كتاب أكاديميا

ذعار الرشيدي يكتب: إغلاق كلية الشريعة وما بعدها!


كل مرة يعود الحديث عن كلية الشريعة، وفي كل مرة تظهر أصوات تنادي بضرورة إغلاق هذه الكلية التي تقدم مواد لتعليم الشريعة والفقه والقرآن بدعوى عدم حاجة سوق العمل الى تلك التخصصات، وفي مرة اخرى تظهر أصوات اخرى تنادي بوجوب عدم مساواة خريجي الشريعة بخريجي كلية الحقوق، ولا أعلم سببا لإثارة هذين الموضوعين بين فترة وأخرى.

أولا: القول بوجوب إغلاق هذه الكلية هو قول يفتقر الى الحد الأدنى من الفهم العام لطبيعة النتاج العلمي الذي تقدمه هذه الكلية للمجتمع ككل ولسوق العمل المفتوح على مصراعيه لخريجيها، فهذه الكلية تقدم العلوم الشرعية، ووجودها واجب مستحق فهي تخرج أئمة المساجد والخطباء والفقهاء بل والعلماء الشرعيين ايضا الذين تحتاجهم الدولة كحاجتها للأطباء والمهندسين ومن في حكمهم من المتخصصين، وأما القائلون ان هذه الكلية تخرج ارهابيين او متطرفين فهو قول ينقصه الدليل، بل وينافيه الواقع، فلا يوجد ارهابي او متطرف تخرج في هذه الكلية الكويتية العريقة التي طالما عرف عن خريجيها الاعتدال الديني والاتزان، كما عرف عن أساتذتها وعمدائها محاربة التطرف بكل اشكاله علانية.
إذن وجود هذه الكلية امر ضروري وحيوي بل ومكمل، ومن يقول بضرورة إغلاق هذه الكلية هو شخص اما انه لا يفهم طبيعة حاجة سوق العمل لخريجي هذه الكلية او انه شخص يحمل اجندة خاصة من بين بنودها الدعوة لإغلاق هذه الكلية.
ثانيا: قضية الدعوة إلى عدم مساواة خريجي كلية الشريعة بخريجي الحقوق بوظائف المحققين أو وكلاء النيابة هي قضية خلافية علمية بالدرجة الاولى، وليست محلا للنقاش العام.
نعم هناك من يرى ان ظلما يقع على خريجي كلية الحقوق في مساواتهم بخريجي كلية الشريعة في المناصب والوظائف، وهو أمر في ظاهره صحيح ومستحق لصالح خريجي الحقوق، الذين يرون انتقاصا من علمهم مقارنة بالمواد التي يدرسها نظراؤهم من طلبة الشريعة، وأنهم لا يفترض مقارنتهم بهم، وأنهم الاحق منهم بمناصب المحققين ووكلاء النيابة وغيرها من تلك المناصب العامة التي تتطلب فهما وعلما قانونيا واضحا لقوانين الدولة، ولكن اعتقد ان المواد التي يدرسها طلبة كلية الشريعة تؤهلهم، ولو جزئيا، في تولي تلك المناصب العامة محل الخلاف، وهو الامر الذي تجيزه قوانين الدولة في قبول المتقدمين لتلك الوظائف العامة.
فالدولة نفسها، ممثلة بالحكومة، هي التي تطلب في إعلاناتها، لشغل تلك المناصب العامة، خريجي الحقوق، وخريجي الشريعة على حد سواء.
ولذا فإن الأمر الذي يجب تغييره في اشتراطات القبول هو ان تحصر الحكومة اشتراطات القبول في تلك المناصب في خريجي الحقوق.
اما وان الحكومة نفسها تطلب خريجي الحقوق والشريعة لشغل تلك المناصب العامة والاختصاصية، فلا يحق لأحد ان يعترض حتى تتغير الاشتراطات الحكومية وهو امر يمكن تغييره بقرار حكومي بحصر شغل تلك الوظائف في خريجي الحقوق.
وبعودة الى السؤال المهم. هل يجب ان نبقي على كلية الشريعة ام ان نقوم بإلغائها؟ فالحقيقة الماثلة أمامنا ان كلية الشريعة لابد من وجودها بل ان كلية الشريعة يجب ان تتمدد وتكبر ويتم العناية بها، لأنها هي التي تخرج لنا علماء وفقهاء ومتخصصين في العلوم الشرعية وأئمة معتدلين نحن أحوج ما نكون بحاجة اليهم والى علمهم الشرعي.
ذعار الرشيدي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock