المبتعثون ما بين التحديات والفرص ..بقلم أ.د. عبدالله الغصاب
يُعد ابتعاث الطلبة الكويتيين للدراسة في الخارج استثماراً استراتيجياً في رأسمال البشري وفي مستقبل وطننا الغالي الكويت، فهؤلاء الطلبة يمثلون جسرا للمعرفة والعلم والخبرات الدولية التي من شأنها أن تسهم في تطوير البلاد بما اكتسبه من معرفة أكاديمية ودراسات علمية وخبرات وتدريبات تجعلهم في مقدمة الخريجين الذين لديهم القدرة على التعليم والتعلم والاستفادة منهم في وضع الرؤى والأهداف الاستراتيجية للمشروعات الوطنية وتنفيذها، إلا أن هذه التجربة الثرية تصاحبها تحديات عديدة تستوجب المعالجة الضرورية والوقوف عندها لضمان نجاح برامج الابتعاث وتحقيق أقصى استفادة منها.
وتأتي في مقدمة التحديات التي تواجه الطلبة المبتعثين هي:
– صدام الثقافات، حيث يواجه الطلبة صعوبات في التكيف مع الثقافات الجديدة في بلد الابتعاث، لذلك فمن الضروري اطلاع الطلبة بالثقافة بلد الابتعاث، ومكوناتها حتى تكون له القدرة على التكيف والاندماج بها، ولا تسبب له ضيقاً أو صداماً يعرقله عن رحلته الدراسية
– الضغوط الأكاديمية التي تواجه الطلبة نتيجة لاختلاف نظم التعليم وارتفاع التوقعات الأكاديمية التي قد يشكل ضغوطاً إضافية على الطلبة، لذا فإن الاندماج في هذه الأنظمة التعليمية تمثل تحديا يواجها الطلبة عند حضور المحاضرات، ومحاولة الموازنة بين الاستماع والفهم والتدوين، والانتقال من مرحلة الحفظ التي اعتاد عليها الطلبة إلى مرحلة التفكير الإيجابي المستقل والاعتماد على النفس.
– تحديات مرتبطة باللغة، حيث تعتبر اللغة جزء أساسي لاستمرار أي الطالب في دراسته وتلقي تعليمه من دون صعوبات، فعلى الرغم من إتقان معظم الطلبة للغة الإنجليزية، إلا أن بعضهم قد يواجه صعوبات في التواصل الأكاديمي المتخصص.
– ضغوط مرتبطة بالمستقبل الوظيفي في الوطن يعد تحدي آخر يواجه الطالب وهو الخوف من عدم إيجاد فرص عمل مناسبة عند العودة للكويت.
لذا فإن معالجات هذه التحديات بوضع أساس وخطط استراتيجية للعمل على حلها، هو أمراً مهماً ويجب النظر إليه بعين الاعتبار عند ابتعاث الطلبة، وذلك لضمان استمرارهم في الدراسة وتأتي في مقدمة معالجة هذه التحديات:
– وضع برامج التوجيه والإرشاد عن طريق توفير خدمات استشارية للطلبة لمساعدتهم على التكيف مع البيئة الجديدة في كل من دول الابتعاث.
– ضرورة وجود دعم أكاديمي مخصص من خلال إنشاء منصات تعليمية إلكترونية لتقديم الدعم الأكاديمي المستمر في التخصصات العلمية والنظرية بالجامعات، مع أهمية فتح شبكات التواصل الاجتماعي من خلال التشجيع على إنشاء مجموعات للطلبة الكويتيين في كل بلد للتواصل والدعم المتبادل.
– توفير دورات مكثفة في اللغة الإنجليزية الأكاديمية قبل وأثناء الابتعاث لتمكين الطلبة من الاستمرار في الدراسة التخصصية خاصة في كليات الطب والهندسة والعلوم.
– ربط الطلبة بالوطن ذو أهمية قصوى لتفادي أي معوقات تواجهم وذلك من خلال إنشاء منصة تفاعلية تربط الطلبة بالمؤسسات الحكومية والخاصة في الكويت بتنظيم أنشطة فعاليات ثقافية افتراضية عبر الإنترنت للحفاظ على الروابط مع التراث الكويتي.
– تشجيع الطلبة على المشاركة في أبحاث تتناول قضايا وطنية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والجهات الحكومية.
– توفير فرص تدريبية في الكويت خلال العطل الدراسية لتنمية المهارات وخلق فرص وظيفية بتنظيم دورات تدريبية لتطوير المهارات القيادية والمهنية.
– دعم مبادرات ريادة الأعمال للطلبة الراغبين في إنشاء مشاريعهم الخاصة عند العودة خطة في منتهى الأهمية للاكتساب من خبرات الخريجين من ذوي الخبرة في مجالات تخصصاتهم لإرشادهم مهنياً ودمجهم السريع مع المجتمع.
وفي الختام فإن نجاح برامج الابتعاث يعتمد على التخطيط الشامل ووضع أساس لسياسة الابتعاث للاستثمار في رأسمال البشري عبر الدعم المستمر للطلبة، من خلال معالجة التحديات والمشكلات التي تواجههم، وضرورة تعزيز الروابط مع الوطن وتطوير المهارات، التي يمكن أن تضمن للكويت عودة طلبتها المبتعثين كقوى فاعلة لتعزيز منظومة العمل ودفع عجلة التنمية الوطنية، فإن الاستثمار في هؤلاء الطلبة هو استثمار في مستقبل الكويت المشرق.
اللهم احفظ الكويت وأميرها وأهلها من كل مكروه