أخبار منوعة

التعليقات السلبية على مواقع التواصل الإجتماعي ذات تأثير سام على الصحة النفسية

أصبحت أقسام التعليقات السلبية في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام ملعباً جديداً للتنمر عبر الإنترنت؛ ونتيجة لذلك، تختار العديد من المؤسسات الإخبارية حذف التعليقات كلياً لتفادي هذه المشكلة.

قد تتحول أقسام التعليقات إلى أقسام إهانات، تهديدات، جدالات ومضايقات إذا تُركَت دون مراقبة. في الواقع، وجدت دراسة أجراها مركز (Pew) للأبحاث عام 2014 أن 22% (واحد من كل خمسة.) من مستخدمي الإنترنت كانوا ضحايا للتحرش عبر الإنترنت في قسم التعليقات على أحد المواقع الإلكترونية.

من هم هؤلاء الناس الذين ينشرون تعليقات مسيئة ولماذا نقوم بقراءتها؟ لماذا نسمح لأنفسنا بالانجرار إلى أقسام التعليقات السلبية، أو الأسوأ من ذلك، الانجرار إلى الجدال في أقسام التعليقات. وما التأثيرات على صحتنا النفسية؟

صحيح أن التعليقات السلبية عبر الإنترنت قد تؤثر على صحتنا النفسية سلباً. إلا أن هناك خطوات يمكننا اتخاذها للتخفيف من حدة هذه المشكلة في حياتنا.

لماذا تعد أقسام التعليقات سامة

لماذا أقسام التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي والمنافذ الإخبارية سامة؟ بعض الأحيان قد يبدو الأمر وكأن تعليقاً سيئاً واحداً يؤدي إلى سيل من التعليقات السامة الأخرى.

هناك العديد من العوامل التي تساهم في سلبية قسم التعليقات، فلنتأمل في ما يلي:

إخفاء الهوية

عدم الكشف عن الهوية في قسم التعليقات يعني أن لا أحد يشعر بأنه مسؤول عما يقوله. وقد يتحول الناس إلى متشددين ومتطرفين في تعليقاتهم ببساطة بسبب عدم وجود ضوابط وتوازنات كما هو الحال في الحياة الواقعية. 

عدم وجود ضوابط في الانترنت

على غرار تأثير إخفاء الهوية، يكون تأثير عدم وجود قيود في الإنترنت (disinhibition effect). وما لن يكون مقبولاً على الإطلاق القيام به شخصياً فهو مقبول على نحو ما على شبكة الإنترنت.

إذ تزول الأعراف الاجتماعية ويصبح بوسع أي شخص أمام لوحة مفاتيح أن يقول ما يشاء (من دون عواقب).

التجريد من الإنسانية

ثمة سبب آخر يجعل أقسام التعليقات أرضية خصبة للمناوشات والخلافات هو ميلنا نحو تجريد الآخرين من إنسانيتهم على الإنترنت. بدلاً من أن ينظر كل منا إلى أن هناك شخصاً على الطرف الآخر، يتراءى لنا أننا نقوم بنشر تعليقات في الفراغ.

لا يمكننا رؤية أثر كلماتنا في الطرف الآخر، وقد لا ننتقي المفردات اللغوية بعناية كما نختارها وجهاً لوجه. وبناءً على هذا لن يقف في طريق الميل نحو العدوانية أي شيء.

عدم وجود ردود فعل حقيقية

عادة ما تكون التعليقات على الإنترنت أطول بكثير مما قد يقوله شخص ما في الحياة الواقعية قبل أن تتم مقاطعته أثناء حديثه.

وفي الواقع، يمكن للمعلّق أن يتجاهل كلياً ردود الفعل ويستمر في نشر تعليقاته كيفما يشاء دون مقاطعة. مما يسهل أن تكون أقسام التعليقات أرضاً خصبة للتنفيس عن المشاعر السلبية والغضب.

على سبيل المثال، تخيل أنك ستعيد شيئاً ما إلى متجر وتنفس عن غضبك تجاه الشخص الموجود على طاولة خدمة العملاء. بينما يراقب الجميع ذلك، سوف تستمر في التحدث إلى أن يقوم شخصٌ ما بالتدخل.

هذا ما يفعله الناس على صفحات الأعمال التجارية على الفيس بوك طوال الوقت دون التفكير ملياً في صدى الرسالة (أو فهمها من قبل الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي). 

عقلية الغوغاء

هناك أيضاً عقلية الغوغاء التي تتشكل في أقسام التعليقات. والتي تساهم في سلبية هذه الأقسام بشكل عام؛ أي عندما يقول شخص ما شيئاً سلبياً. فإن ذلك يفتح الأبواب للآخرين ليفعلوا نفس الشيء.

دور المنصة المستخدمة

تميل المواقع التي يتم فيها الحفاظ على سرية الهوية إلى الحصول على المزيد من التعليقات السلبية. على سبيل المثال، وجد الباحثون أعلى عدد من التعليقات والإهانات الفَظّة على موقع يوتيوب.

على النقيض من ذلك، فإن المنصات التي تحتوي على العديد من وجهات النظر المتعارضة (على سبيل المثال، صفحات فيسبوك السياسية) هي أكثر عرضة لأن يكون فيها معلقون يتجادلون أو يغضبون من بعضهم البعض.

عوامل الشخصية

العامل الأخير الذي يؤثر في سلبية قسم التعليقات هو شخصية أولئك الذين ينشرون التعليقات. 

والمعلّقون هم في الواقع أقل من أولئك الذين هم على الإنترنت. ويميلون إلى أن يكونوا من الذكور، ولديهم مستوى تعليم ودخل أقل (من أولئك الذين يقرؤون التعليقات).

المعلقون في بعض الأحيان هم المتصيدون الذين يستمتعون بإزعاج الآخرين وهم موجودون لهذا الغرض فقط.

تأثير التعليقات السلبية على الصحة النفسية

 لماذا نقضي الكثير من الوقت في قراءة التعليقات السلبية؟ إذا استطعنا أن نفهم تأثير التعليقات على صحتنا النفسية، يمكننا عندئذ أن نغير من تصرفاتنا لنصل إلى شعور أفضل. 

إدمان الدوبامين

إذا شاهدت فيلم المعضلة الاجتماعية (Social Dilemma) فسوف تدرك أن خوارزمية الفيس بوك تقوم على فكرة مفادها أنه قادر على التلاعب بالمستخدمين من خلال إدمانهم على بضع “نقاط” من الرضا (الدوبامين في واقع الأمر.) عندما يتلقى المستخدم “الإعجاب”، تعليق أو إشعار أو يجد شيئاً مثيراً للاهتمام في التغذية (Feed).

قد تعمل التعليقات السلبية بنفس الطريقة إلى حد كبير، إذا وجدت نفسك تقرأ التعليقات باستمرار في وقت ينبغي أن تكون فيه في العمل أو تشعر بالملل، فقد تكون مدمناً على قسم التعليقات.

وقد يؤثر ذلك سلباً على صحتك النفسية لأنك ستقرأ تعليقات في الوقت الذي ينبغي فيه فعل أمور أخرى. ما يجعلك تشعر بانخفاض الدافع وكما لو أنك لم تنجز شيئاً.

الاكتئاب والسلبية

قراءة التعليقات السلبية على الإنترنت تجعلك تشعر بسلبية أكبر. فإذا كنت تقرأ التعليقات السلبية على الإنترنت فور استيقاظك في الصباح، سينتهي بك الأمر إلى الشعور بالسلبية طوال اليوم.

وإذا أدمنت على قراءة تعليقات سلبية على الإنترنت، فقد تعاني في النهاية بعض أعراض الكآبة. 

القلق

قراءة التعليقات السلبية على الإنترنت قد تسبب لك القلق. وبالأخص إذا قمت بقراءة تعليقات تثير الخوف أو تسبب الشك في اختياراتك الخاصة.

ينبغي لأولئك من هم عرضة لاضطرابات القلق (على سبيل المثال، الاستعداد الوراثي) توخي المزيد من الحذر عند تصفح الإنترنت.

مدى الانتباه

متى كانت آخر مرة قرأت فيها رواية كاملة؟ إذا كنت تقضي معظم وقتك في قراءة تعليقات سلبية على الإنترنت، سيصعب عليك أيضاً الانتباه الى الأمور التي تتطلب سعة انتباه أكبر.

الجيد في الأمر أن قضاء الوقت في ممارسة الهوايات التي لا تنطوي على فترة انتباه قصيرة يمكن أن يبعد بعض هذا الضرر على سعة الانتباه لديك. 

تقدير الذات والثقة بالنفس

إذا قرأت تعليقات سلبية عن نفسك على الإنترنت، فقد تنخفض ثقتك بنفسك أو قد يقلّ تقديرك لذاتك. لذا من المهم أن تراقب مشاعرك قبل وبعد قراءة التعليقات على الإنترنت. وإذا شعرت بالسوء حيال نفسك بعد قراءة تعليق شخص ما، فهذه علامة جيدة أن تتجنب هذا القسم أو الشخص. 

صورة الجسد

إذا كنت تعاني مع صورة جسدك ثم قرأت تعليقات سلبية على الإنترنت عن مظهرك أو الشكل الخارجي للآخرين، فقد يزيد ذلك من سلبية أفكارك.

الأفكار المشوَّهة عن صورة جسمك قد تؤدي إلى تغير أنماط الأكل ومشاكل أخرى ذات صلة مثل اضطراب الأكل وخاصةً بالنسبة لأولئك الذين يعانون من سهولة التأثر بآراء الآخرين.

كيف لك معرفة تأثير التعرض لهذه التعليقات السلبية على صحتك النفسية ؟

أفضل ما عليك فعله هو الانتباه إلى علامات وأعراض الإدمان، الاكتئاب، القلق، نقص الانتباه، انخفاض تقدير الذات ومشاكل صورة الجسد ومراقبة مشاعرك إزاء قراءة مثل هذه التعليقات عن كثب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock