مدير الشؤون المالية في «التقدم العلمي»: استغلال الفوائض في الإنفاق على البحث العلمي
كشف مدير ادارة الشؤون المالية في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي فراس العودة عن تبني استراتيجية جديدة لاستثمار الفوائض المالية المتراكمة في حساب المؤسسة منذ إنشائها لتحقيق عوائد تغطي الفرق بين النفقات والمساهمات المحصلة من الشركات المساهمة السنوية، وذلك من خلال استثمارات رشيدة طويل الأجل تتبع نهجا محافظا لضمان قدرة المؤسسة على الوفاء بالتزاماتها المالية والحفاظ على استقرار الإنفاق، وتعظيم القوة الشرائية على المدى الطويل لخدمة الأجيال القادمة.
واكد العودة خلال لقاء معه ان المؤسسة تحظى ببيئة رقابية صارمة أقرها مجلس الإدارة وتدعمها مجموعة من السياسات والإجراءات المعتمدة التي تم تصميمها لتلائم احتياجات المؤسسة في إطار الرقابة المسبقة والرقابة اللاحقة والمدقق الخارجي الذي يقوم بفحص جميع المعاملات المالية وابداء الرأي في مدى توافقها مع المعايير الدولية وتقديم تقريره السنوي إلى مجلس الإدارة.
واثنى على دور شركات القطاع الخاص المساهمة الكويتية في دعم المؤسسة، مشيرا في الوقت نفسه الى ان قيمة الإنفاق على البحث العلمي في البلاد حوالي %0.3 فقط من إجمالي الناتج القومي في حين تزيد عن %1 في الدول المجاورة، منوها بدور المؤسسة في توفير الدعم المالي اللازم للبحوث ونشر الثقافة العلمية وتحفيز ورعاية الابتكار ودعم المشاريع الوطنية، وتعزيز التفوق الأكاديمي الوطني والبنية التحتية العلمية، وزيادة الوعي العلمي والثقافي في المجتمع.
وفي ما يلي التفاصيل:
• بعد التهنئة بمرور 40 عاما على إنشاء المؤسسة في ديسمبر 1976، نود التعرف على تطورات الخطط الاستراتيجية الخاصة بالمؤسسة؟
ــــ لقد بدأت المؤسسة في عام 2011 بتطبيق استراتيجية جديدة تهدف إلى تعزيز التقدم العلمي والتكنولوجي والفكري في الكويت ودول مجلس التعاون، من خلال تحفيز العلوم لضمان مستقبل مستدام في المنطقة، عن طريق توفير الدعم المالي للبحوث في العلوم الأساسية والتطبيقية، ونشر الثقافة العلمية وتحفيز ورعاية الابتكار في البلاد، ودعم المشاريع ذات الأولوية الوطنية، وتعزيز التفوق الأكاديمي الوطني والبنية التحتية العلمية، وتنظيم الندوات والمؤتمرات العلمية، ونشر المعرفة العلمية عبر المواد المطبوعة والمجلات والكتب والموسوعات العلمية، اضافة إلى الأنشطة الثقافية والاجتماعية ذات الصلة لتعزيز وزيادة درجة الوعي العلمي والثقافي.
الاستراتيجية المالية
• هذا من الجانب العلمي، ولكن ماذا عن الاستراتيجية المالية للمؤسسة؟ وهل طرأ عليها أي تغيير؟
– بالفعل أي استراتيجية جديدة لا بد ان تصحبها استراتيجية مالية تلبي طموحها وأهدافها، لذلك تبنت المؤسسة استراتيجية الاستثمار الطويلة المدى لاستغلال الفوائض المالية المتراكمة في حساب المؤسسة منذ إنشائها لتحقيق عوائد مالية من خلال استثمارات رشيدة طويل الأجل، تتبع نهجا محافظا وحذرا لتقليل المخاطر، وأوعية استثمارية دولية تقدم وضعا مقبولا للمقارنة بين العائد المستهدف ومخاطر الاستثمار، من اجل ضمان قدرة المؤسسة على الوفاء بالتزاماتها المالية والحفاظ على استقرار الإنفاق، وتعظيم القوة الشرائية على المدى الطويل لخدمة الأجيال المقبلة.
• المؤسسة قائمة على دعم الشركات المساهمة الكويتية من القطاع الخاص والبالغة نسبتها %1 من صافي أرباحها، كم تبلغ قيمة الدعم المالي سنويا؟ وهل هو كاف لتلبية حاجات وطموحات المؤسسة، لا سيما أن نسبة دعم الأبحاث العلمية والأنشطة العلمية في غيرنا من الدول تصل أحيانا إلى %5 من الدخل القومي؟
– تبلغ قيمة تلك المساهمات ما يقارب 20 إلى 25 مليون دينار سنوياً، وهي غير كافية لتلبية حاجات ومتطلبات المؤسسة، لا سيما بعد تبني الاستراتيجية الجديدة سالفة الذكر، والتي تفوق تكلفتها السنوية تلك المبالغ المحصّلة من الشركات المساهمة، ما لا يمكننا من الإيفاء بتغطية النفقات المرتبطة بأهداف وطموحات المؤسسة، الأمر الذي دفع المؤسسة إلى البحث عن مصادر أخرى للتمويل، من خلال انتهاج أفضل الاستراتيجيات العالمية للمؤسسات العالمية المشابهة، واستثمار الفوائض المالية المتراكمة لتحقيق عوائد لتغطية الفرق بين النفقات والمساهمات المحصّلة من الشركات المساهمة السنوية.
الإنفاق على البحث
• كم تبلغ قيمة الإنفاق على البحث العلمي في البلاد؟
– تبلغ نحو %0.3 من إجمالي الناتج القومي GDP، وهو يعتبر معدلاً قليلاً مقارنة بدول المنطقة كالإمارات والسعودية وقطر التي وصلت إلى أكثر من %1، لذلك نحن نسعى إلى رفع هذه النسبة لتصبح من %2 إلى %3 كما هو في الدول المتقدمة.
• ما أنواع المنح التي تقدمها المؤسسة وشروطها، وهل تقدم للأفراد أم للمؤسسات؟
– تقدم المؤسسة أنواعاً متعددة من المنح العلمية لتنمية القدرات البشرية للعاملين في الشركات المساهمة، بهدف تطوير الإنتاجية وتحسين الأداء لدفع عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد من خلال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، إضافة إلى تنظيم الدورات التدريبية إما بشكل منفرد أو بالتعاون مع جهات أخرى، مثل غرفة تجارة وصناعة الكويت واتحادات الشركات الكويتية المختلفة، أو اتحادات متخصصة أخرى تمثل مظلة لقطاعات أعمال محددة تختص بالشركات المساهمة أو المنظمات غير الحكومية، إلى جانب دعم البحث العلمي في المؤسسات العلمية والصناعية في البلاد من خلال إدارة البحوث التابعة للمؤسسة والتي تعطي أولوية للبرامج والمشاريع المرتبطة بالتنمية، ومنها أبحاث المياه والطاقة والبيئة.
• نود أن نقف على دور المؤسسة في التنمية المستدامة؟
– تسعى المؤسسة إلى تحقيق تنمية شاملة من خلال تلبية احتياجات الأجيال الراهنة، عبر تطوير مهاراتهم وتنمية قدراتهم الإنتاجية، إضافة الى تقديم برامج المنح والتدريب ونشر العلوم والثقافة المجتمعية وتعزيز التعليم والوعي العام وحماية صحة الإنسان وتغيير أنماط استهلاك الطاقة الذي من شأنه المساهمة في الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والمحافظة عليها للأجيال المقبلة، من دون المساس بقدرتها على الوفاء باحتياجاتها الحالية، مما يساهم في تعزيز مفهوم التنمية المستدامة لضمان العيش الكريم آنياً ومستقبلاً.
