حدود العلم وأبعاده
أكاديميا| (خاص) كتبت: عليا العازمي لماذا؟ هو أول سؤال نطرحه على أنفسنا قبل قيامنا بأي عمل يذكر، لماذا ندرس؟ لماذا نعمل؟ لماذا نأكل؟ ولماذا حتى نعيش؟الإجابة دائماً بسيطة ولا تحتاج إلى تفكير. فالمنطق والعقل يجاوب بكل رحابةِ صدر، فنحن ندرس لِنعمل، ونعمل للحصول على المال، ونأكل لنحيا، ونعيش لنعبد الخالق الواحد، وتستمر هذة الدوامة مراراً وتكراراً،ولكن يبقى السؤال: هل الإجابة كافية وافية؟ ولماذا أُجاوب على السؤال بسؤالٍ آخر؟ ومتى تُعتبر الإجابة إجابة! جميعنا نَعي ونستشعر إعصار التساؤل اللا منتهي في عقلنا. البشر بطبيعتهم الإنسانية كثيروا التساؤل مهما كانت بساطة السؤال. نحن نسأل!نعم، هناك إجابات واضحة، محددة ومتعارفٌ عليها لمعظم هذِهِ التساؤلات، ولكن الغرض منها، -باعتقادي- هو تهدئةُ الإعصار الذهني ودحض النفسِ عن البحث. لماذا ندرس؟ هو أول وأكثر سؤال يدور في بال الطلبةِ، خصوصاً عندما تشتد بهم سفينة العلم وتعكر الأمواج صفو البحر الهادئ -بحر المدرسة-. لماذا ندرس؟ سؤال يوجه إلى العديد من أولياء الأمور والمعلمين من قبل الطلبة دون ملل وكلل من التكرار.قبل الإجابة فكر معي أيها القارئ:١- لماذا لا نسمع هذا السؤال من قبل المعلمين وأولياء أمورنا؟ ٢- لماذا الطلبة فقط هم من يحرصون على تكرار هذا السؤال؟٣- لماذا عندما نتوقف عن الدراسة نتوقف أيضاً عن السؤال؟ إذاً، هل الدراسة مقتصرة فقط على قاعة وسبورة بيضاء ومعلم وكتاب؟ ألا يمكن أن تستمر رحلة الدراسة بين ممرات مكتبة عامة في رحلة ذاتية بحثاً عن العلم؟ ألا يمكن أن ندرس ونحن نقضي معظم وقتنا هنا؟ وهناك مابين صفحات مواقع التواصل الاجتماعي؟عزيزي القارئ:الإجابة على سؤال كهذا ليست بسيطة كما يعتقد البعض، وليست محددة كما يظن البعض الآخر، فكما ترون إجابةٍ كهذهِ تتطلب أولاً تعريف العلم؛ فما هو العلم المقصود فيه هنا وما الهدف منه؟ اجلس مع نفسك تفكر وفكر في الهدف الأسمى من دراستك. هل تدرس بسبب الضغط الذي تتعرض له من قبل المحيطين بك؟ هل تدرس لكي تحصل على شهادة تؤهلك للعمل؟ هل تدرس لأنه لا يوجد لديك شيء أفضل تؤديه في وقت فراغك بدلاً من الدراسة؟لطالما وصمت الدراسة بأنها عبارة عن اثنا عشر مرحلة دراسية فقط، وتليها أربع سنوات جامعية ومن ثم كفى، فقد كفيت ووفيت أيها الطالب؛ فقط هنا سترضي رغبة والديك وستكون في نظر المجتمع قد أنجزت ماهو مطلوب منك من حيث المستوى الأكاديمي، ولكن من قال بأن هذا هو مايجب عمله حقاً؟ لماذا قزمنا الدراسة إلى مراحل دراسية معينة تنتهي بشهادة؟ لا أستغرب من توقف الشباب العربي عن البحث والدراسة والقراءة بمجرد حصولهم على الشهادة، لأن الفكر العربي ربط الدراسة فقط بالشهادة. للأسف لم يذق الشباب العربي حلاوة العلم، ولن ينضجوا فكرياً مادام فكرهم محصور على مراحل دراسية وقراءتهم لا تتعدى كتب المواد، وأكبر همهم في مايختص بالدراسة هو النجاح أو هل يجدر بي أن أقول هو “تجاوز المادة المقررة في صحيفة التخرج”، مهما كانت الدرجة فكل همهم هو الشهادة فقط. ناهيكم عن ذكر السبل المختلفة التي يتبعها البعض للحصول على الغاية العظمى ألا وهي الشهادة.عزيزي القارئ: أعد تعريف العلم والتعلم، وسع مداركك، وسع عدسة فكرك لتحتوي الأفق البعيد، تعلم وعلم، لاتجعل العلم يقف عندك، ولا تقف عند نقطة معينة، ابقِ نفسك جائعة طوال الوقت، لا تشبع من العلم، فالعلم شجرة مهما قطفت منها ستظل تثمر وتثمر، وكل ثمرة أحلى وألذ من سابقتها.دمتم بأمان الله
