مشروع القرين
بقلم : أ.د. محمد عبد الرحمن الصرعاوي
علوم الأرض والبيئة – كلية العلوم
يعتبر مشروع القرين من المشاريع الحيوية التي قامت بها الهيئة العامة للبيئة خلال الأعوام (1997-2001)، وهي من المشاريع الرائدة على مستوى الوطن العربي والخليجي، حيث يتم فيه تحويل غاز الميثان إلى كهرباء من خلال شبكة هندسية تم تصميمها للحد من تصاعد الغازات والاستفادة منه بصورة مباشرة. ويحتوي المردم المغلق في منطقة القرين على مايقارب من 5 مليون متر مكعب من النفايات العضوية الغنية بتصاعد غاز الميثان، والذي عادة يتولد من تخمير القمامة العضوية في أكياس القمامة البلاستيكية، كما تقدر مساحة الموقع بحدود 1 كيلومتر مربع، وأعماق النفايات في المردم تتراوح بين 15-30 متر، وهذه المساحة الشاسعة تنتج عنها كميات هائلة من غاز الميثان، والذي يتصاعد من الفجوات والشقوق على سطح الأرض حيث يسبب روائح كريهة وخطورة على الموقع.
ودأبت العديد من الدول الصناعية والمتقدمة في حل مشاكل المرادم المغلقة القديمة من خلال سحب الغاز وتحويله إلى طاقة كهربائية وحرارية يٌستفاد منها في إنارة الموقع والمنطقة المحيطة به.
ونظراَ لقرب موقع مردم القرين المغلق من المنطقة السكنية والروائح الكريهة المتصاعدة منه فقد قامت الهيئة العامة للبيئة منذ عام 1997 وحتى عام 2001 بعمل دراسة ميدانية للتعرف على كمية الغاز المتكون وإمكانية تحويله إلى كهرباء يستفاد منها على المدى البعيد، حيث دلت النتائج البحثية إلى إمكانية الاستفادة من الغاز على مدى الثلاثين سنة القادمة ، وهذه النتائج كانت جدا مُشجعة للبدء في تنفيذ العمل الميداني لإنهاء المشكلة، كما قامت الهيئة العامة للبيئة آنذاك بزيارة مجموعة من التجارب العالمية للاطلاع عن قرب عن مدى إمكانية تلك التقنيات على أرض الواقع، وبالفعل تم زيارة كل من سويسرا وألمانيا وبريطانيا، وتم التعرف على الخطوات المطلوبة، وبالفعل تم تنفيذ المشروع بأيد كويتية من خلال عدة مراحل:
المرحلة الأولى: إزالة الأنقاض السطحية
المرحلة الثانية: عمل الجسات العميقة وربطها بشبكة هندسية محكمة، ووضع مضخات لسحب الغاز، حيث وصلت الشبكة إلى حدود 20 كم طولا، وبحدود (330) جسة عميقة.
المرحلة الثالثة: تركيب محطة سحب الغاز والمحرقة التي تصل حرارتها 1200 درجة مئوية
المرحلة الرابعة: تشييد محطة لمعالجة الروائح من السوائل في المناطق المنخفضة
تشغيل المحطة:
تم تشغيل المحطة وتمت إنارة الموقع بالكامل والحد من تصاعد الغاز ومعالجة الرواشح، كما تم بناء العديد من الوحدات الإدارية في الموقع، وافتتح الموقع للجمهور الكريم، حيث عُملت مجموعة من الاستراحات وأكثر من ممشى، وقدمت العديد من الشركات التبرعات العينية، بالإضافة إلى قيام مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ببناء مبنى إداري يضم بعض الإدارات المعنية بالهيئة العامة للبيئة، كما قام البنك الصناعي ببناء مسرح روماني.
مجال البحث العلمي:
قامت جامعة الكويت ممثلة بكلية العلوم / قسم علوم الأرض والبيئة بإعداد مجموعة من أطروحات الماجستير (الطالب/عبدالحميد الصفار، الطالبة/هيا العبدالله)، وكان موضوع أطروحتهما حول استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية في التعرف على حركة الغازات وتقييم كفاءة الشبكة الهندسية، كما تم عمل العديد من المؤتمرات وورش العمل واللقاءات العلمية حول قيام هذا المشروع الوطني.
وتشير معظم الأبحاث العلمية بأن نسبة غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون هي 35:65 ، وهي نسبة متميزة في استمرارية تكون الغاز والاستفادة منه في عمليات الإنارة. كما توصي الدراسات إلى ضرورة عمل صيانة دورية مستمرة للحيلولة دون حدوث تسريبات للغاز أو هبوط أرضي في بعض المواقع، بالإضافة إلى تنظيف الشبكة باستمرار مع التأكيد على كفاءة معدات معالجة الرواشح.