دعم المبتكرين
• هل للمؤسسة دور في دعم الأجهزة الحكومية علمياً؟
ــــ المؤسسة تتولى تقديم الدعم لعدد من الجهات الحكومية العلمية، منها معهد الكويت للأبحاث العلمية وجامعة الكويت والمعهد التطبيقي، إضافة إلى العديد من مؤسسات النفع العام.
• ماذا عن أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، هل لهم نصيب من الدعم؟
ــــ نعم، فالمؤسسة تعمل أيضاً من خلال مركز صباح الأحمد على توفير الدعم اللازم للمبتكرين لتمويل اختراعاتهم وابتكاراتهم وتحويلها إلى مشاريع صغيرة ومتوسطة بالتعاون مع صندوق المشاريع، ليتسنى لها العمل مع جهات بحثية وعلمية لتلبية احتياجاتها وحل مشاكلها في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار وتطوير القدرات الإدارية، إضافة إلى توفير قسائم لدعم الأبحاث التي ترغب الشركات القيام بها بالتعاون مع المؤسسات البحثية داخل الكويت وخارجها، وتعميم قصص النجاح واستقطاب مشاريع جديدة.
• ما قيمة المنح التي تقدمها المؤسسة سنوياً إلى المراكز التابعة لها، وهل هي كافية؟
ــ هناك العديد من المراكز التابعة للمؤسسة التي تم تأسيسها لإفادة الجمهور، وجميعها مبادرات تدعم التوجه الاستراتيجي للمؤسسة بإرساء ثقافة علمية تنموية في البلاد، مع التركيز على الأولويات الوطنية التي تهدف إلى تبوؤ مكانة مستدامة على المدى الطويل، حيث يبلغ دعم المراكز العلمية المتخصصة التابعة للمؤسسة %41 من الموازنة السنوية الإجمالية للمؤسسة، والتي تبلغ نحو 32 مليون دينار، حيث خصص لمركز دسمان للسكري %28، ومركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع %10، ومركز جابر الأحمد للطب النووي والتصوير الجزئي %3.
• ما الجهة الرقابية التي تخضع لها المؤسسة، لا سيما أن ميزانيتها تتعدى عشرات الملايين؟
ــــ وفقاً للمرسوم الأميري بإنشاء المؤسسة، فإن مجلس إدارة المؤسسة برئاسة سمو أمير البلاد هو الجهة الرقابية العليا على الإدارة التنفيذية للمؤسسة، كما أن المؤسسة تحظى ببيئة رقابية صارمة أقرها مجلس الإدارة تدعمها مجموعة من السياسات والإجراءات المعتمدة التي يلتزم بها جميع الأفراد، والتي تم تصميمها بصورة خاصة بحيث تلائم وتواكب احتياجات ومتطلبات المؤسسة في إطار رقابي من خلال برنامج تقييم ذاتي للمراقبة تم تصميمه وفق عدد من الخطوات، منها الرقابة المسبقة، والمتمثلة بدور وحدة المتابعة والتقارير التي تقوم بالتدقيق على جميع المعاملات للتأكد من ملاءمتها للسياسات والإجراءات المعتمدة قبل تنفيذها، ثم الرقابة اللاحقة المتمثلة في دور المدقق الداخلي المعين من مجلس الإدارة الذي يقوم بالمراجعة الدورية على جميع المعاملات التي تم تنفيذها ومدى اتساقها مع السياسات والإجراءات المعتمدة، وعرض وتسجيل الملاحظات في تقارير دورية يتم عرضها على لجنة التدقيق المنبثقة من مجلس الإدارة، وأخيراً يأتي دور المدقق الخارجي الذي يقوم بفحص جميع المعاملات المالية التي تمت، وإعداد البيانات المالية الختامية، وإبداء الرأي في مدى توافقها مع المعايير الدولية، وتقديم تقريره السنوي إلى مجلس الإدارة.
