كتاب أكاديميا

حين تراجع التنسيق كتبت : أ‌. د. سعد جاسم الهاشل

تعرضت خطط وزارة التربية وبرامجها إلى تغييرات عديدة، حتى أضحى التغيير أمراً مرتبطاً تمام الارتباط بالتغيير الوزاري. وهنا أود أن أؤكد أنني لست ضد التغيير والتطوير المدروس والقائم على رؤية تربوية أو موضوعية، باعتبار ذلك سمة من سمات الأمم الحية، التي تقف بين الحين والآخر على برامجها، وتعيد النظر فيها وفقاً للمتغيرات التعليمية والاجتماعية والاقتصادية.

ولا يفوتني أن أشيد بما قام به بعض الوزراء السابقين من دراسات ميدانية، شخصت الواقع وما يواجهه من مشكلات واختناقات، ولكن لسوء الحظ لم تستكمل تلك الدراسات من خلال اتخذا الخطوات الإجرائية المتعلقة بتطبيق النتائج من قبل الوزراء اللاحقين.

قبل أيام قليلة علمت من بعض طالبات الجامعة أن وزير التربية أصدر قراراً في تاريخ 31 ديسمبر 2014 في شأن تعديل الخطة الدراسية في صفوف المرحلة الابتدائية. وقد تم بموجبه إلغاء مادة الدراسات الاجتماعية من الصفوف: الأول والثاني والثالث الابتدائي، وذلك لعدم توفر الوقت في الجدول الدراسي. وهنا بودي أن أتساءل: هل تم ذلك بالتنسيق مع جامعة الكويت، علماً بأن الوزير هو الرئيس الأعلى لمجلس الجامعة، كما أن وكيل الوزارة ممثل في المجلس؟ وهل تم إبلاغ الجامعة بخطاب رسمي لوقف القبول في البرنامج؟ وما هو مصير المخرجات التي ستتخرج في العام الدراسي الحالي وعددهن 290 طالبة؟ بينما عدد المتوقع تخرجهم في العام الدراسي المقبل في تخصص الاجتماعيات ابتدائي فهو 585؟

والواقع أن ما استوقفني في هذا لشأن هما بعدان أساسيان:

أولاً: غياب الواعي بأهمية مناهج الدراسات الاجتماعية في تربية الأطفال الصغار. علماً بأنه ليس لدي شك بعلم الوزير بدور تلك الدراسات، لكونه أستاذاً بكلية العلوم الاجتماعية قبل أن يصبح وزيراً للتربية. وبالتالي فهو يعلم ما توصلت إليه الأسفار التربوية والنفسية حول رأي علماء الاجتماع في كتابتهم حول أثر الدراسات الاجتماعية في تنشئة الأطفال. فقد أكد أميل ديركهايم في كتابة التربية وعلم الاجتماع (1922) أن التربية أداة المجتمع في تحقيق التكامل الاجتماعي من خلال تنشئة الأطفال على الشمائل الشخصية، وغرس قيم الانتماء والولاء للوطن. اضافة إلى ما أشار إليه علماء النفس المختصون بنمو الأطفال بأن التربية تعمل في السنوات الأولى للطفولة على التطبيع الاجتماعي والتكيف مع الآخرين.

ولذا ليس من المتصور أن تلغي وزارة التربية هذا المقوم الأساسي في بناء شخصية الطفل من مناهجها وخططها الدراسية، وبخاصة أن المجتمع الكويتي يمر بتغيرات سكانية واجتماعية وسلوكية، تستدعي من المؤسسات التعليمية الاهتمام بهذا الشأن، وأن تلعب دورا أساسيا من خلال مناهجها التربوية بغرس قيم ومبادئ التعايش السلمي والتوافق مع الآخرين.

ثانيا: غياب التنسيق بين الوزارة والجامعة فيما يتعلق بالحاجات الميدانية وسياسة القبول الجامعية، وما ترتب على ذلك من اتخاذ قرارات لها انعكاسات سلبية. علما بأنه منذ تأسيس الجامعة في عام 1966 وحتى أواخر التسعينات كان هناك تواصل بين الجهتين في كل ما يخص إعداد المعلم.

على هامش هذه الملاحظة اقترح التدابير التالية:

1 ــــ تسكين بعض مخرجات هذا العام في المرحلة الابتدائية، مع العمل على تقليل الكثافة الطلابية في الصفوف الدراسية، بهدف تحقيق مفهوم التعليم النوعي الذي يركز على زيادة التفاعل بين المعلم والتلاميذ.

2 ــــ إقامة برامج تأهيلية تخصصية للأعداد الزائدة وتعيينهم في المرحلة المتوسطة باعتبار أنهم مؤهلون مهنيا (تربويا)، وذلك من خلال تركيز البرامج على مجال التخصص.

3 ــــ تفعيل البروتوكول المبرم بين الجامعة (كلية التربية) ووزارة التربية في شأن مخرجات التعليم، والذي يؤكد التنسيق بين الجهتين وفقا لما تحتاجه الوزارة من تخصصات.

4 ــــ ضرورة التواصل وبأسرع وقت ممكن بين الجامعات والوزارات لبحث الأعداد المتوقع تخرجها في كل التخصصات وأخص بالذكر تخصص رياض الأطفال وتخصص تربية إسلامية وهي دون شك أعداد كبيرة جدا تتطلب التفكير والبحث لكونها ستشكل اختباراً صعباً للوزارة بشكل خاص، والمجتمع بشكل عام.
أ‌. د. سعد جاسم الهاشل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock