“انتم جزء منا ونحن لسنا جزء منكم” كتبت | د.دلال الردعان
تبدو حوادث انتحال مهنة طبيب من قبل المحتالين غريبة ولكنها في حقيقة الامر مريبة بل وان صدقنا القول فهي مرعبة جداً خاصة عندما توقن بأن صحتك وسلامتك قد تكون يوماً ما على كف عفريت بدرجة محتال عبقري
وعلى سبيل الصراحة فإن مثل هذه النوعية من القصص قد تثير في نفوس الناس الضحك للوهلة الاولى من قراءتها في الصحف ولكن سرعان ما تعلو وجوههم مشاعر الاستغراب التي تبرز في تساؤلاتهم حول كيفية اتقان هؤلاء المحتالين دور الطبيب ولفترة زمنية قد تمتد لسنوات لدى البعض
ان اكثر هذه الحوادث طرافة هي تمكن ياباني من خداع الآلاف طوال اكثر من ٣٠ عاما بأنه طبيب متخصص في تقويم العظام وتجبيرها في إحدى العيادات في ا طوكيو والغريب في الامر ان اياً من مرضاه لم يتقدم بأي شكوى ضده كما ان ادارة العيادة لم تشك يوما في كفاءته فهو يستقبل ما بين 20 الى 30 مريضا في اليوم وقد اعترف بانه كان يعمل في قسم الاشعة في احد المستشفيات وقد اكتسب الكثير من الخبرة في مسألة تقويم العظام وتجبيرها والطريف في الامر ان الطبيب المزيف وقع في المصيدة بسبب مخالفة سير
وفي بريطانيا مارس طبيب مزيف من جورجيا مهنة الطب وعالج أكثر من 3000 مريض على مدى عامين
وفي السودان مثلاً كان الامر اكثر يوءاً فقد تم إغلاق (40) عيادة نهائياً بشارع الحوادث وضبط (100) طبيب مزيف
وفي السعودية ظل وافد هندي ينتحل صفة طبيب تخدير لمدة 20 عامًا حتى اكتشف امره مؤخراً
وهذه ليست الحوادث الاولى ولا الاخطر في هذا الميدان..ومؤخراً في الكويت يبدو ان اكتشاف امر الطالب في المعهد التجاري الذي انتحل صفة طبيب معالج في المستشفى الاميري واجرى العديد من العمليات الجراحية بمباركة من ادارة المستشفى سيكون بمثابة القشة التي ستقصم ظهر البعير في وزارة الصحة .. هذه الوزارة التي مازالت تتلاعب وتستهين بأرواح المواطنين بأخطاء أطباءها الطبية والفشل الاداري لمسئولين الصحة لعد هذه الحادثة
بصراحة انا اتسائل كيف اتقن هذا المحتال كتابة وصفات الادوية ودخول غرفة العمليات ولم يكتشف امره من الهيئة التمريضية؟ وماهو عدد المرضى الذي عالجهم ؟ ما نوع الحالات المرضية والادوية التي صرفها ؟ وعدد العمليات الجراحية التي اجراها ؟ او بالاحرى كم عدد حالات ( الوفيات – الاخطاء الطبية – المضاعفات ) التي نتجت عن ممارسته لهذه المهنة المزيفة؟
أتدرون من هو اكثر عبقرية واتقان للادوار المزيفة…اساتذة الجامعات اصحاب الشهادات الوهمية يذكروني بالمقولة المصرية “بتاع كله” اتقنوا دور المتعلم والمعلّم وببراعة ولم يكتشف امرهم الا بعد عشرات السنين.. فكم هو مقدار المعلومات المغلوطة التي أرسلوها للطلبة وكم من الاتجاهات السلبية او المنحرفة أملوا على الطلبة تبنيها
ان قطاع التعليم والصحة هما اهم الركائز الاساسية في تنمية اي بلد .. كيف يتم اختراقهما بهذه السهولة وبجو من التسيب والفوضى. في وقت ظل به المسئولين في هذين القطاعين منشغلين بنثريات المناصب وبرستيجاات المهمات والغاء قرارت من سبقهم بالمناصب وتكوين حاشية موالية وداعمة وناصرة لهم ضد من يخالفهم الرأي. هذه الاختراقات يرفع لها القبعات في عبقرية اصحابها في انتهاز الفرص واللعب على المستور بكل براعة وجرأة ولكن هل يسمح لنا الشعب المخدوع بخطط التنمية ان نقصف وبقوة جبهات مسئولي هذه القطاعات بهذه القبعات؟
هل أضحينا ونقولها بكل اريحية وصراحة: شعوب غنية في بلاد نفطية غير آمنين على صحتنا وسلامتنا في المستشفيات فهل سنكتشف يوماً بأن من عالجنا لسنوات “سمكري” مثلاً .. نحن لسنا آمنين على تعليم ابنائنا في المدارس والجامعات ولا حتى على معيشتنا.. خاصة بعد تصريحات المسئولين اللامسئولة.
.. فهل سنرى زمن العجائب في الكويت قريباً …خاصة بعد قرار الكويت بدراسة رفع أسعار المشتقات النفطية والبنزين في وقت تخفض دول فقيرة هذه الاسعار رسميا..وقرارات اخرى برفع الدعم في التموين وغيره من المستلزمات والامور التي تتعلق ب”عصب الحياة” وكأن دولة الرفاة بدعة ابتدعوها وصدقوها بأن المواطن مرفه امام غلاء الاسعار والعقار وخلل التركيبة اليكانية وهدر الميزانية والفساد وبطالة الشباب وانتشار المخدرات بين الشباب والعنف والمشكلات الاجتماعية والاضطرابات النفسية..والخ .. من هنا يأتي الخداع للشعوب ولكن بعبقرية وبشكل مؤسف يضر المواطن العادي نفسياً ومعنوياً وفكرياً وبشكل تتم به حمابة المصالح الشخصية والتنفعات السياسية للمسئولين بل وحمايتهم ان اكتشف امرهم بالفساد
لهؤلاء المسئولين …الرجاء..كل الرجاء..بأت تتعلموا لغة الخطابة التي توجهون بها الكلام لعامة الشعب .. خطب المسئولين في دول اخرى تخضع للتحليل والمراجعة من استشاريين سياسيين ونفسانيون واقتصاديون قبل ان بجرؤ اصحابها على الصدح بها…فقد يأتي يوما يكون اصحاب تصريحات ك “ماي الحكومة” و “دولة الرفاة” حكاماً وبكل أمانة نقولها فأنتم جزء من الشعب وليس الشعب جزءا منكم .. نحن لسنا جزء من السرقات والفساد.. فلا ذنباً لنا فيها فهل يُعقل ان نعاقب بذنوب غيرنا!!
ولمحرد التذكير والعلم ان الكويتيون تكاتفوا مع حكامهم حباً لهم وحباً لهذه الارض التي افتدوها بأرواحهم وسيظلوا ملتفين حول حكامهم الى الابد ولكن لن يقبلوا على انفسهم ان يأتي اليوم الذي يعايرهم اي جاهلاً كان بأبسط أمور المواطنة التي هي حق لهم ..وذلك لسبب بسيط فإن ملكية الموارد الطبيعية للدولة ليست لحكومة او لوزير او حاكم
واخيراً «نحمد الله ان الهوا ببلاش” ياعباقرة!!
د/دلال عبدالهادي الردعان