• ما دور وأهمية القطاع الخاص باعتباره شريكاً رئيسياً في عمل المؤسسة؟
ــــ لا شك في أن مبادرة القطاع الخاص، ممثلاً في الشركات المساهمة الكويتية، كان لها دور محوري في إنشاء المؤسسة ودعم وتمويل أنشطتها لتحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقه، ومواصلة المؤسسة لدورها الفعّال في المجتمع شجّعت شركات القطاع الخاص على استمرار هذا الدعم.
• وماذا تقدم المؤسسة لهذه الشركات في المقابل؟
ــــ إن تحمل الشركات هذه المسؤولية الاجتماعية طواعية سيحقق لها ميزة تنافسية أساسية، وذلك من خلال حوافز ضريبية جوهرية، كتلك التي تقدمها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وحتى الصين، والتي تسمى الحوافز الضريبية الخضراء، وهو ما تسعي المؤسسة بمشاركة الدولة إلى تحقيقه من خلال القوانين والتشريعات الضريبية الجديدة المقترحة، هذا إلى جانب الاستفادة من الخطط التي تساهم في تطوير اعمال هذه الشركات وتحسين منتجاتها وخدماتها لجذب عملاء جدد، او تخفيض جوهري في التكاليف، ما يشجع الشركات على زيادة الرغبة في المساهمة.
مشاريع تبنتها المؤسسة
– بلورة فكرة لإنشاء جامعة الكويت الافتراضية بالتعاون مع عدة جهات محلية وعالمية، حيث يعتمد المشروع بشكل كامل على التعليم الالكتروني المتميز، إضافة إلى إدخال نظام التعليم عن بعد للمقررات الأساسية في الجامعات التقليدية، حيث تم اعتماد ما يقرب من %4 سنوياً من موازنة المؤسسة على مدى ثلاث سنوات لتنفيذ ذلك المشروع.
– توسعة المركز العلمي بمساحة 4500 متر مربع في المنطقة الغربية لتضم مركز الدلافين والثدييات البحرية، إضافة الى معرض تفاعلي تعليمي عن الثدييات البحرية ودار الاستكشافات، حيث تبلغ التكلفة التقديرية لهذه التوسعة حوالي 26 مليون دينار، ومن المتوقع أن يكون جاهزاً لاستقبال الزائرين مطلع عام 2018.
– استخدام نظم الطاقة الشمسية الكهروضوئية المتكاملة الذي رعته وتبنته المؤسسة وتنفذه بالتعاون مع معهد الكويت للأبحاث العلمية بغرض المساهمة في الإسراع بتحقيق هدف توفير %15 من الطلب المحلي بالاعتماد على الطاقة المتجددة النظيفة، وذلك بتخصيص مايقارب %11 من موازنة المؤسسة السنوية لعام 2015 لهذه المشاريع.
– إيجاد بدائل علمية لمواجهة التحديات العمرانية في توصيل الكهرباء والماء الى المدن الجديدة في إطار خطة التنمية المستدامة، وتم تخصيص ما يقرب من %5 من موازنة المؤسسة لهذه المشاريع.
نسير على الرؤى الأميرية
أكد فراس العودة أن ترؤس سمو أمير البلاد لمجلس إدارة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ساهم في وضع الرؤى التي ارتكزت عليها المؤسسة منذ إنشائها لتستمر حتى الآن في عنفوانها وزخمها، حيث نسير بخطوات ثابتة لتحقيق هذه الرؤى بتوجيهات سموه، مشيرا إلى ان حرص سموه على مواصلة دعم وتطور أنشطة المؤسسة يساهم في تحقيق أهدافها لدفع البلاد إلى الأمام لتحتل الكويت موقعا متقدما في مجال الإبداع العلمي والتطوير.