حصري أكاديميا

ثقافة الغش.. تمثل الطبقة التحتية للفساد بقلم: د. عبدالله يوسف سهر

قرأت في شبكات التواصل الاجتماعي عن موضوع الطبقات الخمس للفساد في الكويت وهو عبارة عن ملخص تقرير منقول أو مزعوم من احد مراكز الفكر في الولايات المتحدة الامريكية. وبغض النظر عن مدى مصداقية النقل او المضمون فجميع الطبقات التي تم الاشارة لها من قبيل الواسطة والتزوير وتجارة الاقامات وغسيل الاموال وتواضع قدرة مؤسسات مكافحة الفساد، هي في الواقع لا تتعدى وصفاً ظاهرياً لظواهر خارجية، بيد ان البنية التحتية التي تقف عليها تلك الطبقات تتمثل في ثقافة الغش!
عندما يغش السياسي في الانتخابات، وعندما لا يراعي الوزير الكفاءات ولا العدالة ولا المساواة، وعندما يرى الشباب فضايح القبيضة والداو واليورفايتر، ويراقب هؤلاء الشباب التعيينات ليجدها بالواسطات، وعندما تكون الحظوة والشهرة ليس العلماء ولا الاتقياء وانما الجهلاء والمبتذلين وقليلي الحياء… فإن هؤلاء الشباب لا يقتنعوا بشيء آخر غير ان الواسطة سيدة الموقف والتزلف والتسلق والنفاق والدجل والغش هم السبيل لما يطلقون عليه ب ” فن الممكن”، عندما يشهد هذا الجيل على كل تلك المشاهد يصل الى نتيجة واحدة تتجسد في مقولة الغاية تبرر الوسيلة، ومن صادها عشى عياله.
لذلك فالغش، مع الأسف، بالنسبة لهم هو الذكاء وهو الطريق الاقصر للمنصب والثراء والشهرة، عندها يكون الغش ثقافة…. وهنا تكمن اخطر المخاطر!!
ومن هنا يكون التعليم إما داءً او دواء حيث يكون امام سبيلين، فإما طريق للفساد أو صراط للاصلاح. إن التعليم هو الذي يغذي البنية الاساسية للثقافة المعرفية. فاذا كان التعليم يؤهل الفرد للكتابة والقراءة والالمام بالتخصص، فإن الثقافة تأتي بعده بوصفها المعرفة المتراكمة مما يمكن ان يكتسبه المرء في حياته من البيئة التي حوله. فإذا كان الانسان فاسدا او مزوراً لشهادته وحتى متعلم بشهادة صحيحة ومن أرقى الجامعات لكنه لا يراعي الانصاف ولا العدالة، فذلك حتماً سيكون ناشراً لوباء ثقافة الغش حيث ان الناس من حوله وخاصة من يعتقدون بأنه قدوة سيتأثرون بسلوكه الشاذ.
التعليم في الكويت أصبح مخلوطاً بالسياسة القذرة التي تتداخل مع مصالح بعض التيارات السياسية التي تدعي الاصلاح، ويهيمن عليه بعض من كارتيل مصلحي رأسمالي وحزبي.
ونتيجة تلك الهيمنة فلابد على من يود الوصول أن يكون عبداً مطيعاً لهذا الكارتيل وأداة طيعة لتنفيذ مشاريعه، وهذا ما يعني ان ثقافة الغش اصبحت متفشية بين الكثير من المتعلمين ومن ذوي الشهادات العليا بغض النظر عن صحة وقوة شهاداتهم، فغاية الوصول تبرر وسيلة الغش! ومما هو مؤسف ان تقوم بعض المؤسسات او متخذي القرارات بتسهيل هذه المهمة للمتزلفين والوصوليين على حساب الكفاءات الوطنية.
اذن، اذا اردنا بالفعل ان ننشر ثقافة وقيم الاصلاح والعمل والوطنية والإبداع والتطور والتنمية، فيتوجب اولا تحرير التعليم من براثن هذا الكارتيل من كافة المؤسسات التعليمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock