التقنية البيومترية وتطبيقاتها في أمان البيانات والتحقق الشخصي
ويعود استخدامها إلى الحاجة الملحة لتقديم وسائل فعالة من أجل حماية البيانات الحساسة والتحقق من الهوية بشكل آمن.
وتعتبر بصمات الأصابع واحدة من أكثر أساليب القياسات الحيوية شيوعا، حيث تقيس وتحلل نمط بصمة الإصبع من أجل التأكد من فرادة الهوية.
وإضافة إلى ذلك، تُستخدم التقنيات الأخرى، مثل التعرف على الوجه والتعرف على العيون والتعرف على الصوت والكف، من أجل تعزيز مستويات الأمان.
ما هي القياسات الحيوية
يشمل مجال القياسات الحيوية المعرّفة التي تمثل طرق قياس الخصائص الجسدية والسلوكية الشخصية للشخص وكيفية استخدامها لأغراض تحديد الهوية أو المصادقة من خلال وسائل علمية تصف وتقيس الخصائص.
وغالبا ما يُطلق على تحديد الهوية البيومترية اسم المصادقة النقية أو الحقيقية نظرا لأنها تعتمد على ميزة شخصية بدلاً من المفتاح الظاهري أو كلمة المرور.
وتستخدم مجموعة من السمات الفردية القابلة للتمييز بيولوجيا من أجل تحديد هوية الفرد أو التحقق منه، مما يجعلها تتيح التحقق من الهوية بشكل دقيق وسريع دون الحاجة إلى استخدام كلمات مرور أو بطاقات هوية.
وتجمع هذه التقنية بين التطورات في علم الحاسوب وعلم الأحياء، مما يجعلها وسيلة فعالة في تعزيز الأمان في مجالات مثل الوصول إلى الأنظمة والتحقق من الهوية الرقمية.
تاريخ القياسات الحيوية
عند فحص أصل كلمة “القياسات الحيوية”، يمكنك تقسيمها إلى كلمتين يونانيتين “بيو” (bio) وتعني الحياة، و”ميترك” (metrics) وتعني القياس.
ولم تتوفر حلول القياسات الحيوية الآلية إلا خلال العقود القليلة الماضية، بعد التقدم الهائل في قدرات معالجة الحاسوب.
ومع ذلك، فإن العديد من هذه التقنيات الآلية الحديثة تعتمد على أفكار نشأت منذ مئات أو آلاف السنين، حيث كانت تستخدم القياسات الحيوية بشكل بسيط في بعض المجالات. واستخدمت بصمات الأصابع كطريقة لتوقيع الوثائق في المجتمعات القديمة، حيث لجأ الفراعنة إلى بصمات الأصابع لختم الوثائق.
وبالرغم من أن الأمثلة الأولية للقياسات الحيوية تعود إلى الإمبراطورية البابلية، فإن أول نظام لتحديد الهوية بالقياسات الحيوية لم يتم تطويره حتى القرن التاسع عشر.
وابتكر “ألفونس بيرتيلون” في ثمانينيات القرن التاسع عشر طريقة لتصنيف ومقارنة المجرمين بناء على قياسات أجسامهم. وطور “إدوارد هنري” معيار بصمات الأصابع، الذي أصبح النظام الأول المستخدم لتحديد الهوية ويعتمد على التفاصيل الدقيقة لبصمات الأصابع. وشهد القرن التاسع عشر تطورات كبيرة في القياسات الحيوية، بما في ذلك إنشاء قواعد بيانات بصمات الأصابع.
ويرجع الفضل إلى “ويليام هيرشل” في أول التقاط منهجي لصور الأصابع واليد الملتقطة لأغراض التحقق من الهوية. وطور بيرتيلون القياسات البشرية أو “بيرتيلوناج” المستخدمة لتحديد الأشخاص بناء على سجلات محددة لقياسات أجسامهم وصور فوتوغرافية لهم وأوصافهم الجسدية. وألف “فرانسيس جالتون” دراسة متعمقة لبصمات الأصابع كوسيلة لتحديد الهوية في عام 1888.
