د. عادل الزيد لـ “أكاديميا”: وزارة التربية والأسر تتحملان مسؤولية إصابة الطلبة بالحالات العصبية والتوتر أثناء الامتحانات!

• هل هناك اختلاف بين البر بالوالدين في الماضي والبر بالوالدين في الحاضر؟- منذ 50 عاما كانت كان رب الاسرة الكويتية لا يأكل مع زوجته والأولاد وكان يضع له الاكل بمفرده ولا أحد يتقدم عليه أثناء الأكل وينتظره حتى تناول الطعام، ثم بعد ذلك تقدم الزوجة لتناول الطعام، وهذا الشيء لم يخص الأسرة الكويتية والكويت فحسب بل انها امتدادات عبر الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية بصورة عامة، وكان يروا ان تناول الاب للطعام بمفرده هو الصورة الصحيحة لبر الوالدين.ولكن اليوم اختلفت هذه الصورة تماما وأصبحت أي اسرة كويتية التي كانت ترى صورة البر بشكلها الماضي في انتظار الأب حتى ينتهي من طعامه لتناول الطعام، هي نفس الاسرة التي تنظر الان إلى ان من البر جلوس رب الأسرة بجوار أبنائه وزوجته على طاولة واحدة لتناول وتجاذب أطراف الحديث مع بعضهم البعض وخلق روح من الألفة والمودة والرحمة.وهكذا فإنك تجد ان البر هو البر نفسه لم يختلف الماضي عن الحاضر، بل ان صوره هي التي تغيرت.كما أن البر لم يجعلنا نتصور ان هناك خلل في المنظومة الأخلاقية للأسرة، وهذا لم يحدث والمنظومة الأخلاقية مصونة، وصورة البر هي التي تغيرت، مما يعني ان ليس كل المعطيات والأشياء الخارجية خطأ.• كيف ترى الأجهزة التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الشباب؟- البعض يرى ان أجهزة الهاتف المحمول والأجهزة التكنولوجية ومواقع التواصل الاجتماعي والفضاء المشترك بين الدول مصيبة حلت على مجتمعاتنا، وصورة من صور نهاية الكون، ولكنني لا أرى تلك النظرة، واعتقد انه من الخطأ ان ننظر إلى الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي على انها مصيبة أو انها خطر يهدد الاسرة، بل نحن في حاجة إلى ان نعلم أبناؤنا الاخلاق الحميدة في تعاملاتهم مع التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بذات الكيفية التي نتعامل بها معهم في بيتنا مع الناس وفي الشارع والمدرسةوهناك العديد من أشكال الاخلاق الحميدة ومنها إذا تحدثنا عن غض البصر فهو وارد في تعاملاتنا مع مواقع التواصل الاجتماعي وأيضا في الهواتف الذكية.والحديث الشريف للرسول -صلى الله عليه وسلم -: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخَالِل»، وهو وارد في الهواتف الذكية وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وعلينا اتباعها.وكل هذه القضايا الأخلاقية نحن في حاجة إلى ان نعلمها إلى أبنائنا في إطار المستحدثات العلمية، ودور الاسرة هو أصدر الاخلاق الحميدة وتعليم الأبناء كيفية نقل هذه الأخلاق من بيئة القرية أو الفريج في الكويت إلى بيئة التكنولوجيا واستخدام التلفون والانترنت والتلفزيون، وهذا هو دور الاسرة منذ ان خلق الله سبحانه وتعالى الكون ان يكون الابوين مسؤولان عن الاخلاق الحميدة وتعليمها لأبنائهم، ثم بعد وصولها إليهم يجب استخدمها في المستحدثات بمجتمعاتنا.• بعض الأبناء تنظر إلى أنفسهم على أنهم لديهم معرفة أكثر من آبائهم كيف تتعامل الاسرة مع هذه المواقف وكيف ترى ذلك؟- أنا أرى ان ثقافة الأبناء تفوق ثقافة الآباء والسبب الوحيد في ذلك هو قدرتهم على استخدام الأجهزة الالكترونية بكفاءة عالية وأصبح لديهم كماً كبيراً من المعلومات المتخصصة على الرغم من أنهم غير متخصصين في ذات التخصص، وذلك لسهولة استخدامهم مواقع الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ومعرفتهم بمواقع البحث وغيرها وسائل التقنية.ويجب على الاسرة استبعاد الأفكار والهواجس لدى البعض بانه على الرغم من فوائد الأجهزة مفيدة إلا انها قد تفتح باب إلى اخطاء أكبر.وأنا شخصياً اختلف مع هذه الأفكار ويجب تطبيق الاخلاق الحميدة مع كافة استخداماتنا التكنولوجية والاستفادة منها في تعاملاتنا، وهو ما سيقلل من التحديات التي تواجه الاسرة، كما سيقلل الخوف والاضطرابات في سلوكيات الشباب والأطفال.
* هل المشاكل زادت مع استخدامات التكنولوجية؟- نحن نرى ان المشاكل اليوم قلة ولم تزيد، ففي فترة ستينيات القرن الماضي كانت المشاكل الأخلاقية موجودة، وكان الأطفال يخرجون إلى الشارع ويتعلمون من بعضهم البعض السلوكيات سواء كانت إيجابية أو سلبية، بالرغم من عدم وجود وسائل تكنولوجية، إذن فنحن من نصنع هذا الصراع، وهو في الأساس غير موجود.بل انها تعتبر تحديات وتلك التحديات موجودة هي جزء من واجبات الاسرة يجب ان تهتم فيها وتتعامل معها بكل حريص وتؤدي واجبها على أكمل وجه.• كيف ترى تأثير المجتمعات الغربية على شبابنا؟في الحقيقة هذا التحدي هو تحدي دولة وليس تحدي أسر أو أفراد، وانا لا أستطيع ان أنكر على الشباب الانبهار بالمجتمعات الأوروبية، ومن يذهب إلى تلك الدول سيرى النظام مطبق في الشارع وفي الدوائر الحكومية،كما لا يمكنك ان تحدثني عن انهم أقل منا أخلاقيا أو أكثر منا تفككا، فالشباب عندما يذهب إلى هناك لا يرى هذه النمطية بل انه يرى العلم والتقدم التكنولوجي، ويرى كيف يستطيع ان ينجز معاملته عبر البريد الالكتروني دون الحاجة إلى واسطة أو رشوة، وكيف يتم تطبيق النظام، كل هذه القضايا لا تخص الكويت فحسب بل انها تخص العالم العربي برمته، وفي العالم العربي إذا ارادت ان تنجز معاملتك لابد ان يكون لديك واسطة او تدفع رشوة، كما من الممكن انجز معاملتك بدون رشوة او واسطة ولكنها ستأخذ الكثير من الوقت،ولا يمكنني انكار ان في المجتمعات الغربية واسطة أو رشوة ولكنها لا تؤثر على مسيرتهم اليومية، وهذه المقارنات ينظر إليها الشباب وتجعله ينبهر أثناء تواجده في تلك المجتمعات، وهذا التحدي ليس أسرة وحدها بل انه تحدي دولة في كيفية الارتقاء بمستوى الخدمات وتقديمها، وهو ما يجعلني لا انبهر بشيء أخر ملموس، وهذا مشروع دولة يجب وضعه في الاعتبار.> يقبل الطلبة على أخذ المنشطات والمنبهات في اوقات الاختبارات؟< في البداية أود الاشارة إلى دراسة خفض تناول المخدرات لدى الطلبة التي أجرتها الدولة من خلال وزارة الصحة وبالاتفاق والتعاون مع المجلس التنفيذي لمكتب الصحي لدول مجلس التعاون العربي وأجريت في جميع دول الخليج، وبينت أن أحد المداخل الرئيسة للمخدرات هي التدخين، إذن فإذا أخذت أي مادة أخرى فهي أيضاً تسهم وتساعد في الاقبال على المخدرات سوى كانت كافيين للتنبيه او مشروبات طاقة للتنشيط الجسم أو سيجارة لتقليل من حالة القلق نتيجة بسبب الامتحانات، وكل مادة يأخذها الشباب بدافع الحصول على شيء إضافي تفتح باب الدخول إلى بوابة عالم المخدرات.وهنا أود ان أوضح بان التوتر والقلق والعصبية التي تصيب الطلبة خلال فترة الامتحانات تسأل عنها وزارة التربية والأسر معاً، ووزارة التربية تضع الامتحانات للطالب وكأنها تتحدى العالم اكون أو لا أكون، وهذا ما يشعرون الابناء الطلبة بانها حرب وليست اختبارات، وكثير من الآباء تجدهم يقولون بانهم سيدخلون معسكر مغلق من أجل الامتحانات، كل هذه العوامل تصيب الأبناء بحالة من التوتر وتجعلهم يفكرون في وسائل مساعدة لزيادة التركيز للحصول على أعلى الدرجات، مما يجعلهم يلجؤون للمواد المنبه أو أحيانا المخدرة، وهذه قضية خطيرة، وقد انتبهت إليها الدول والمجتمعات فأصبحت تمتحن الطالب في المواد التي يرغب في التخصص بها فقط دون الحاجة إلى الامتحان في مواد اخرى والتركيز عليها، وذلك من أجل نجاحه في التخصص تفوقه فيه.• ما هي كيف يمكن التوعية من المخدرات؟- ونحن في حاجة ملحة إلى الحديث عن التوعوية بخطورة المخدرات وزيادة وسائل مكافحة المخدرات، والتأكيد على الآباء بأهمية قضية المخدرات، والحديث عن دورنا التربوي لتقليل من خطورة المخدرات.ولابد ان نعمل كمنظومة مجتمعية متكاملة بين مؤسسة الدولة والاسرة للخروج بالنتيجة التي نريدها.• كيف يمكن للأسرة ان تعرف بأن أحد ابنائه مدمن؟- أول ما تتغير علاقته بالأب أو الأم.• مؤخرا يدخل الشباب إلى بعض مواقع لمعرفة علوم الدين ثم ينكشف بعد ذلك انها مواقع تبث الفكر المتطرف وتنظيمات داعش فكرية كيف يمكن القضاء على هذه الآفة؟- التطرف الفكري والديني موجود منذ فجر التاريخ وقبل 1400 سنة أي منذ فجر الإسلام، وكان هناك الشباب المتشدد في أفكاره الدينية، وانهنا رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم –عن التشدد، وطالبنا بالموازنة بين الحياة، ووضع لنا قواعد لتوصيلها إلى المجتمع، ولكننا للأسف تعاملنا مع هذه القضية بشكل بتطرف، وتعاملنا مع كل ما هو ديني بتشدد، وهو ما وجاء بشكل عكسي علينا، وجعل الشباب يتشدد بشكل أكبر، وللأسف نحن متطرفين في الاتجاهين، فهؤلاء الشباب لو وجدوا الرعاية المجتمعية الصحيحة في البداية ووجد بان المجتمع لا يوجد فيه صراع فكري، ودون البحث عن طرف ما ينضم إليها. ونحن نريد ان ننهي الصراع الفكري في المجتمع وعلى مدى العصور وتاريخنا العربي كلما ظهر الصراع الفكري ظهر معه التطرف الديني، وهناك العديد من الأمثلة ومنها الفيلسوف ابن رشد من مستشار لأمير المؤمنين إلى المنفى في احدى قرى اليهود، ومن ظهور ابن رشد ظهر معه المؤيدين له وأيضا المكفرين له، وكلما ظهرت الصراعات الفكرية ظهرت العديد من الجماعات المختلفة، ولابد لنا كمجتمع ان نبحث كيف نتناقش فكريا وليس كيف نتصارع فكرياً، وعندما نتناقش فكريا ستكون الأمور هادية.• هل نحن في حاجة إلى مركز للتوجيه الفكري للشباب؟- مجتمعاتنا لا ينقصها مراكز فكرية أو ثقافية ولكن نحتاج إلى حسن استثمار ما نملك من مراكز واسطية في وزارة الأوقاف، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ويجب استثمارها واستغلالها في توجيه الشباب فكرياً.• ما هي نسبة الشباب المتعاطي للمخدرات؟- النسبة في معدلة لما هي موجودة في العالم وطبيعية وليست كبيرة، ولكن المشكلة هي ان كل شخص مدمن يستحق منا الرعاية ونوفر له الخدمات، لان المدمن يؤثر على اسرته وعلى أصدقاءه وعلى المجتمع، لذلك فإن الشخص منهم يمثل 100 شخص، والأعداد متقاربة جدا مع النسب الطبيعية.• كيف يمكن ان نتعامل مع شخص مدمن؟- الإدمان مرض والتعامل مشاكل الإدمان متوفرة في الكويت بشكل كبير وعلى درجة عالية جدا وكفاءة، وأطلب من كل أب لديه ابن مدمن بالا يتأخر في إيصاله إلى المؤسسة العلاجية ولا تأخذه قضية الشعور بالخوف من المجتمع، لأنه إذا تأخر على المؤسسات العلاجية، فإنه سيصل إلى المؤسسات الإصلاحية، ويعتبر الهيروين من أكثر المواد المخدرة تعاطي، والنهاية صدمة الشعور بوجود مدمن في البيت وعلاجه، أفضل بكثير من الصدمة بوصوله إلى المؤسسات الإصلاحية.كما أنني لم أجد أفضل من شباب الكويتي في الوطن العربي شابا واعيا فكريا ومثقفا ويعمل ويطور في خدمة المجتمع ويسهم في عجلة التنمية.