الثالثة عالمياً بجائزة “العلم الأزرق”.. كيف تحافظ تركيا على نظافة شواطئها؟
وفي إنجاز جديد، أعلنت وزارة السياحة والثقافة التركية في 24 مايو/أيار الماضي، فوز 551 شاطئا و23 مرسى و14 قاربا سياحيا و10 يخوت فردية في البلاد، بجائزة “العلم الأزرق” الدولية لعام 2023.
المرتبة الثالثة عالمياً
ونالت تركيا المرتبة الثالثة عالميا من حيث عدد الشواطئ الفائزة في تصنيف “العلم الأزرق” الذي أعلنته مؤسسة التعليم البيئي الدولية في الدانمارك (FEE). واحتلت إسبانيا المركز الأول، بينما جاءت اليونان في المركز الثاني، وحصلت إيطاليا على المركز الرابع، تَلَتْها فرنسا في المركز الخامس.
شواطئ نظيفة
وللوقوف على سرّ النجاح الذي حققته تركيا في هذا الجانب، توجه مراسل “الجزيرة نت” إلى ولاية أنطاليا المطلة على البحر الأبيض المتوسط جنوب غربي تركيا، والتي احتلت المرتبة الأولى بين الشواطئ والقوارب السياحية التي تمتلك أكبر عدد من الأعلام الزرق، وبلغت 231 شاطئا و5 مراسي و14 قاربا سياحيا.
يقول رئيس بلدية منطقة مراد باشا في أنطاليا أوميت أويصال إن بلاده تضم عددا كبيرا من الشواطئ الفائزة بجائزة “العلم الأزرق” لسنوات متتالية، والتي تتمتع بالرمال النقية والمياه الزرقاء ومناطق الاستجمام الشمسي.
ويرى أويصال -في حديثه “للجزيرة نت”- أن هناك عوامل عدة ساهمت في تحقيق هذا الإنجاز، أبرزها الموقع الجغرافي والجمال الطبيعي والظروف المناخية والسعة السياحية ومشاريع الاستثمار.
وعن التقنيات التي المستخدمة في تنقية الشواطئ، يوضح أنهم يستخدمون قوارب تنظيف البحار، وحاويات جمع النفايات البحرية، وصناديق جمع النفايات في مصبّات الأنهار، ومكانس البحر، وآلات تنظيف الشواطئ.
ويؤكد أويصال حرص بلاده على سلامة بيئتها من خلال تضمين التعليم البيئي في النظام التعليمي الرسمي بالمدارس، فضلا عن برامج التوعية والتشجيع على تنفيذ النشاطات البيئية المختلفة.
ويشير رئيس البلدية إلى أن مؤشر “العلم الأزرق” في تركيا يضم 33 معيارا للشواطئ، و38 للموانئ، و51 لسفن السياحة، و4 لليخوت الفردية مع 16 قاعدة سلوك.
ومن معايير “العلم الأزرق” الإلزامية للشواطئ:
- تحليل مياه السباحة كل 15 يوما خلال الموسم.
- ملاءمة محطات معالجة مياه الصرف الصحي للمعايير.
- حماية المناطق الطبيعية الحساسة.
- توافر رجال الإنقاذ وإمدادات الإسعافات الأولية وخطة الطوارئ.
- توافر مرافق المعاقين.
- فصل النفايات.
- التوعية البيئية.
تحديات وعوائق
وعن التحديات والعوائق التي واجهت تركيا في عمليات تنظيف الشواطئ والحفاظ على نظافتها، يؤكد أويصال أن بلاده -مثل أي مكان آخر في العالم- تواجه مشكلات جديّة بما يخص تلوث البحر وتحديات أخرى تتعلق بالسواحل، بسبب الصناعة والإعمار والسياحة، وإنتاج النفط ومشتقاته، والنقل البحري وحوادث البحار، وانتقال النفايات إلى البحر خلال الكوارث الطبيعية.
