جامعة الكويت نظمت حفل استقبال لفخامة رئيس جمهورية طاجيكستان إمام علي رحمان في كلية الآداب
بحضور معالي وزير التربية ووزير التعليم العالي الدكتور بدر حمد العيسى أقيم حفل استقبال لرئيس جمهورية طاجيكستان فخامة الرئيس إمام علي رحمان في رحاب جامعة الكويت وذلك لإلقاء محاضرة بعنوان “الطاجيك في مرايا التاريخ” في كلية الآداب وذلك بمناسبة إعلان دولة الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية 2016، وهذه التظاهرة الثقافية تؤكد دور جامعة الكويت وتؤكد رؤيتها في أنها جزءاً لا يتجزأ من هذا المجتمع ومن مؤسساته الثقافية وتساهم إسهاماً كبيراً في إثراء هذا الجانب الثقافي في دولة الكويت، وقد حضر الحفل مدير جامعة الكويت الأستاذ الدكتور حسين أحمد الأنصاري ونوابه، وسعادة السفير زبيد الله زبيدوف سفير جمهورية طاجيكستان لدى دولة الكويت، والوفد الطاجيكستاني، وعدد من القياديين وأعضاء هيئة التدريس وموظفي الجامعة وطلبة الكلية.
وبهذه المناسبة قال رئيس جمهورية طاجيكستان فخامة الرئيس إمام علي رحمان:” أنه لمن دواعي سروري كمؤلف أن أحضر هذا الحفل الذي يكرس لعرض الطبعة الجديدة من كتاب “الطاجيك في مرآة التاريخ” وإن طباعة هذا الكتاب باللغة العربية في مدينة الكويت أمر يمثل التقدير والعرفان بشعب قدم إسهامات مشهودة في إثراء الحضارة الإنسانية والإسلامية بما لديه من تاريخ عريق وثقافة أصيلة.
وأضاف فخامة الرئيس أن هذا الحفل يصادف عام إعلان مدينة الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية الأمر الذي يحملنا على الاعتزاز والإشادة بماضي شعبينا الشقيقين وقواسمهما المشتركة والوشائج الروحية والثقافية القائمة بينهما منذ مئات السنين، وفي هذا الصدد قدم خالص التهاني لدولة الكويت حكومة وشعباً بمناسبة اختيار دولة الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية.
وأوضح أنه في مقدمة الكتاب تمت الإشارة إلى أن الشعب الطاجيكي يعد من أقدم شعوب آسيا الوسطى ومن منطلق ماضيها المشرف في صناعة الحضارة وتجربة إدارة الدولة كان محل عناية ودراسات أكاديمية من قبل عدد من العلماء والباحثين في العالم، ولا شك أن أهم وأعظم دراسة شاملة في هذا الجانب تتمثل في كتاب “طاجيكان” أي “الطاجيك” للأكاديمي باباجان غفوروف الذي أبرز مكانة هذا الشعب أمام سائر الأمم من خلال الأدلة والبراهين التاريخية الدامغة.
وذكر فخامة الرئيس أن تأليف كتاب الطاجيك في مرآة التاريخ جاء من خلال استرجاع التاريخ وتصفحه في فترة كان الشعب الطاجيكي في حاجة إلى استعادة التقاليد والاجارب التاريخية في إقامة دولته الحديثة الاستقلال وذلك بعد أن كان محروماً من الدولة طيلة ألف سنة مضت.
وأضاف أن الطاجيك اليوم تستعد للاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لاستقلالهم الوطني وهذا ربع العصر الأول لمساع على مسيرة بناء دولة ذات سيادة وتعزيز السلام والاستقرار والوحدة والهوية والوطنية.
وقال:” اليوم تمضي هذه الأمة بخطى ثابتة الى مستقبل مشرق بالعزيمة والارادة القوية والاهداف النبيلة وفي هذا الدرب يستلهم الشعب الطاجيكي من ماضيه المجيد ومن إنجازات حققها الشعب الكويتي اليوم وغيره من الشعوب الصديقة والشقيقة، وليس من العبث ان تكون الكويت قبل 21 سنة في فجر استقلال طاجيكستان الوطني في شهر ابريل من عام 1995 المحطة الاولى لزياراتي الرسمية الى البلدان العربية اذ ان خبرة بلادكم في إقامة المجتمع النموذجي وفي مسيرة البناء والعطاء وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وتوفير الأمن والرفاهية لكل فرد في المجتمع اعترف بها كخبرة جديرة بالاستحسان والتأسي”.
وأضاف قائلاً: ” في تلك الفترة كان أخي العزيز أمير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح يتولى منصب النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء و وزير الخارجية فمنذ ذلك العام انطلقت علاقة ودنا وصداقتنا مع هذا الرجل الحكيم والسياسي المحنك حيث ان اللقاءات التي نجريها مع سموه بشكل دوري ترمي الى تبادل الآراء والأفكار بشأن تنمية وتعزيز علاقة الصداقة والتعاون الواعد، وهذه الزيارة الرسمية الى بلادكم إنما هي امتداد لتلك اللقاءات والاجتماعات القيمة”.
ونوه فخامة الرئيس إلى أن إقامة حفل عرض الكتاب ( الطاجيك في مرآة التاريخ ) تحت قبة جامعة الكويت يعد تكريما، مضيفا أن في طاجيكستان عدد من المتقنين للغة العربية والذين حصلوا على درجات علمية في مختلف تخصصات اللغة العربية وآدابها وتاريخها.
وأمل أن ينشأ جيل شاب من العلماء الذين يهتمون بالتاريخ والثقافة الطاجيكية ويتناولونها بالدراسة والتحقيق مشيرا ان ليس هناك بحوث بشكل كاف في العالم العربي حول اللغة الطاجيكية وآدابها وتاريخها وثقافتها الامر الذي يجعلنا نتطلع ان يتولى الباحثون الكويتيون الريادة في هذا المسار من بين أشقاءهم العرب والاخذ بالحسبان مستقبل علاقاتنا الثنائية الواعدة.
وأشاد فخامة الرئيس بمتانة العلاقات بين البلدين وانه يقام هذا التجمع بالاحتفال بالذكرى ال 25 لاستقلال طاجيكستان الوطني وإعلان دولة الكويت عاصمة للثقافة الاسلامية للعام 2016 وهذا سبب زيارتنا الرسمية فانه فاتحة خير لتعريف الشعبين الشقيقين بتاريخ وثقافة وحضارة البلدين الصديقين والعمل على تنمية هذه العلاقات.
وبدوره قال مدير جامعة الكويت الأستاذ الدكتور حسين الأنصاري:” إنه لشرف عظيم أن تستقبل جامعة الكويت ضيفها الكبير فخامة الرئيس امام علي رحمان والوفد المرافق في جامعة الكويت، متشرفاً باسم جامعة الكويت هيئة تدريسية وطلبة وعاملين أن يرحب بفخامته أجمل ترحيب ويعبر عن اعتزاز الجميع بهذه الزيارة التاريخية الهامة”.
وقال أ.د. الأنصاري ” نشكر فخامتكم لهذه البادرة الطيبة بزيارتكم الكريمة لجامعة الكويت ومشاركتكم العلمية القيمة والتي بلا شك ستسهم في تعزيز اواصر التعاون العلمي والثقافي بين بلدينا خصوصا ونحن نحتفل هذا العام باحتفالية الكويت عاصمة للثقافة الاسلامية وحرصنا جميعا على نشر الثقافة الاسلامية وتجديد مضامينها وإنعاش رسالتها وتأتي مشاركتكم تأكيدا وترسيخها لهذه المضامين”.
وبين أن هذا ليس بغريب على طاجيكستان الذين هم أحفاد علماء قدموا الكثير للأمة الاسلامية وساهموا في نهضتها ونرى في زيارتكم هذه يا فخامة الرئيس حدثا مميزا في مسيرة الجامعة كما اننا نرى ان العلاقات المتميزة بين دولة الكويت وجمهورية طاجيكستان نتاجا طبيعيا لتوافق الرؤى والاهداف المشتركة المتجذرة في هويتنا الاسلامية وهذا ما نطمح ان تكون هذه الزيارة المباركة فاتحة خير للمزيد من التعاون بين بلدينا.
وأشار أ.د. الأنصاري إلى أن جمهورية طاجيكستان استطاعت تحقيق التنمية والنهضة في عدة مجالات، مبيناً أنه قد تابع باهتمام انجازات طاجيكستان الوطنية على مختلف الأصعدة وجهودهم المباركة في إقامة مجتمع ديمقراطي مبني على سيادة القانون وتعزيز العلاقات الدبلوماسية والثقافية والتعاون الدولي وتعزيز السلام والاستقرار الدولي والقضاء على الإرهاب والتطرف وهي جهود تستحق الإعجاب والثناء والتقدير.
وأعرب عن سعادته بالعلاقات المتينة والوطيدة التي تربط الكويت وجمهورية طاجيكستان في كافة المجالات والتي تقوم على الثوابت الدينية والثقافية المشتركة والتي كان لهم دور كبير في تعزيزها وتطويرها لخدمة المصالح المشتركة، مشيراً إلى أن هذه الزيارة الكريمة تأتي لتؤكد على عمق ومتانة العلاقات المميزة لاسيما ما شهدته الآونة الأخيرة من تبادل زيارة الوفود السياسية والاقتصادية والإعلامية بين البلدين، آملاً أن تفتح هذه الزيارة الباب لخلق فرص وآفاق للتعاون العلمي والثقافي المستقبلي مع الجامعات والمراكز البحثية في جمهورية طاجيكستان.
وختم أ.د. الأنصاري كلمته قائلاً: ” أكرر ترحيبي بفخامتكم وضيوف دولة الكويت الكرام وإننا لعلى ثقة بأن هذه الزيارة ستثمر بشكل إيجابي بما يخدم مصلحة البلدين، كما أتقدم بالشكر الجزيل إلى سعادة السفير زبيد الله زبيدوف سفير جمهورية طاجيكستان في دولة الكويت على جهوده الحثيثة والمتميزة في الإعداد والترتيب لهذه المناسبة والشكر ممتد إلى أسرة كلية الآداب وعلى رأسها أ.د. سعاد العبدالوهاب عميد الكلية ولكل من ساهم في الإعداد والتنظيم من الزملاء والزميلات في إدارات ومراكز العمل في الجامعة، راجياً التوفيق والسداد ولضيوفنا الكرام طيب الإقامة في الكويت”.
ومن جهتها ذكرت عميد كلية الآداب الأستاذة الدكتورة سعاد العبدالوهاب إنه لشرف لهذه الكلية أن تحظى باستقبال فخامة الرئيس الزائر والوفد المرافق له والتعبير عن الحفاوة والسعادة بقدومكم في رحاب جامعة الكويت وكلية الآداب وان دولة الكويت التي ترحب في طاجيكستان وتاريخها الاسلامي وأصالة شعبها وحرصه على ثقافته واستقلال ارضه.
وأشادت عبدالوهاب بفخامة الرئيس امام علي رحمان على سهره على وحدة وطنه وبناء قوته الاقتصادية والعمل على تقدمه ورفاهية شعبه.
وأضافت ان الكويت وجامعة الكويت يتطلعون الى المزيد من حيويته العلاقات وتقويتها لصالح الشعبين المسلمين الصديقين شاكرة جهود القائمين على المحاضرة ومشاركة الوفود والضيوف وتلبيتهم الدعوة.
ومن جانبه أعرب رئيس قسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة الكويت الاستاذ الدكتور عبدالهادي العجمي عن سعادته بتشريف فخامة رئيس جمهورية طاجيكستان امام علي رحمان والوفد المرافق له في كلية الآداب مشيراً إلى أن زيارته تضاعف البهجة والسرور إلى جانب مضاعفة المسؤولية للمساهمة في مستقبل الانسانية حيث ان الزيارة جمعت التاريخ المشترك بين أرض الجزيرة العربية وبلاد ما وراء النهر في آسيا الوسطى الإسلامية ومن ضمنها جمهورية طاجيكستان الشقيقة.
وبين الدكتور العجمي أن الامتداد الحضاري بين الجزيرة العربية وبلاد ما وراء النهر يعود لفترات زمنية سبقت الإسلام لكن جاء الإسلام لهذه المناطق ليشكل البداية الحقيقية للتواصل الحضاري والثقافي بينهما والذي امتد منذ فتح خراسان إلى يومنا هذا.
وأضاف أن الفترة الواقعة بين سنتي 94 و 96 هجرية إبان العهد الأموي وفتح القائد قتيبة بن مسلم إلى حدود الصين فترة توهج ونشاط للمسلمين العرب في القرن الاول الهجري استمر طيلة العصر الأموي والذي توج في العصر العباسي بالمزيد من التواصل حيث أصبحت هذه المناطق منارات للعلم والعلماء وأنشأت فيها مراكز علمية وحضارية كمنطقة بخارى وبلخ وسمر قند ونيسابور وغيرها .
وشكر الدكتور العجمي فخامة الرئيس على هذا الكتاب القيم ( الطاجيك في مرأة التاريخ ) واهداءه نسخة مترجمة لقسم التاريخ مضيفا ان الكتاب يعد أضافه حضارية هامة واستعادة لذاكرة تاريخية وانسانية لثقافتنا وتراثنا الاسلامي وانه أفاده لجميع محبي الاطلاع على الحضارة الشرقية والإسلامية.
وفي ختام الحفل قام معالي وزير التربية ووزير التعليم العالي الدكتور بدر العيسى ومدير جامعة الكويت الأستاذ الدكتور حسين الأنصاري بتقديم درعاً تذكارية لرئيس جمهورية طاجيكستان فخامة الرئيس إمام علي رحمن.
وعلى هامش المحاضرة تم عرض فيلم عن جمهورية طاجيكستان وأقيم معرض للصور والأشغال اليدوية الطاجيكستانية يحكي تاريخ جمهورية طاجيكستان وثقافتها وحضارتها الإسلامية من خلال عرض صور وأشهر المأكولات والمشغولات اليدوية والآلات الموسيقية والزي الرسمي وأهم المعالم والمناظر الطبيعية للبلاد.
وجدير بالذكر أن رئيس جمهورية طاجيكستان فخامة الرئيس إمام علي رحمان حاز على كثير من الأوسمة الوطنية والأجنبية تقديراً لجهوده الجبارة وخدماته الجليلة في إخماد فتيلة الحرب الأهلية في طاجيكستان وتحقيق المصالحة الوطنية وضمان وحدة الشعب واستقرار البلاد.
إن لفخامة الرئيس مبادرات عديدة على الصعيدين الإقليمي والدولي وإحداها تتعلق بترشيد استخدام المياه “عشر سنوات لمياه الشرب” تبنته الأمم المتحدة، كما أن له مبادرات ومشروعات خاصة في مجال الدين الإسلامي الحنيف على نتاق البلد، مثل مشروع قانون تنظيم المراسم القومية والدينية ونبذ الإسراف منها، ومشروع “لكل أسرة المصحف الشريف بترجمة معانيه بالتاجيكية “، ومشروع ترجمة وطبع كتاب الفقه الحنفي “هدايه شريف” بالتاجيكية، وإعلان عام 2009 عام الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان في تاجيكستان وإقامة أنشطة وفعاليات مختلفة على نتاق البلد لنشر تراث الفقيه والإمام الأعظم والاحتفالات الرسمية بمرور 1310 سنة من مولده.
ويذكر أن التاريخ يشهد بأن الشعب الطاجيكي العريق باعتناقه الإسلام غدا من أكثر المسلمين إسهاماً وعطاءً وأريحية في حمل راية الحنيفية السمحة علماً وفقهاً وشريعة ومن أحرصهم على إحياء السنة النبوية الشريفة تحقيقاً وتدقيقاً ومن أقرب الناس ارتباطاً وصلةً بالعرب منذ صدر الإسلام والأهم أنه دخل الإسلام بثقله الحضاري ليضفي لوناً إلى ألوان هذه الحضارة الزاهية.
وتكفينا الإشارة إلى ما قدمه الشعب الطاجيكي للعالم الإسلامي من رجال عظام مثل الصحابي الجليل سلمان الفارسي وكبار الأئمة في علوم القرآن والتفسير والحديث والفقه كالإمام البخاري والإمام الترمذي والعلامة أبي الليث السمرقندي وصاحب المذهب الحنفي الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وشيخ الرئيس أبي علي بن سينا ومولانا جلال الدين الرومي البلخي وعشرات الآخرين من أبناء هذا الشعب تدين لهم الحضارة الإسلامية في رقيها وازدهارها.