أكثر من مليون طالب تركي في مدارس الأئمة والخطباء
•الأتراك يعتبرون اللغة العربية من الأشياء المقدسة لأنّها لغة القرآن الكريم
•بعض المدارس التركية أضافت حصص لتدريس اللغة العربية ضمن منهاجها بمعدل حصتين إلى خمس حصص أسبوعياً
•هناك أكثر من ستة آلاف كلمة عربية موجودة في اللغة التركية
بحماس وشغف كبيرين تحمل الفتاة التركية ياسمين (18عاماً) حقيبتها كل صباح وتقصد أحد مراكز تعليم اللغة العربية في منطقة الفاتح في الجزء الأوروبي من مدينة إسطنبول، حيث أصبحت تنتشر تلك المعاهد التعليمية بشكل كبير وتحتضن الآلاف من الراغبين في تعلم العربية.
تحدثت ياسمين باللغة العربية عن بداياتها الأولى في التعلم، وقالت إنها كانت تجد صعوبة في الحديث لكنها مع الوقت أصبحت متمكنة بشكل جيد من نطق الكلمات وكذلك الفهم من خلال الاستماع، وتعمل جاهدة حالياً على أن تصبح قادرة بشكل أفضل على الكتابة وإجادة قواعد النحو والإملاء.
وحول أسباب رغبتها بدراسة العربية أفادت ياسمين بأنها شعرت بالحاجة لذلك من أجل الفهم كثيراً عن التاريخ الإسلامي خصوصاً وأنها تريد أن تتخصص في دراستها الجامعية بالعلوم الدينية، إضافة إلى تعلقها بالعربية منذ وقت مبكر.
اهتمام كبير
خلال السنوات الأخيرة عمدت حكومة العدالة والتنمية إلى تعزيز التوجه لتعلم اللغة العربية وبات هناك أكثر من مليون طالب يتعلمون العربية في مدارس الأئمة والخطباء، إضافة إلى افتتاح العديد من التخصصات الجامعية بالعربية سواء حكومية أو أهلية.
بعض مراكز تحفيظ القرآن أصبحت تعلم التفسير .
وقد بدأت رسمياً بعض المدارس التركية بإضافة حصص لتدريس اللغة العربية ضمن منهاجها بمعدل حصتين إلى خمس حصص أسبوعيا في بعض المدارس، كما يتم التركيز على تنظيم العديد من الأنشطة الجانبية لمساعدة الطلاب على اكتساب اللغة بشكل أسرع، مثل تنظيم مسابقات رياضية وعلمية وترفيهية ولاسيما في المدارس التي ينخرط الطلاب العرب والسوريون فيها بشكل كبير.
ويؤكد الباحث التركي فراس رضوان أوغلو أن الأتراك يعتبرون اللغة العربية من الأشياء المقدسة، لأنها لغة القرآن الكريم ولأن الدين الإسلامي جاء بها، ولذلك لا يربطها الأتراك كثيراً بالعرب أو بالعرقية.
وبحسب حديث رضوان أوغلو ، فإن حكومة العدالة والتنمية أدرجت اللغة العربية، باعتبارها إحدى اللغات الأجنبية في المدارس لمن يرغب بالتعلم بها، خصوصاً وأن المتدينين يسارعون إلى ذلك.
رضوان أوغلو: الأتراك يعتبرون اللغة العربية من الأشياء المقدسة لأنها لغة القرآن الكريم .
وعن حضور اللغة الإنجليزية ذكر رضوان أوغلو أنها بقيت محصورة بين فئة الأغنياء أو الدبلوماسيين، أما عامة الشعب التركي فيعدها لغة الطامعين في استعمار تركيا والساعين لفرض الضغوط السياسية والاقتصادية عليها، ولذلك لقيت خطوة اللغة العربية القريبة من العثمانية التي تساعد في تعلم العثمانية القديمة نجاحاً عند فئة كبيرة من الشعب التركي خلال السنوات الأخيرة.
عوامل رئيسة
ولعل أكثر ما شجع الأتراك على تعلم العربية هو تدفق أكثر من خمسة ملايين من العرب بينهم ثلاثة ملايين سوري إلى تركيا وانخراطهم مع المواطنين الأتراك في كثير من الأعمال التجارية والشركات في مختلف مدن البلاد.
وإضافة إلى استقرار هذا العدد الكبير من العرب في تركيا أسهم إقبال السياح العرب على تركيا بشكل كبير، في تحفيز الأتراك على اكتساب العربية، وغالباً ما يصادف الزائرون العرب مواطنين أتراكاً في المدن السياحية الرئيسة يتحدثون معهم العربية بسهولة بل ويجيد الأتراك التحدث إليهم بلهجات مختلفة في بعض الأحيان مثل الشامية والخليجية.
ونتيجة لهذا الإقبال الكبير ازدادت أيضا بالمقابل حاجة كثير من المؤسسات التركية الخاصة والدوائر الحكومية لمترجمين عرب، حيث لا تكاد تخلو المستشفيات ودوائر الهجرة والجوازات وحتى مكاتب الشركات السياحية والعقارات من مترجمين عرب يتولون مسؤولية الحديث والاتفاق مع المواطنين والمستثمرين الموجودين في البلاد أو القادمين للسياحة.
ومن بين أسباب تعلم اللغة العربية أيضاً هو إجادة مئات الآلاف من الأتراك لقراءة القرآن الكريم، وقد أصبح هناك العديد من مراكز تعليم التفسير لحفاظ القرآن ودراسة ما يعرف بالإلهيات (دراسات إسلامية مثل علم أصول الدين والعلوم المتصلة به).وهناك أكثر من مليون طالب تركي في مدارس الأئمة والخطباء .
وتشير دراسات علمية تركية إلى أن هناك أكثر من ستة آلاف كلمة عربية موجودة في اللغة التركية، وأغلب تلك الكلمات تستخدم في الدراسات الأكاديمية وكذلك في التعاملات اليومية وخصوصاً تلك الكلمات التي تبدأ بحرف الميم وتندرج ضمن صيغ أسماء المكان والزمان والمفعول والمصدر.
ويؤكد أستاذ اللغة العربية التركي شوقي أوغلو أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين اللغة العربية والتركية، وبذلك يبقى من الصعب أن يتم الفصل بينهما نتيجة الثقافة الدينية المتداخلة والعلاقات الحضارية والتاريخية المتبادلة بين العرب والأتراك.
ويضيف شوقي خلال العقود الماضية وتحديداً مع بداية تأسيس الجمهورية التركية، كانت هناك محاولات لمنع اللغة العربية في البلاد ولكن خلال السنوات الأخيرة بدأت المياه تعود إلى مجاريها، وأعتقد أن مستقبل العربية سيكون في تطور وتقدم مستمر وذلك نتيجة شغف الأتراك بها”.
المصدر : الجزيرة