الطلبة «على كف عفريت»! | د. نادية القناعي
لن أتحدث عن العرب قديماً، وكيف كانوا مجتهدين ومتعطشين للعلم، وكيف كان الغرب هو من يستقي العلم من ترجماتنا للكتب المختلفة، بل سأتحدث عن عالمنا العربي اليوم، وبغض النظر عن وجود فئة متطلعة وباحثة في مجتمعنا، فإنها تمثل الأقلية فقط.
إن المشكلة الأساسية منبثقة من جذور الزمن الذي نعيش فيه، ولم تظهر على السطح بغتة. نحن لا نعطي العلم أهميته، لأننا مستهلكون بالدرجة الأولى، ولكن ما ذنب الأجيال الحالية التي تتربى على عدم الاكتراث بالتعلم.
العلم بالنسبة إلى الآباء هو الانتقال إلى المرحلة الآتية في السلم الدراسي، فلا يعبأون بالمحصلة الفكرية للطالب أو الطالبة. أن تكتب على شهادة الطالب كلمة «ناجح» ولا يزال دماغه صفحة خالية من الفهم والحفظ لما تعلمه لهو أفضل وأسعد بالنسبة إلينا من أن يكتب أنه راسب مع أنه اكتسب علماً يفيده في حياته المستقبلية! طلب العلم أصبح في مجتمعنا ثقلاً كبيراً، وهذا مؤشر خطير يودي بنا إلى الانحدار.
ثقافة المجتمع حول موضوع «العلم» عليها أن تتحول كلياً. فتربية الأجيال تكون على أن العلم شغف وليس عقاباً.
علينا تأسيس الطفل بأن الرقي الفكري ودرجة استيعاب المواد أهم من الدرجة الرقمية. كذلك إشعار الصغار بأن اليوم الخالي من التعلم هو يوم ناقص. وزرع فكرة أن الإجازات ما هي إلا استراحة محارب، ليبدأ بعدها الاجتهاد من جديد، فالإجازة مساحة لتصفية الدماغ ليتسنى له استيعاب حصص تالية بمعارف جديدة.
عندما هطل المطر الأسبوع الماضي، تسارع الطلاب والطالبات إلى الغياب! مع أن المطر توقف في ما بعد، فكان بالإمكان معاودة الذهاب إلى المدارس. لنفرض جدلاً أن لديهم «فوبيا» من الماء والمطر، فلماذا الغياب كذلك في اليوم الذي يليه، وكأن المدرسة كابوس؟!
أعلم ألا ذنب للصغار، فالكلام موجه إلى أولياء الأمور. كيف نطالب بالتطور، ونحن من نهرب أساساً من التطور؟!
د. نادي القناعي
القبس