العمل التطوعي ثواب في الآخرة و فوائد رائعة على الصحة النفسية
العمل التطوعي ممارسة إنسانية عرفتها المجتمعات منذ القدم لأنه ينطلق من إنسانية الإنسان مهما كان منصبه أو درجته المهنية أو حالته المادية، فالتطوع هو ما ينبع من ذات الإنسان وباختياره من دون أي إلزام عليه، وقد يكون بدافع بحوافز دينية أو اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو حتى مادية.
وتعاليم الإسلام تحث على القيام بالأعمال التطوعية والخيرية، يقول تعالى {فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون}، وفي هذه الآية الكريمة إشارة واضحة إلى فوائد التطوع على المتطوع نفسه، فبالإضافة إلى الثواب الجزيل والأجر العظيم في الآخرة فإنه في الدنيا يحصل على مردود معنوي، فالعمل التطوعي وسيلة مهمة من وسائل الحصول على السعادة والراحة النفسية.
آثار العمل التطوعي في الصحة النفسية
1- إشباع بعض الحاجات النفسية
- إشباع الجانب الديني والروحي: يتميز العمل التطوعي في الإسلام بخاصية أنه يدخل في جانب السعادة الأخروية وكسب رضا الله عز وجل، وفيه فتح باب للتعود على احتساب الأجر من الله تعالى.
- إشباع الحاجة إلى النجاح والإنجاز وتحقيق الأهداف: يشعر الفرد بدافع نفسي يحثه على التطوع ليقوم بعمل يحقق لذاته إحساسا عميقا بالإنجاز وتحقيق الأهداف، وذلك من خلال ما يقوم به من خدمات لمن هم بحاجة إلى مثل هذه الخدمة.
ولا يشعر بالإنجاز والنجاح إلا من جرب ومارس العمل التطوعي، ورغم ما يواجهه المتطوع من متاعب وما يبذله من جهد فإن الشعور بتخفيف الأعباء عن كاهل الآخرين وتلبية ما يحتاجونه ومشاهدتهم وهم بحال أفضل إحساس بالنجاح لا يضاهيه شعور آخر.
الأمر ليس مقتصرا على فئة الشباب فقط، بل هو يزداد احتياجا كلما تقدم الإنسان في عمره، خاصة بمرحلة التقاعد، هنا يعطيهم التطوع قيمة مهمة ويعيد التوازن إلى حياتهم.
- إشباع الحاجة إلى الحب والاحترام والثقة بالنفس: احترام الناس وتقديرهم له، ولما يقوم به تجعله أكثر اعتزازا بنفسه وبقدراته، وبذلك يعرف الشخص قدراته وإمكانياته جيدا ويعمل على ممارستها، ومن خلالها يتعرف الآخرون على قدراته وإمكانياته فيزدادون تمسكا به وحبا واحتراما له.
لا يشعر بالإنجاز والنجاح إلا من جرب ومارس العمل التطوعي رغم ما يواجهه المتطوع من متاعب وما يبذله من جهد
2- تفريغ الطاقة وشغل أوقات الفراغ
الفراغ يعتبر قاتل الإبداع والعمل عند الشباب، وهو قاتل أي طموح، وكيف لا يكون ذلك ونحن نشاهد بعض شبابنا منتشرين في الطرقات، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي يستغلون أوقاتهم بما لا ينفعهم وينفع مجتمعهم.
3- تبادل الخبرات واكتساب مهارات وقدرات حياتية
يكتسب المتطوع الخبرة الكبيرة من المتطوعين الآخرين، فالجميع يتبادلون خبراتهم في الحياة من خلال الاحتكاك بين بعضهم البعض، فيبني شخصيته.
ويكسبه بعض المهارات أيضا مثل: الثقة بالنفس وتحمل المسؤولية، والقدرة على مواجهة المشكلات المفاجئة، ومهارات التنظيم، والحوار، والتفاوض.
4- علاج بعض الأمراض النفسية الحادة
وهذا ما أثبتته الدراسة التي أجرتها كل من كوليت فيكان وسارة كوك، إذ أوضحتا كيف استفاد بعض المصابين بالأمراض النفسية الحادة من تجربة التطوع وخدمة الآخرين بنفس المراكز الصحية التي يتعالجون فيها، وقد تولد لديهم إحساس إيجابي بتقدير الذات، وساهم في سرعة شفائهم، وكذلك أكسبهم نظرة إيجابية لأنفسهم.
5- الشعور بالرضا والسكينة
وهذا ما أثبتته دراسة مسحية على ألف متطوع في مؤسسة تطوعية بماليزيا قامت بها كل من كاثرين فيراسامي مورالي وسامبا سيفان، إذ أوضحتا أن الرضا عن الحياة يتأثر بالفترة الزمنية للتطوع وطبيعة الاتصال مع المنتفعين وكذلك الشعور بالسكينة والهدوء بتكرار مرات التطوع.
وأخيرا وليس آخرا أتمنى أن نبدأ في إطلاق حملة بوسم “#إثراء_التطوع” يشارك فيه الجميع من كل أنحاء العالم يخبرنا فيه بأثر التطوع في حياته.
وختاما، فلنشارك في الأعمال الخيرية والتطوعية بما نستطيع، وبأي صورة ممكنة وبأي لون من ألوان المشاركة، فهذا من أفضل الأعمال المندوبة عند الله سبحانه وتعالى والمحبوبة لدى الناس.
وأحد الحلول لقتل الملل والفراغ هو ممارسة الشباب الأعمال التطوعية، فبهذا يستطيعون ملء الفراغ الذي يعانيه الكثير منهم، ليشاركوا في هذا الأعمال التطوعية حسب تخصص كل منهم وميوله.