ونشر جالتون كتابه “بصمات الأصابع” (Finger Prints) في عام 1892 وقدم فيه تفسيرا لفرادة بصمات الأصابع واستخدامها الفعّال كوسيلة لتحديد الهوية، وتضمن الكتاب أول نظام تصنيف منشور لبصمات الأصابع.
وحدثت اختراقات كبيرة في القياسات الحيوية في القرن العشرين، بما في ذلك استخدام أنماط القزحية وهندسة اليد لتحديد الهوية الشخصية.
ومع تقدم تكنولوجيا المعلومات في القرن الحادي والعشرين، بدأ استخدام أساليب متقدمة مثل التعرف على الوجه والتعرف على الصوت والتعرف على العيون.
أنواع القياسات الحيوية
تعتمد القياسات الحيوية عادة على السمات الفردية الفسيولوجية أو السلوكية الصعبة التزوير
السمات الفيزيولوجية: وتشمل شكل الوجه وهندسته وبصمات الأصابع وشكل الجمجمة وبنيتها وشبكية العين وقزحيتها وهندسة راحة اليد أو الأصابع والتصوير الحراري للوجه واليد ورسم الأوردة على راحة اليد أو الإصبع والحمض النووي.
السمات السلوكية: وتشمل التعرف على التوقيع والرسم والخصائص الديناميكية للكتابة وديناميات ضغط المفاتيح والتعرف على المتحدث والتعرف على المشية.
وهناك بعض الأنواع الشائعة للقياسات الحيوية التي تستخدم السمات البيولوجية أو السلوكية للتحقق من الهوية عبر مجموعة واسعة من التطبيقات، بدءا من الأمن السيبراني والوصول إلى الأنظمة، وصولًا إلى تحقيق الهوية في المطارات والمناطق الحساسة، مثل: بصمات الأصابع والتعرف على الوجه والعيون والكف والصوت والكتابة والمشي والأوردة ومزايا القياسات الحيوية.
ويعتبر استخدام القياسات الحيوية من أجل تعزيز أمان البيانات أحد الأساليب الفعّالة للتحقق من الهوية وحماية المعلومات. وتتمتع القياسات الحيوية بالعديد من المزايا، ومنها:
الأمان: فقد تكون القياسات الحيوية أكثر أمانا من الطرق التقليدية لتحديد الهوية، مثل كلمات المرور أو البطاقات.
الراحة: قد تكون القياسات الحيوية أكثر راحة من الطرق التقليدية لتحديد الهوية، حيث لا يلزم تذكّر أو إدخال معلومات.
الكفاءة: قد تكون القياسات الحيوية أكثر كفاءة من الطرق التقليدية لتحديد الهوية، حيث يمكن استخدامها لمعالجة المعاملات بسرعة.
ويمكن استخدام القياسات الحيوية من أجل تعزيز أمان البيانات بعدة طرق، بما في ذلك:
التحقق من الهوية: فبصمات الأصابع تُستخدم لتسجيل الدخول إلى حاسوب أو شبكة.
التحكم في الوصول: حيث يُستخدم التعرف على الوجه لفتح باب أو قفل.
التتبع: حيث يُستخدم التعرف على الصوت لتسجيل المدخلات الصوتية للمستخدم.
وفيما يلي بعض الأمثلة المحددة على كيفية استخدام القياسات الحيوية من أجل تعزيز أمان البيانات:
في مجال الخدمات المصرفية: حيث تُستخدم بصمات الأصابع أو التعرف على الوجه من أجل تسجيل الدخول إلى الحساب المصرفي أو إجراء معاملة.
في مجال الرعاية الصحية: حيث تستخدم بصمات الأصابع أو التعرف على الصوت من أجل الوصول إلى سجلات المرضى أو إدارة الوصول إلى الأدوية.
في مجال الأمن: حيث يستخدم التعرف على الوجه أو التعرف على الصوت من أجل التعرف على الأشخاص أو التحقق من هوياتهم.
وبشكل عام، تساعد القياسات الحيوية في تعزيز أمان البيانات من خلال جعل الوصول إلى البيانات أو تغييرها أو حذفها صعباً على المهاجمين.
التحديات الأمنية ومشاكل الخصوصية
رغم فعالية القياسات الحيوية في تحسين الأمان والتحقق من الهوية، فإنها تواجه بعض التحديات الأمنية والخصوصية، ومن المهم مراعاة هذه التحديات عند اتخاذ قرار بشأن استخدام التقنية البيومترية لتعزيز أمان البيانات.
وفيما يلي بعض التحديات الواجب مراعاتها عند استخدام القياسات الحيوية من أجل تعزيز أمان البيانات.
الخصوصية: قد تثير القياسات الحيوية مخاوف بسبب إمكانية استخدامها لتتبع الأشخاص أو جمع بياناتهم الشخصية أو تخزينها بشكل غير آمن قابليتها للاختراق، كما قد يكون هناك خطر نشر البيانات الحيوية الحساسة عبر الإنترنت عند استخدامها في التحقق عبر الشبكة، وقد تستخدم هذه البيانات البيومترية بطرق غير مصرح بها مما يعرض خصوصية الأفراد للخطر.
التحايل: قد تفشل القياسات الحيوية في بعض الحالات، مثل استخدام أقنعة أو غيرها من الوسائل، وقد يكون هناك تحديات في تأمين نظم القياسات الحيوية ضد محاولات الاختراق والتلاعب بها، كما قد يحاول المتطفلون استنساخ القياسات الحيوية واستخدامها من أجل الوصول غير المصرح به، وقد يُستهدف المستخدِمون من أجل الحصول على القياسات الحيوية عبر تقنيات التصيد الإلكتروني.
الكلفة: قد تكون القياسات الحيوية مكلفة، وخاصةً للتطبيقات واسعة النطاق.
التمييز: قد تستخدم التقنيات البيومترية من أجل التمييز ضد الأشخاص، مما قد يثير مخاوف بشأن المساواة والعدالة، حيث يمكن استخدام التعرف على الوجه لرفض دخول الأشخاص الأماكن العامة بناء على مظهرهم.
وبشكل عام، تعد القياسات الحيوية تقنية واعدة يمكن استخدامها من أجل تحسين أمان وكفاءة عملية تحديد الهوية، ومع ذلك، من المهم معرفة المزايا والعيوب المحتملة لهذه التقنية قبل استخدامها. ومن المهم توضيح سياسات الأمان والخصوصية وتنفيذ تقنيات أمان فعّالة للتغلب على هذه التحديات وضمان استخدام التقنية البيومترية بشكل آمن ومستدام.
وهناك عدد من الحلول المحتملة للتحديات الأمنية والخصوصية المرتبطة بالتقنية، ومنها:
تحسين تقنيات الأمان: يمكن تطوير تقنيات أمان أكثر فعالية للحماية من التزوير والاختراق.
تثقيف المستخدمين: وذلك بتثقيف المستخدمين إزاء مخاطر التقنية البيومترية وكيفية حماية بياناتهم الشخصية.
سن تشريعات حماية الخصوصية: فيمكن سن تشريعات لحماية الخصوصية من إساءة استخدام التقنية البيومترية.
مستقبل التقنية وتوجهاتها
يُتوقع أن تستمر القياسات الحيوية في النمو خلال السنوات القادمة، كما يُتوقع أن تصبح أكثر انتشارا في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك التحقق الشخصي والتأكد من هوية الأفراد وتعزيز أمان البيانات والمراقبة والخدمات المصرفية والرعاية الصحية.
وفيما يلي بعض الاتجاهات الرئيسية التي من المتوقع أن تشكل مستقبل القياسات الحيوية: الاتجاه نحو القياسات الحيوية السلوكية، الاتجاه نحو القياسات الحيوية المتكاملة، الاتجاه نحو القياسات الحيوية المحمولة.
أرقام بارزة
بسبب التقدم التكنولوجي السريع، وخاصة في السنوات القليلة الماضية، توسع استخدام القياسات الحيوية من أنظمة تحديد الهوية الجنائية إلى مجموعة واسعة من الصناعات والمهام اليومية.
وتشير التقديرات في عام 2020 إلى أن 80% من الهواتف النشطة في أميركا الشمالية وأوروبا الغربية وآسيا والمحيط الهادي مدمجة مع أنظمة المصادقة البيومترية.
ومن خلال اتخاذ هذه الإجراءات يمكن تقليل المخاطر المرتبطة بالتقنية البيومترية وجعلها أكثر أمانًا وخصوصية.