د. الطيب القلاف: 34 % من سكان الكويت مصابون بتصلب الشرايين

أمراض القلب.. القاتل الأول للبشر حول العالم، ما يؤكد ضرورة الوقاية منها وعلاجها مبكراً لإنقاذ الحياة. ووفقاً للدكتور الطيب يوسف القلاف، استشاري أمراض القلب والقسطرة في مستشفى الكويت، وإن لم تسبب هذه الأمراض وفاة المصاب بالجلطة أو النوبة القلبية، فإنها تؤدي غالباً إلى مشاكل تنفسية حادة وضعف في عضلة القلب وانخفاض القدرة على أداء المجهود، وتزيد فرصة الإصابة بجلطات الدماغ والإعاقة وأمراض الكلى. وعلى الرغم من كل ذلك، لا حملة توعوية أو خطوات جادة تتخذ في طريق التوعية بكيفية مكافحة أمراض القلب والوقاية منها مبكراً قبل أن تؤدي إلى الوفاة، على غرار حملات التوعية بالسرطان المنتشرة محلياً.

نظراً لأهمية هذا الأمر قام مستشفى الكويت بدراسة محلية تحليلية واسعة النطاق شملت 3100 شخص من سكان الكويت؛ %60 منهم ذكور و%40 إناث، وبمتوسط عمر يبلغ 48 عاماً، بلغت نسبة الكويتيين منهم %54، لتحديد عوامل الخطر ووضع إستراتيجيات لمكافحة هذه الأمراض مبكراً.

وكشفت النتائج عن إصابة %34 من سكان الكويت بتصلب الشرايين (أي ثلث المجتمع من كويتيين وغير الكويتيين)، كما تبين أن %22 من سكان البلاد لديهم تصلب الشرايين الشديد.

وبعد إجراء العديد من التحاليل الإحصائية جرى استنتاج أن احتماليات إصابة الأشخاص بأمراض الشرايين كالتالي:

– المرضى الذين يعانون من أمراض الكلى تتضاعف احتمالية تكلسات الشرايين بهم 3.7 مرات

– تتضاعف احتمالية تكلسات الشرايين لدى من يعانون من مرض السكري 3.6 مرات

– من يعانون ارتفاع ضغط الدم تتضاعف احتمالية تكلسات الشرايين بهم 3 مرات

– المرضى الذين يعانون من ارتفاع الكوليسترول تتضاعف احتمالية تكلسات الشرايين بهم مرتين

– توافر تاريخ عائلي بإصابة أفراد في الأسرة

– التدخين، بنوعيه، المباشر والسلبي

أما بالنسبة لاحتماليات تكلسات شديدة فقد ارتفعت بشكل ملحوظ لدى المشاركين الذين يعانون من أمراض الكلى وارتفاع الكوليسترول والسكر، إضافة لمن لديهم مصاب من أفراد الأسرة بمرض تصلب الشرايين، ويلي ذلك أمراض ارتفاع ضغط الدم.

ما أمراض الشرايين؟

تعرف أمراض الشرايين المبكرة بأنها إصابة المريض بجلطة (في الدماغ أو القلب أو القدمين) أو الحاجة إلى تركيب دعامة في الشرايين أو عمليات القلب المفتوح. وفي الدراسة المحلية تم تعريفها بتصلب أو تكلس في الشرايين بمعدل %25 أعلى من الحد المتوقع للفئة العمرية الخاصة للفرد.

الكويتيون يصابون في سن مبكرة

أشارت إحصاءات أميركية عدة إلى أن العمر الذي ترتفع فيه سن الإصابة بالأزمة القلبية والحاجة إلى القسطرة الطارئة هو عمر الـ65 للرجال والـ69 للنساء. ولكن في الكويت، أشارت تقارير طبية إلى أن هذه السن 54 للرجال و59 للنساء. مما يدل على أن النوبات القلبية تصيب الكويتيين في سن أصغر بـ10 سنوت من الغرب، مما يستدعي ضرورة اتخاذ خطوات جدية لزيادة الوعي بالأسباب وعمل اللازم لحماية الشباب من هذه الأمراض المميتة.

وبعد توفر الدعم المطلوب من قبل إدارة مستشفى الكويت، قام الدكتور الطيب القلاف بالتعاون من زملائه في الأقسام الأخرى بالمستشفى بإجراء دراسات واسعة وكبيرة قيمت صحة القلب لدى عدد من المواطنين والمقيمين، عبر إخضاع المتطوعين لفحوص مجانية.

متى يبدأ الفحص؟

وضعت كثير من دول العالم برامج صحية لاكتشاف أمراض القلب مبكراً، فعلى سبيل المثال، توصي جمعية القلب الكندية بالبدء في الكشف المبكر عن أمراض الشرايين في عمر الـ40، حيث إن متوسط عمر المصابين بجلطات القلب لديهم هو 56 سنة. ولكن بما أن متوسط عمر الإصابة بالجلطات محلياً هو 55 سنة، لذا بدأت حملة مستشفى الكويت بفحص كل متطوع يتراوح عمره ما بين 30 و70 سنة. وتقوم ركائز هذه الحملة المجانية على أخذ التاريخ المرضي والعائلي للمشارك ثم إخضاعه لفحوص إكلينيكية، مخبرية والتصوير الإشعاعي المقطعي من دون صبغة (كل ذلك يتم خلال ساعة واحدة فقط)، ومن ثم استشارة طبية. ومن أهم أهداف هذه الدراسة أو الحملة، تحديد ومسح المجتمع الكويتي لأمراض تصلب الشرايين في مرحلة ما قبل الأعراض (subclinical stage) والسن التي يجب أن يبدأ فيها الفحص المناسب للمجتمع الكويتي.

التوصيات العالمية لا تناسب الكويتيين

أوضح الدكتور الطيب: «طبياً يعتمد الأطباء على التنبؤ أو الكشف المبكر عن درجة مخاطر الإصابة بأمراض القلب لدى كل شخص عبر برامج حاسوب تحتوي على آلات حاسبة لمخاطر أمراض الشرايين، وتلك الآلات هي خلاصة دراسات كبيرة مجتمعة أجريت في دول غربية. وبناء على إدخال الطبيب قيم عدة وعوامل خطر بحسب كل حالة يعطي البرنامج قيمة أو مستوى الخطر الذي على أساسه سيحدد الطبيب خطة العلاج وفعاليته لكل مريض. وبناء على عوامل خطر كل مريض يقوم البرنامج بتصنيف المريض في ثلاث فئات، هي: قليل المخاطر أو متوسط المخاطر أو عالي المخاطر. ونعلم كأطباء أن العلاج فعال للحالات المتوسطة والعالية فقط، بينما لا تحتاج الفئات ذات المخاطر القليلة إلا للمراقبة الدورية. ولكن هذه البرامج أسست بناء على معلومات ونتائج أبحاث من مجتمعات يصاب أفرادها بالجلطات في عمر 65 سنة، لذا، منطقياً، هي لا تنطبق على مجتمعنا الذي يصاب به الفرد بالجلطات القلبية في سن أبكر بـ10 سنوات (55 سنة)، وعليه، من المهم إيجاد برنامج من واقع دراسة مجتمعية محلية بالكويت حتى نوفر أدوات وبرنامجاً دقيقاً يمكنه التنبؤ وتصنيف المرضى بشكل صحيح. وبالتالي نتمكن من تحديد طرق العلاج والجرعات الدوائية المناسبة لحماية المرضى من الجلطات والنوبات القلبية».

فحص درجة التكلس

يوفر فحص التصوير بالأشعة المقطعية من دون صغبة خياراً دقيقاً وآمناً لتقييم صحة شرايين القلب ومستوى التصلب (التكلس) في الشرايين. وتبدأ أمراض تصلب الشرايين في العقد الثالث من العمر على هيئة ترسبات من الدهون (الكوليسترول) التي يتضاعف سمكها بتغلغلها في بطانة الشرايين التاجية من دون أن تسبب أي أعراض لمدة طويلة إلى أن تصل لمرحلة حدوث ضيق شديد أو انسداد لتسبب الجلطة القلبية. وهذا الفحص الذي لا يستخدم الصبغة يمكنه رؤية معدل الكالسيوم الذي يدل بدوره على كمية ترسبات الدهون، فكلما زاد معدل الكالسيوم زاد تبعاً معدل الدهون، وبالتالي درجة تصلب الشرايين. ومن واقع دراسات مطولة، ثبت أن قياس معدل الكالسيوم بالتصوير الإشعاعي أداة فعالة للاكتشاف المبكر لأمراض الشرايين.

التاريخ العائلي

أكد د. الطيب القلاف أهمية التاريخ العائلي لأفراد الأسرة من الدرجة الأولى في تحديد مستوى الخطر لأمراض الشرايين والقلب. وشرح قائلاً: أهم قريب يحدد التنبؤ بخطر إصابتك بأمراض الشرايين والقلب هو الأخت، فإصابة الأخت بجلطة أو تصلب شرايين أو نوبة قلبية ترفع فرصة إصابة الإخوة الرجال والنساء.

وبين أن الطبيعية الهرمونية تحمي النساء بطبيعتهن من أمراض الشرايين والقلب، لذا فالمرأة محمية من هذه الأمراض إلى أن تتعدى عمر انقطاع الطمث. وعليه، فإن إصابتها بهذه الأمراض في سن مبكرة تدل على قوة العامل الجيني الذي تغلب على الوقاية الطبيعية التي توفرها الهرمونات.

متى ينصح بالفحص؟

بحسب الدراسة، تبين أن الأشخاص الذين ليس لديهم أي عامل خطر أو أية أعراض إكلينكية، ينصحون بالفحص الطبي لتقييم صحة الشرايين والقلب في الأعمار التالية: للإناث في عمر 53 والذكور في عمر 47، ولا مبرر لبدء الفحص من عمر الأربعين. وفي حالة توافر أي عامل خطر ينصح بمناقشة الطبيب حول عوامل الخطر والخضوع للفحص في عمر مبكر.

وضع سياسة صحية وطنية

في النهاية أعرب الدكتور الطيب عن الحاجة إلى دعم محلي لمتابعة هذه الدراسة، وقال: يجب متابعة المشاركين على مدى عشر سنوات لتعريف نسب الإصابة الشديدة ودرجة المخاطر التي تسهم في تطور الأمراض والخطوات اللازمة لخفض انتشارها وتطورها، وما إذا كان بالإمكان وضع سياسة صحية وطنية للتقليل من تقدم أمراض الشرايين في المجتمع الكويتي

معلومات مهمة

◄ أمراض القلب القاتل الأول للبشر عالمياً ما يؤكد ضرورة الوقاية منها وعلاجها مبكراً

◄ النوبات القلبية تصيب الكويتيين في سن أصغر بـ10 سنوت من الغرب

◄ يجب اتخاذ خطوات جدية لزيادة الوعي بالأسباب وعمل اللازم لحماية الشباب

◄ الذين يعانون من أمراض الكلى تتضاعف احتمالية تكلسات الشرايين لديهم 3.7 مرات