طلبتنا في الخارج

قصص المبتعثين .. برمضان

  

لطالما حل الشهر الكريم ضيفا ينكأ جراح الغربة لأغلب المبتعثين، والسبب فقدان لجلسة مع الأهل والأحباب أو حتى اشتياق لصوت الأذان المحلق على سفرتي الإفطار والإمساك. المبتعثون لهم مئات القصص والتجارب في الغربة، بدءا من اختلاف المكان والزمان ومرورا بإفطار على طاولة الدراسة وانتهاء بأداء صلاة القيام في بهو فندق أو حتى صالة رياضية.

أول ما يفتقده المبتعثون هو سفرة الإفطار مع الأهل، ويجمع المبتعثون على أنه لا بديل لجلسة تجمع الأسرة في أجواء روحانية لا يمكن تعويضها أو استنساخها في الغربة. تقول دلال الحربي وهي مبتعثة في ولاية كولارادو بأنه “لا توجد مقارنة بين قضاء الشهر العظيم بين أسرنا في الوطن مع أجواء روحانية وبين رمضان نعيشه في أرض البعثة بحزن ووحدة خاصة أننا نفتقد لأهم ما يميزه، وهو صوت الأذان واجتماعات العائلة”. وتستدرك الحربي الجزء المليء من التجربة وتضيف بأن الاجتماع مع الصديقات وعمل وجبات بسيطة للصائمين ربما كانت تخفف قليلا من المعاناة. 

أما ثاني التحديات للمبتعثين لما وراء البحار فهي الساعات الطويلة للصوم وقضاء أغلب النهار في دهاليز الجامعات. فالبون الكبير ما بين الإمساك والإفطار يشكل تحديا للطلبة سواء في حضور المحاضرات والاستذكار أو حتى محاولة اللحاق عبثا للمحلات المحيطة والتي تغلق أبوابها قبيل الغروب بما لا يقل عن ساعتين. مازن الأحمدي وهو مبتعث للدراسة في ولاية مونتانا الواقعة في الشمال الغربي من الولايات المتحدة والذي يصوم قرابة 19 ساعة يقول لـ”لعربية.نت”: “أتمنى في هذه الأيام أن أكون مع الأهل في السعودية أفتقد رمضان بينهم، كطالب أشد ما علي هو الوقت الطويل للصوم وضغط ساعات الدراسة، بالإضافة إلى الخيارات الشحيحة للطعام مما يؤثر على الاستيعاب والبرنامج الدراسي”. 

وبدوره يقول تركي الزهراني وهو مبتعث لولاية فرجينيا إن توقيت المحاضرات يجبرنا على الإفطار بعض الأحيان داخل القاعات الدراسية ويضيف “أغلب زملائي الأميركيين يستغربون إمساكنا عن الطعام لمدة طويلة، لكنني أستثمر الفرصة لأحكي لهم عن الشعائر الإسلامية، كما أنهم يظهرون الاحترام بعدم الأكل والشرب أمامي، بل إن الأساتذة يغيرون أوقات الاستراحة بما يتوافق مع الإفطار والصلاة”.

ممارسة الشعائر الرمضانية ومنها صلاتي التراويح والقيام تستوجب توفر المساجد، لكن الولايات المتحدة والممتدة على القارة الأميركية بقرابة 9 ملايين كيلومتر مربع لا يتوفر فيها تقريبا سوى 1209 مسجد. هذا الشح في الخيارات يستوجب استئجار أمكان للعبادة أو حتى تكييف مساحات غير مخصصة للعبادات لتشهدها ملائكة السماء وعباد الله ولو لسويعات. ففي الطرف الجنوبي من العاصمة واشنطن تم تخصيص إحدى قاعات فندق الويستن لإقامة الصلوات ويتم تغيير القاعات بحسب توفر الحجوزات، وقد يجد المبتعث في الطرف الآخر من القارة الأميركية صالة رياضية تتزين بحلة التكبير والتهليل لتجمع المسلمين لسويعات لإقامة الصلوات.

ويرى المبتعثون أن تجربة رمضان في أرض البعثة فرصة لتقوية العلاقات ما بين الجالية المسلمة من كل عرق ولون وحتى بين المبتعثين. فالشهر الفضيل يقرب الصائمين على سفرة واحدة تتعدد فيها أصناف الطعام وتتحد فيها الشعائر، ويجتمع المصلون في صف واحد وخلف إمام واحد وإن تخاطفتهم انشغالات البحث عن لقمة العيش وتباعد الأماكن. إياد مكي وهو مبتعث لمرحلة الدكتوراة في العاصمة الأمريكية واشنطن ويمارس العمل لـ 8 ساعات يقول إن “صعوبة التوقيت، وحرارة الأجواء، وسفر عائلتي للسعودية، كان يخففه وجود بعض الأصدقاء والأقارب حيث نجتمع للإفطار سوياً، أهم ما في رمضان من ناحية الغربة هو فرصة تجمعنا مع الجاليات المسلمة ومع بعضنا البعض” من جهته يقول محمد الحامد وهو مبتعث في مدينة بوسطن أن الأسر السعودية تستضيف على موائدها الطلبة خصوصا الشباب.

ويضيف الحامد أن رمضان في الغربة “يجمع أبناء الوطن ويزيد من الترابط الاجتماعي بين المبتعثين ونستغل دائما رمضان بإقامة أنشطة رياضية وإفطار من خلال النادي السعودي”. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock