مكتبات عامة في دائرة الإهمال منذ سنوات
في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى نشر الوعي بأهمية القراءة وتشجيع الشباب ومختلف الشرائح العمرية على اقتناء الكتب والمطالعة تحولت بعض المكتبات العامة إلى بؤرة إهمال وأصبحت متهالكة، وهجرَها روادها من محبي القراءة.
وطالب مواطنون عبر القبس بوضع حد لهذا الإهمال الذي طال المكتبات العامة وبعد أن أنفقت عليها الدولة مبالغ طائلة تحولت إلى ما يشبه الأطلال.
قالت الأستاذة في كلية التربية الأساسية لطيفة حسين الكندري: «إن المكتبات العامة تحتل مكانة عظيمة في نهضة الدول وقيام الحضارات قديماً وحديثاً، فالمكتبة قلعة الثقافة ومملكة العلم لجميع فئات المجتمع، وهي بطبيعتها الديناميكية متجددة في جميع أروقتها، تجذب القراء، وتجلب الكتب على اختلاف أنواعها، وترفد المجتمع بالمصادر المعرفية الهادفة، والجلسات الحوارية المتزنة المليئة بالوطنية».
وأضافت: «عندما نجد مكتبة تعثرت لسنوات عدة لمجرد الصيانة، ولا نعرف موعد افتتاحها نشعر بالإحباط والضيق والكآبة، ومهما كانت الذرائع والمسوغات فأبواب المكتبات يجب ألا تُقفل في أي منطقة من المناطق السكنية ويتعين علينا توفير البدائل فوراً».
وزادت: «إن نقص الموارد المالية، أو سوء الإدارة وقلة التنسيق من الأسباب التي تجعل بعض المكتبات العامة تغلق أبوابها أو تقلل من أنشطتها لسنوات عدة مما يعني أن المنطقة السكنية بأكملها محرومة من الأنشطة الثقافية النافعة، وهذا بحد ذاته هدر لعطاء ودور هذه المؤسسة الثقافية».
وضع مؤسف
أوضحت الكندري: «من المحزن أن نشاهد المكتبات العامة تحت أعمال الصيانة لسنوات عدة، وهنا تتبادر إلى أذهاننا أسئلة أبرزها: من المسؤول عن هذا الإهمال؟ ولماذا هذا التأخير؟ وأين الجهات الحكومية والشعبية والمؤسسات الرقابية المحايدة في عملية قياس وتقييم وضع المكتبات القائمة أو المتعثرة في المناطق السكنية؟ وهل يُعقل مناطق سكنية لها أكثر من أربعين سنة وذات كثافة سكانية بلا أنشطة ثقافية في مكتباتها العامة؟ هل تستطيع الجامعات والمدارس أداء دورها الريادي في التنوير والتثقيف والرعاية من غير جناح المكتبات العامة؟ هل نلوم بعض الشباب إذا انشغل بتوافه الأمور والدولة لم توفر البيئة الجاذبة؟ وهل نلوم الأطفال عندما يهيمون في عالم الإنترنت بلا ضوابط ويشغلون أوقاتهم بما يضرهم ونحن لم نقدم البديل؟ هل نلوم الناشئة عندما يقدمون تقاريرهم المدرسية مسروقة من شبكة الإنترنت؟ هل يستطيع الناشئة عمل أبحاثهم وتقاريرهم المدرسية والجامعية من دون بيئة بحثية صالحة وموثوقة في المكتبة العامة؟».
فكر وثقافة
وتساءلت: إصدارات الكويت الفكرية من كتب ومجلات وإبداعات كيف يتم التعريف بها، والتسويق لها، والانتفاع منها عبر المكتبات العامة التي تم اغلاقها واهمالها بحجة الصيانة أو لوجود خلل هندسي أو إداري؟ ففي الدول المتقدمة نجد المكتبات على مدار السنة تستقطب جميع شرائح المجتمع وتشغل المجتمع بالنافع المفيد بل تعمل أنشطة ثقافية للصغار وكبار السن والشباب ولا تتوقف عن العمل طوال أيام الأسبوع.
وذكرت الكندري أن المكتبات العامة تقدم خدمات مجتمعية وتساعد المعلمين والأمهات والآباء والطلبة في أداء دورهم على أكمل وجه، والمكتبة العامة تُتمم مسيرة المدرسة، ورسالة المسجد، وتكمل دور الأسرة، وتحقق غايات الدولة ورؤيتها التنموية فهل فعلاً حققنا هذا الهدف النبيل؟.
وأضافت: نحتاج لجهات ثقافية محايدة ترصد واقع المكتبات العامة وتدعم أنشطتها الناجحة وتعزز نجاحاتها، وتتبصر بعمق وشفافية وشجاعة في الإخفاقات الواقعية المانعة لتدفع الحياة الثقافية في المكتبات العامة داخل المناطق السكنية في كل مناطق الكويت من جهة أخرى.
كنوز للفكر
وبينت أن المكتبات ليست مستودعات للكنوز الفكرية فحسب، بل هي بيئات معرفية هادئة تنبض بالحركة ومُفعَمة بالنشاط والحيويّة حيث الجلسات الحوارية لعرض كتب جديدة، والتعريف بأنشطة الرسامين والموسيقيين والفنانين، وتقيم معارض سنوية ومحاضرات أسبوعية، ومهرجانات ثقافية، وأمسيات شعرية، وملتقيات قصصية ودورات تدريبية في الزراعة والطبخ والخياطة والفكر والفن وعالم يفيض بالنشاط والحركة، وهكذا نريد مكتباتنا الأكاديمية والعامة والمدرسية.
لافتة منزوعة من مكانها
ولفتت إلى أن المكتبات العامة الخاوية والمهجورة بيئة غير آمنة وقد تستغل في تخزين الممنوعات.
من جانبه، قال المواطن حمود الشايجي: إن بعض المكتبات العامة مهملة منذ فترة طويلة وتهالكت كتبها، مشددا على ضرورة معالجة هذا الخلل والاهتمام بالمكتبات والاستفادة منها في نشر الثقافة وخدمة المجتمع.