د.سعود الحربي : كتاب جديد سوف يطرح في العام القادم خاص بتاريخ الكويت
صياغة معايير جديدة للمناهج الدراسية
أكد الوكيل المساعد للبحوث التربوية والمناهج د.سعود الحربي أن فلسفة تطوير المناهج تعد الموجه الحقيقي لعملية التطوير و تستند على أسس عدة و تأتي في عدة سياقات هي : التطور المعرفي للمجالات العلمية، فمن سمات العصر الحالي التطور والتغير المتسارع في صميم المعرفة الإنسانية والعلمية بشكل عام ، مما جعل المعلومات والمعارف في شتى المجالات متجددة ، مما شكل تحد كبيراً للتربية وعلى وجه الخصوص المناهج الدراسية ، بحيث لا يمكن القبول بأن تكون مناهجنا تعيش حالة اغتراب وانفصال عن العلم والمعرفة الحديثة ، لأنها حتماً ستصبح من غير فائدة أو تأثير يذكر ، لذلك نسعى أن نواكب في مناهجنا تلك المعارف والمعلومات والتي تتغير بين ليلة وضحاها ، آخذين بالحسبان أن لكل مادة خصوصيتها المعرفية ومهاراتها الأساسية .
و أضاف د.الحربي في تصريح صحافي قائلاً : لاشك أن حاجات ومتطلبات المتعلمين تعد أحد سياقات فلسفة تطوير المناهج ، فلا أحد يخالف مقولة أن المتعلم هو محور العملية التعليمية والتربوية ، في الوقت نفسه ندرك بوضوح تغير حاجات ومتطلبات المتعلمين ، الجسمية والنفسية والروحية والاجتماعية والعقلية وبذلك وضعناها نصب أعيننا ، وهذا كله يأتي في سياق ما نلاحظه من حالة التغير والتنوع في تلك المتطلبات والحاجات ، لاسيما الحاجات الخلقية والقيمية في عالم الآلة وأثرها اليوم على واقعنا الحياتي بشكل عام على مجرى حياة الإنسان ، بالإضافة للمهارات الحياتية التي تمكنهم من العيش بفاعلية وشعورهم بقيمتهم ومكانتهم ، ومن هنا نركز على الجوانب المعرفية والتي نقصد بها المعلومات والحقائق والمفاهيم والجوانب المهارية مثل المهارات العقلية والاجتماعية والأدائية ، والجوانب القيمية والتي تحكم سلوك الإنسان بشكل كبير.
ويكمل : ومن سياقات فلسفة تطوير المناهج ، حاجات ومتطلبات المجتمع والدولة ، ونقصد بها ما يريده ويتوقعه المجتمع من المعلمين ، فنحن في وزارة التربية نُعد المتعلمين للحياة بالمفهوم العام وهذا يشمل تكوين المواطنة وسوق العمل وغيرها من أوجه المعيشة في المجتمع ، بالإضافة لما نلاحظه من تحديات كبيرة وخطيرة بسبب أفكار الغلو والتطرف ومن هنا نعمل لتحصين أبناءنا من تلك الأفكار وبالمقابل نعزز القيم الإيجابية ونزيد من مضامينها وأثرها على المتعلمين خصوصا قيم حقوق الإنسان والمواطنة والانتماء والولاء وغيرها من القيم الإنسانية .
ومضى قائلاً : ولتأكيد استجابة المناهج الدراسية لمتطلبات المجتمع ، سوف نقوم بإعادة تدريس مادة الاقتصاد برؤية عملية جديدة ، كذلك مادة علم الاجتماع والتي تُعد من المجالات الأساسية لأنها ترتبط بالبعد الأفقي للإنسان ، كذلك سيكون هناك كتاب جديد لمادة الفلسفة ، وهذا يتزامن مع تطوير المناهج الدراسية الأخرى .
وتابع د.الحربي : إن المستجدات التربوية تعد أحد سياقات فلسفة تطوير المناهج ، وهي ما يطرأ على الفكر والتربوي وفلسفته وهذا يرتبط بالأهداف والسياسات والقيم ، بالإضافة لعلم النفس التربوي والمناهج وطرق التدريس والإدارة وتكنولوجيا التعليم ، كل هذه المستجدات لها أثرها في التربية والتعليم ، وهي من يقدم الحلول الواقعية والعملية للإشكاليات التربوية ، من جانب الآخر نجد أن التطور التقني لا يمكن تجاهله وبذلك أخذنا ننظر لها كمساعد ومعزز لعملية التعليم ، في الوقت الذي نحافظ فيه على مهارات التعلم الأساسية ، مع الحفاظ على الجوانب الصحية والنفسية للمتعلمين ، بمعنى أننا ندمج التكنولوجيا بالتعليم بوعي ومنطق ووضوح .
وأشار الحربي إلى ثلاثة مفاهيم متداخلة خاصة بتطوير المناهج ، وهي بمجملها مصطلحات تربوية معتمدة حتى من الناحية المنطقية ، وهي مفهوم التطوير ويقصد به أن هناك مناهج جيدة وتحتاج لرفع مستواها ، كأننا نقوم بتطوير جهاز معين مثل زيادة السرعة أو الذاكرة ، وهذا ينطبق على مناهج اللغة الإنجليزية والعلوم والرياضيات ، و التعديل ويقصد بذلك أن هناك مناهج نبقي على مضامينها الأساسية ولكنها تحتاج إلى بعض التعديل ، مثل مناهج التربية الإسلامية والاجتماعيات ، بالإضافة إلى التغيير و يقصد بها التغيير الشامل في المناهج سواء في الأطر العامة أو المضامين ، وهذا يشمل اللغة العربية والتي عدنا بها بطريقة التعلم من الجزء إلى الكل ، ومادة القرآن الكريم والتي سوف تكون هناك رؤية جديدة حولها .
واستطرد قائلاً : في ضوء ذلك تم إعادة النظر في الخطط الدراسية ، حيث بدأنا بالمرحلة الابتدائية وجار الإعداد للمرحلة المتوسطة ، وتم إعادة النظر في المحتوى العلمي للمناهج الدراسية من حيث الكم ، كما تم تقييم المحتوى العلمي للمناهج الدراسية ، إلى جانب صياغة معايير جديدة للمناهج الدراسية ، وعقد دورات تدريبية للمعلمين والموجهين ومديري الإدارات .
ونوه د.الحربي إلى أبرز الانجازات في هذا السياق قائلاً : تم تطبيق خطة جديدة للمرحلة الابتدائية ، وتم البدء بتطبيق مناهج الصف الأول الابتدائي ، بالإضافة إلى تشكيل لجان متخصصة لإعداد مناهج الصف الثاني الابتدائي والسادس المتوسط للعام الدراسي القادم .
وحول ما إذا كانت مناهج وزارة التربية في السابق كانت دون معايير قال د.الحربي :
مؤكد أن هناك معايير وأهداف تم العمل بها منذ سنوات ، لاسيما أنها مرحلة من مراحل تطور الفكر التربوي على وجه العموم ، أما القول بأنه لا توجد وأسس ومعايير فهذا مجاف للحقيقة وإلا كيف كانت تسير الأمور ، والدليل على ذلك أن مناهج العلوم والرياضيات واللغة الإنجليزية مناهج عالمية بالأساس بُنيت على معايير ولها مدى وتتابع ومواصفات فنية عالية المستوى .
وتابع : المغالطة الأخرى في هذا السياق القول بأن مناهج وزارة التربية تقوم على المحتوى ، وهذا أيضا كلام غير منطقي ، فمناهجنا قبل سنوات كانت تقوم على الأهداف والتي هي مرحلة من مراحل الفكر التربوي خصوصا في ضوء علم النفس التربوي السلوكي ونظريات بلوم في الأهداف ، كذلك من الأمور التي نؤكد عليها أن هناك مناهج تقوم على المحتوى لطبيعتها المعرفية والقيمية مثل التربية الإسلامية والاجتماعيات .
وبسؤاله حول سبب إلغاء مادة التربية الوطنية من المناهج الدراسية ؟
التربية هدفها إعداد المواطن الصالح ، لذلك لا يمكن أن تقوم التربية والمناهج دون أسس ذات بُعد وطني وقيمي ، ومن هنا فإن التربية الوطنية جزء من عمليتي التعليم والتربية ، وكل ما هنالك تمت إعادة تدريسها ، حيث هناك تدريس ضمني وآخر منفصل ، ونحن في الكويت وجدنا أن تتم بصورة ضمنية لأنها أكثر تأثيراً في المتعلم ، مع العلم أننا نقوم بتدريس مادة الدستور وحقوق الإنسان بشكل منفصل ، ولدينا كتاب جديد سوف يطرح في العلم القادم خاص بتاريخ الكويت ، وكلها ذات مضامين وطنية وقيم تعزز الولاء والانتماء للوطن .
و في ما يتعلق بخطة المرحلة المتوسطة و المتوقع تغييره أجاب د.الحربي قائلاً :
عندما نقوم بإعداد الخطة الدراسية ، فإننا نستند إلى جملة من المعطيات من أهمها فلسفة المجتمع والأهداف التربوية وخصائص نمو المتعلمين وغيرها ، وكذلك هناك نقطة ذات بُعد أساسي وهو موقع المرحلة المتوسطة من السلم التعليمي ، فهي مرحلة تأتي بعد رياض الأطفال والتي ترتكز على فهم الذات والمسؤولية والاستقلال ، ثم المرحلة الابتدائية والتي يتم بها تعليم مهارات التعلم الأساسية ( القراءة – الكتابة – الحساب ) وتنتقل إلى المرحلة الثانوية وهي مرحلة مهارات التفكير العليا والمجردات ، بالإضافة إلى أنها نهاية التعليم الإلزامي والتي نرى أنه يجب أن يكون هناك حد أدنى يجب أن يصل إليه جميع المتعلمين .