ويلفت إلى أن أزمة المناخ وانخفاض عدد وأنواع الكائنات البحرية الحية والصيد الجائر وزيادة المدن والوحدات السكنية على السواحل، تتطلب سرعة التعامل لحفظ استدامة الموارد الطبيعية ومستقبل الناس.
ويَعتبر المسؤول التركي قوله أن “عدم وعي الأفراد بشكل كافٍ بخصوص فصل النفايات وإتلافها وحماية البيئة، وعدم وجود كفاية من الموظفين والدعم المالي والتكنولوجي… تُعد عوائق إضافية”.
وكانت تركيا دشّنت مشاريع عدة للحفاظ على نظافة الشواطئ، منها حملات التنظيف المتواصلة، وأعمال تحديث البنى التحتية، ومشاريع التوعية التعليمية، بدعم من المؤسسات المحلية الرسمية والمدنية، بحسب أويصال.
ويشير رئيس بلدية منطقة مراد باشا في أنطاليا إلى وجود تحديات تتعلّق بإدارة النفايات والتحكّم بها، بسبب كثافة السياح في الشواطئ التي تُعد نقطة جاذبة لهم، مما استدعى إقدام الحكومة التركية والإدارات المحلية ومنظمات المجتمع المدني على فرض مجموعة من القوانين والسياسات، تشمل لوائح بيئية صارمة، وحملات توعية، وحملات تنظيف للشواطئ، وإعادة تدوير النفايات لمنع تلوث المياه.
ويلفت أويصال إلى أن البحار هي مساحات مشتركة بين البلدان، ولا يكفي أن تقوم دولة واحدة لديها ساحل على البحر بالعمل لمكافحة التلوث، بل يتطلب الأمر تعاوناً بين البلدان المتجاورة ذات الامتدادات الشاطئية.
أهمية كبيرة
ويكتسب فوز شواطئ تركيا بـ”العلم الأزرق” أهمية خاصة، كونه علامة دولية يجعلها وجهة سياحية مرغوبة لعشاق الشواطئ والبيئة البحرية، ويعزز مكانتها كواحدة من أفضل الوجهات السياحية البحرية في العالم.
وبشأن ذلك، تقول الكاتبة التركية المهتمة بالشأن السياحي الدكتورة أومور كهرمان إن شواطئ بلادها تحظى باهتمام كبير من السياح المحليين والأجانب لأسباب عدة.
وتعزو كهرمان، في حديثها للجزيرة نت، هذا الاهتمام إلى الطبيعة الخلابة للسواحل التركية، والمتمثلة بالشواطئ الرملية الطويلة والسواحل الجميلة والمناظر الجذابة والمناسبة للراحة والاستجمام الشمسي والعيش مع الطبيعة، وكذلك النشاطات الترفيهية المتنوعة، والثروة التاريخية والثقافية التي تحتضنها تلك الشواطئ.
وتوضح كهرمان أن قرب الشواطئ التركية من المراكز السياحية يعد من أهم العوامل التي تجذب السياح، ولا سيما في المدن مثل إسطنبول وأنطاليا وألانيا وبودروم وكوش أداسي وتشيشمي، والتي تحظى جميعها بشواطئ تجذب السياح الداخليين والأجانب .
وتلفت الكاتبة والمرشدة السياحية إلى أن الأعلام الزرقاء تعد عاملاً مهماً في جذب اهتمام السياح، إذ يدركون أنهم سيمضون وقتاً في مساحات نظيفة وآمنة وصديقة للبيئة.
وتؤكد كهرمان أن أداء قطاع السياحة في تركيا عموماً لا يعتمد فقط على الشواطئ ذات الأعلام الزرق، بل يتطلب الأخذ في الاعتبار عوامل عدة مرتبطة بخدمات النقل الجوي، والأمان، والإقامة، والتسويق، وجاذبية المنطقة… وغيرها.