رسالة إلى معالي الوزير كتبت : د. دلال الردعان
تصريحات وزير التربية الأخيرة تثير الدهشة والاستغراب والتساؤل في نفوسنا؛ هل هذا الوزير كويتي أم لا؟ هل يعيش بيننا في الكويت؟ وهل هو وزير للتربية أم وزارة أخرى؟
عندما يعلن الوزير أنه سيوكل مهمة مراجعة وتطوير المناهج الدراسية للبنك الدولي، هنا يمكننا القول أن سعادة الوزير فعلاً يغرد خارج منطقة التغطية، هل هؤلاء على علم ودراية كافية بمايدور في دهاليز وما وراء كواليس الوزارة، أيهم الأدرى بشعابها؟ والأكثر خبرة في تطوير هذه المناهج من هم في الميدان من الاستشاريون التربويون والاجتماعيون والنفسانيون والذي يحتكون يومياً بتفاصيل العملية التربوية يومياً، أم هؤلاء الباحثين المتكسبين الذين يتطلعون لحفنات الدنانير تودع في حساباتهم ودراسات يقومون بها وينتهي بها المطاف إلى الأرفف الأرشيفية؟
معالي الوزير هل لديك علم بأن هناك باحثون كويتيون مبدعون قادرون على القيام بنفس المهمة التي تريد أن توكلها إلى البنك الدولي من تطوير وتعديل للمناهج؟ وهل تعلم أن هناك غيرهم من الباحثون الأكفاء الذين تم رفض توظيفهم لدى الجامعة والتطبيقي بسبب الطائفية والعنصرية؟
أتعلم سعادة الوزير أن لديك طلبة قمة في الذكاء لا يحتاجون بعض المعلمين الفاشلين، الذين تضج بهم مدارسهم من غير الأكفاء المستوردون من الخارج البعيدون كل البعد عن روح ثقافة المجتمع الكويتي من دول الثقافات المعلبة التي أكل الدهر عليها وشرب، ولكن يحتاجون مناهج تحاكي إبداعهم بعيدة عن الحشو والتلقين؟
لعلنا نوافق سعادتكم تماماً في أن نظامنا التعليمي ومناهجنا هي الأفضل عندما تكون المقارنة مع مناهج تعليمية “داثرة” ونامية، لكن يبدو أن معاليكم غير مطلعين على أحدث الدراسات وثورة المناهج في الدول الأخرى الغربية والمتطورة، مثل الولايات المتحدة التي راقبت التطور المرعب في اليابان، وتمحصت بأسراره وبدأت تركز على العلوم والرياضيات في مناهجها ولا تدخر جهد من مرحلة الرياض لتقديم كلا المادتين بشكل مبسط وترغيبي، وسارت بريطانيا على النهج نفسه في السنوات الأخيرة، وفي فنلندا ألغيت المناهج واستبدلت بمواضيع مشجعة محاكية للواقع لمناقشة الحقائق العلمية وتقريبها لذهن الطالب ليسهل استيعابها،
التساؤل الذي يدور بأذهاننا اليوم هو هل وزيرنا على اطلاع بالاحصائيات العالمية التي ترصد التطور التعليمي في دول العالم ومرتبة الكويت بينها في هذا المجال؟
كذلك لم نسمع “حس” سعادتكم في قضية الضغط للتعيينات العشوائية، ورفض اعتماد ميزانية التطبيقي في المقابل وإهانة أعضاء التدريس والتدريب من قبل لجنة الميزانيات في مجلس الأمة؛ أين سعادتكم كذلك من مشاكل الطلبة في الخارج في الأردن واستراليا وأمريكا؟ هل لدى الوزير علم عن إهانة الطلبة الكويتيين في الأردن؟ هل لدى سعادة الوزير علم بأن الطلبة في استراليا يتسربون من الدراسة والعديد منهم تم فصلهم؟ وما هو السبب الخفي وراء عودة أعداد كبيرة منهم من استراليا مؤخراً؟
هل لديك علم سعادة الوزير أن ميزانية الأسر الكويتية منهارة من الدروس الخصوصية طوال العام الدراسي، بسبب مستوى الأغلب من المعلمين في الوزارة وخاصة الأجانب منهم؟ وهل لديكم علم معاليكم بالامتحانات المسربة من الموجهين الأجانب بالوزارة؟ هل لديكم علم بنسبة المعلمين الكويتيين المحولين إلى الوظائف الإدارية بسبب ضغط المسؤولين والمسؤولات عليهم وعدم تشجيعهم، مما ينتج عنه الضغط النفسي إلى جانب ضغط العبء التدريسي؟ هل لديكم علم كيف يتعامل الموظفون في ملاحقكم الثقافية مع طلبتنا؟ هل لديكم علم أن هناك طلبة كويتيون في الخارج يعانون من اضطرابات نفسية وحبيسي غرفهم منذ أشهر لعدم توفر الدعم النفسي والمعنوي لهم بالخارج، وتهاون ملاحقكم الثقافية في مساعدتهم، ولجوء العديد منهم إلى سفارات خليجية لطلب المساعدة؟
أتعلم حضرتك ماهو وضع الطلبة في الكليات وظلم الأساتذة لهم، وتأخر تخريجهم ومأساة التسجيل لديهم في المقررات؟ وهل تعلم أن الوافد يعطي أولوية القبول ويُحجز كرسي الجامعة له، ويدرس بيت أهله ويتنعم بخيرات الوطن وبالمجان، والكويتي يتغرب في دول هؤلاء ليتعلم مقابل المال؟ هل تعلم كم من الميزانيات ترصد لحفلات وأوبريتات كان الأجدر أن ترصد لترسيخ الوطنية بالعمل والتعلم وليس بالغناء؟
وفي وزارتك ترصد مكافآت أعمال المعلم الوافد قبل المواطن، والسؤال لماذا؟ إذا كان المعلم الوافد يجتهد فقط للحصول عليها، بينما الغرض الأساسي من توظيفه هو أن يعمل بكل جهد ليقبل له التجديد، أما المعاييرالمطلوبة للترقية في وزارتكم فهي مأساة ومقلوبة وتفوح منها رائحة الفساد.
وبكل صراحة، هذا قليل جداً من كثير لم يُسرد هنا، ولكن يبدو أن وزارة معاليكم الشق فيها جداً كبير، وهل نعتبر أنفسنا تعشمنا بالإصلاح والتغيير الجذري للوضع المأساوي للوزارة؟
وأقول لمعاليكم: “هذه أمانة قلدت بها
ومازال هناك أمل في معاليكم للتغيير”
د/ دلال عبد الهادي الردعان
استشارية نفسية
عضو هيئة تدريس – كلية التربية
