أن هناك إحدى الجينات التي تتحكم في حاسة إدراك موضع أجزاء الجسم Proprioception، وتعرف باسم “PIEZO2 “، حيث تأمر هذه الجينات الخلايا بإنتاج بروتينات تعرف باسم البروتينات الحساسة للحركة الميكانيكية “mechanosensitive”، وهي تتمتع بالمقدرة على الإحساس بتأثير القوة، كما يحدث عند الشعور بأن شخصاً ما قد ضغط على جلدك، كما أنها أيضاً تلعب دوراً ملحوظاً في الحاسة السادسة.
ولفهم تأثير هذه الجين على الإنسان، أجرى باحثو المركز الوطني للطب البديل تجربة ًعلى اثنين من الشباب المصابين بطفرات وتحويرات نادرة جداً في جين “ PIEZO2”، وذكرت الفحوصات الأولية أن الشابين كانا مصابين بمشاكل في المفاصل ويعانيان من الجنف (انحراف في العمود الفقري).
الاختبارات كشفت عن وجود الحاسة السادسة
خضع الشابان لمجموعة متنوعة من الاختبارات المرتبطة بالحركة والتوازن، كشفت نتائج إحداها أنهما عانيا صعوبة ً في المشي عندما تم تعصيب أعينهما، وفي الاختبار الثاني طلب المشرفون على الدراسة منهما الوصول لغرض معين يستقر أمامهما، وتم تقييم النتائج عندما كانا معصوبي العينين وفي حالة الرؤية بشكل طبيعي.
وعند مقارنة أدائهما مع بعض الأشخاص (المجموعة التجريبية الضابطة) الذين لا يعانون من وجود طفرات في جين “ PIEZO2”، كشفت النتائج أن الشابين واجها مصاعب أكبر في الوصول إلى الغرض عندما كانا معصوبي العينين.
كشفت الاختبارات الأخرى أن المريضين واجها صعوبات أيضاً في تحديد اتجاه حركة أذرعهما وأرجلهما عندما تم تحريكها بواسطة الباحثين حينما تم تعصيب أعينهما بلفافتين، كما لم يتمكنا من الشعور جيداً باهتزازات شوكة رنانة عندما تم تقريبها من جلدهما مقارنة ً بالمجموعة الضابطة.
وفي تجربة مختلفة، أكد أحد المرضى المصابين بطفرة في جين “PIEZO2”، أنه شعر بالضيق عندما مس أحدٌ جلده بلطف، وذكر أن ذلك كان أشبه بوخز الإبر، فيما أكد الأشخاص الطبيعيون أن هذا الإحساس كان ممتعاً.
ومن جانبه قال ألكسندر شيسلر، الباحث الرئيسي في المركز الوطني للطب البديل والتكميلي، والمشرف الرئيسي على الدراسة، “نستنبط من نتائج هذه الدراسة أن المرضى الذين يحملون طفرات في جين “ PIEZO2 “ يعانون من خلل في حاسة اللمس، نظراً لأن الجينات لا تعمل، وبالتالي لا تستطيع أعصابهم استشعار حاسة اللمس أو حركة الأطراف”.
وأوضح التقرير أنه وفقاً للدراسة كانت الأجزاء الأخرى من الجهاز العصبي للمرضى تعمل بشكل جيد، إذ كان يشعر الشخص بالألم أو الحكة الجلدية أو الحرارة بشكل طبيعي، كما كانت أدمغتهم وقدراتهم الإدراكية تتشابه مع أفراد المجموعة التجريبية الضابطة.
وأضاف الباحثون أن الدراسات السابقة ذكرت أن جين “PIEZO2 “ يرتبط بالاضطرابات الجينية للجهاز العضلي الهيكلي، فيما تشير نتائج الدراسة الجديدة أن هذا الجين يعد ضرورياً لنمو وتطور الهيكل العظمي لجسم الإنسان، كما يشير تفسير آخر محتمل إلى أن حاستي اللمس والإحساس العميق قد يلعبان دوراً في تطور الجهاز الهيكلي.
ونشرت هذه النتائج يوم الأربعاء الماضي بالمجلة العلمية “New England Journal of Medicine”.
ترجمة هافينغتون بوست عربي