مهرجان الكتّاب في براغ يستضيف أدباء عرباً
القبس – ساد موضوع «الخوف» على أعمال مهرجان براغ الدولي للكتّاب الذي انعقد للمرة الخامسة والعشرين على التوالي، تحت رعاية رئيس مجلس الشيوخ ميلان شتييخ.
مجموعة مرموقة من الكتّاب التقوا هذه المرة حول موضوع بات يشكل في الوقت الحاضر نقطة التقاء لمدارس فكرية مختلفة، كلّ ينظر إليه من وجهة نظره الخاصة، وانطلاقا من انتمائه الايديولوجي أو الديني. وعلى الرغم من آنية الموضوع المطروح فانه لم يكن وليد الساعة، بل تم اختياره قبل عامين خلال التقدم بطلب للحصول على التمويل من الجهات الراعية.
رئيس المهرجان الشاعر الأميركي مايكل مارتش قال لـ القبس ان «موضوع الخوف مر افق لحياة الإنسان، ويحضر بقوة في هذا الوقت من خلال سلسلة من الأحداث التي ترافق التطورات السياسية المختلفة حول العالم». الخوف هو جزء مكمّل لتطور البشرية ويجب التعامل معه من هذا المنطلق.
ولأن المهرجان أراد هذا العام، على ما يبدو، أن يتعامل مع موضوع الخوف من منطلق الحدث السياسي الذي يتحكم، أو يؤثر، في الإنتاج الأدبي بشكل عام، فقد انعكس ذلك في طبيعة المشاركة والدول التي ينتمي إليها الكتّاب. فبالإضافة إلى تشيكيا كان هناك حضور من إسرائيل، المغرب، العراق، اليونان وحتى إيران.
الحضور العربي اقتصر هذا العام على رئيس اتحاد الكتّاب المغاربة عبدالرحيم العلام الذي تولّى محاورة الكاتب العراقي صموئيل شمعون حول تجربته الأدبية منذ خروجه من العراق حتى استقراره في لندن. ثم قرأ شمعون من كتابه «عراقي في باريس» الذي يروي تجربته مع القمع والاضطهاد إبان عهد الرئيس السابق صدام حسين، والتجارب المريرة التي عاناها في بعض الدول العربية التي زارها بعد ذلك.
أما الحضور الأبرز فكان للكاتب الإيراني الشهير محمود دولت أبادي الذي تحدث في اليوم الأخير من المهرجان، وتشارك مع الحاضرين بمقتطفات من كتابه «الكولونيل» الذي لم يتمكن من نشره في إيران لأسباب سياسية. ويُعرف عن دولت أبادي أنه من أفضل الكتّاب الإيرانيين ويتمتع بشعبية كبيرة في إيران وأقطاب العالم. «أنا أديب أقدّر الأدب بشتى أشكاله ولا علاقة لي بالسياسة»، كما قال، داعيا في مداخلته إلى تغليب لغة الحوار والانفتاح على العنف والكراهية. وحسب رأيه فان إدانة العنف ظاهرة موجودة في المجتمع الفارسي منذ مئات السنين، لأن «الشعر الفارسي دعا قبل 1200 عام لرفض العنف رفضا تاما»، كما قال.
وكما كان متوقعا، فقد ألقت مشكلة اللاجئين بظلالها على أعمال المهرجان وشكّلت مادة لسلسلة من المداخلات التي شهدتها أروقة مجلس الشيوخ، حيث جرت وقائع المهرجان. أبرز ما صدر بهذا الخصوص كان عن الكاتب التشيكي الشاب ماريك شينديلكا الذي تحدث بانفتاح شديد عن موضوع الهجرة الذي يشكّل أولوية في الحوار العام الذي يجتاح الدوائر الشعبية والثقافية الأوروبية. وانتقد المذكور طريقة تعامل بعض المجتمعات الأوروبية مع هذا الموضوع، لا سيما في أوروبا الشرقية التي لا تملك أي تاريخ فيما يخص مسألة التعامل مع الهجرة. ودعا كتّاب بلاده للالتفاف حول سياسة واضحة تعبر عن تضامنها مع المهاجرين وتحاول إيجاد الحلول اللازمة لمشاكلهم.
المهرجان يحاول في كل عام إحداث ثغرة في الركود القائم في النقاش الأدبي العام في هذه المنطقة من العالم. ولأنه كذلك فهو يشكّل حالة فريدة من نوعها يجب دعمها والثناء عليها. «نحن نحاول دائما جلب الأفكار الجديدة إلى هذه المنطقة بهدف تعزيز الوعي العام حول القضايا التي تشغل الرأي العام»، كما قال مايكل مارتش.
هذا وتم في نهاية المهرجان منح جائزة «سبيرو سفيرغوس» (كاتب يوناني راحل) إلى الكاتب والدبلوماسي اليوناني كونستانتين كوكسيس، الذي ركّز أيضا في مداخلته على موضوع الهجرة واللاجئين الذي تتخبط به اليونان بشكل خاص، وأوروبا بشكل عام.