التربية استحداث مادة التربية الوطنية تعزيزاً للقيم الوطنية في نفوس الطلبة
– الوزير وجّه لتشكيل لجنة بناء المنظومة القيمية وربط أبناء الوطن بالأرض
– مهمة اللجنة تعزيز المشاركة الفعالة في عملية الفهم الواعي وقبول الحقوق والمسؤوليات
حسناً فعل وزير التربية وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عادل العدواني، عندما وضع اللبنة الأولى لتأسيس مادة «التربية الوطنية» في مدارس وزارة التربية، بهدف تعزيز المواطنة من خلال المنهج المدرسي، وتعريف الطلبة بمفاهيم الوحدة الوطنية وتنميتها لديهم.
وحتى لا تكون هذه المادة الدراسية الجديدة «حشواً وكلاماً بعيد عن الواقع»، لابد أن يكون البناء المنهجي لها قائم على أسس قوية، تراعي متطلبات واحتياجات العصر ومتطلبات المواطنة الرقمية، لذلك وجه العدواني بتشكيل لجنة لبناء هذه المنظومة القيمية، وربط أبناء الوطن بالأرض، وتعزيز المشاركة الفعالة في عملية الفهم الواعي وقبول الحقوق والمسؤوليات.
ولعل أبلغ تعريف لمفهوم المواطنة ما عبر عن سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، عندما قال إن «الوحدة الوطنية هي الحصن الذي يحمي الوطن وأهله».
ولهذا السبب، فإن الوحدة الوطنية تدعم وجود الدولة، وتنمي القيم الديموقراطية بشكل إيجابي، وترسي دعائم استقرار الدولة، وتعزز ثقافة اتخاذ القرارات السليمة، والحوار البناء واحترام حقوق الآخرين من مختلف الجنسيات، وتغرس الجانب الأخلاقي والثقافي، وتعزز المشاركة الفعالة في بناء المجتمع وتقبّل الآخر المختلف، وتراعي الخصوصية المذهبية والدينية.
حركة ديناميكية
الحركة التصحيحية، التي قام بها الدكتور عادل العدواني أخرجت وزارة التربية من دائرة الجمود إلى الديناميكية، من خلال القدرة على إصدار الأحكام التصحيحية في القضايا الراهنة، بعد أن شهد منسوب الوحدة الوطنية انخفاضاً حاداً، وتدهوراً في مفاهيم حقوق الأفرد واحترام القانون، والالتزام به وتعزيز مفهوم التفكير الوطني الناقد، بشكل بناء والتحليل وحل المشكلات، بعيداً عن الطرح الهدام والشعارات الزائفة.
النظرة السليمة في استحداث مقرر دراسي حول التربية الوطنية سيساهم في إكساب الطالب قيم المواطنة الحقيقية عن طريق المدرسة التي تعد المصدر الأساس في التعلم وتجعل الطالب يندمج في الروح الوطنية بشكل علمي مدروس بعيداً عن الشعارات والطرح غير العقلاني.
أبعاد واضحة
وحتى لانقع بالأخطاء السابقة، لابد أن تكون أهداف مادة التربية الوطنية واضحة في جميع أبعادها، وأن يتم تفعيل الأنشطة ذات البعد الثقافي والاجتماعي والرياضي، وأن تتم إعادة الاعتبار للمسرح المدرسي، وترسيخ قيمة الديموقراطية. وبما أننا في أجواء انتخابية فلماذا لا يكون تعزيز القيم الديموقراطية بالمحاربة المباشرة للممارسات الخاطئة، مثل شراء وبيع الأصوات والانتخابات الفرعية والتعصب القبلي والحزبي، في اختيار المرشحين، وضرورة التصدي للشائعات التي تستهدف زعزعة أمن الوطن.
وحتى لا تكون مادة التربية الوطنية، مجرد كتاب للتنظير العاطفي فقط، فلابد من معالجة المشكلات العصرية، ومراعاة المتغيرات المتسارعة، ومواجهة التحديات، وأن يساهم المقرر الجديد في خلق مواطنين يتحلون بالمسؤولية، ويدركون بشكل كبير حقوقهم وواجباتهم، وتشجيعهم للعب أدوار إيجابية في بناء الوطن وتقدير واحترام القوانين.
ولعل جولة سريعة في عرض ما يطرح في وسائل التواصل الاجتماعي، يبيّن اهتزاز قيم المجتمع واختلال الهوية الكويتية، والتراشق المبني على الإقصاء والكراهية، وعدم الإحساس بالمسؤولية والفردية، والتنصل من الواجبات.
تحقيق المواطنة
والسؤال المطروح: هل ستساهم مادة التربية الوطنية في معالجة كل تلك الاختلالات؟ وكيف للوزارة أن تحقق المواطنة السليمة؟
بكل تأكيد، ستحقق التربية الوطنية المواطنة الحقيقية، إذا اتّسع مفهوم المنهج، وتجاوز الحدود الضيقة، وصوب بشكل مباشر إلى نحو المشكلات، متخذاً من السياسة المباشرة والموجهة التي ينتهجها سمو الأمير في تحقيق الأهداف، بعيداً عن الحشو الزائد والاعتماد على التصويب المباشر، وربط المعلومات والمعارف بالأحداث الجارية، والابتعاد عن التعلق العاطفي المبني على عدم الإحساس بالمسؤولية، وعدم تنفيذ الواجبات نحو الوطن، وتنامي العنف ورفض الاخر المختلف وتراجع قيم التسامح.
وفي الختام، نستحضر كلمات سمو رئيس مجلس الوزارء الشيخ الدكتور محمد الصباح، عندما قال في اليوم الرياضي الكويتي إن «الكويتيين إذا حطوا برأسهم هدف يحققونه» واليوم وضع وزير التربية هدفاً جديداً وسامياً… وسيحققه بإذن الله .