كتاب أكاديميا

الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح تكتب المملكة بين عراقة الماضى ومنجزات الحاضر…

الإحتفال باليوم الوطنى للملكة العربية السعودية فى ٢٣ سبتمبر من كل عام ليس احتفال خاص بأشقائنا فى المملكة فحسب ولكنه حدث هام وسعيد لكل شعوب دول مجلس التعاون الخليجى ، هذا اليوم التاريخى والذى أصدر فيه الوالد المؤسس حضرة صاحب الجلالة والفخامة سمو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله وطيب الله ثراه قراره بتوحيد مملكة الحجاز مع سلطنة نجد وملحقاتها لتصبح “المملكة العربية السعودية” وذلك فى ٢٣ سبتمبر ١٩٣٢ ، هذا الحدث التاريخى الهام والذى كان تتويجًا لكفاح مرير دام لقرابة القرنين من الزمان ضد هيمنة الدولة العثمانية وولاتها على شبه الجزيرة العربية ، هذا الانتصار الذى جاء ليؤسس ما يعرف بالدولة السعودية الثالثة بعد سقوط الأولى والثانية لينجح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وعلى مدار ثلاثون عامًا من الحروب والكفاح منذ عام ١٩٠٢ وحتى عام التأسيس ١٩٣٢ فى تحقيق حلم الآباء والأجداد فى كيان عربى موحد فى شبه جزيرة العرب ، ومنذ ذلك التاريخ انطلقت المملكة العربية السعودية لترسيخ وجودها بما تواجهه من تحديات إقليمية وعالمية نتيجة للتكتلات السياسية والصراعات العسكرية والتى بدأت منذ الحرب العالمية الأولى ومرورًا بالحرب العالمية الثانية ثم الصراع العربى الإسرائيلى ، ورغم ذلك نجحت المملكة وبسرعة فى التواجد بقوة على الساحة وخاصة مع ظهور النفط على أراضيها عام ١٩٣٨ فى الدمام وبئر الخير وتأسيس الشركة العربية الأمريكية للزيت والتى أصبحت شركة سعودية خالصة فى ثمانينيات القرن الماضى بإسم أرامكو كأكبر شركة نفطية فى العالم وذلك تتويجًا لجهود حكام المملكة العظام رحمهم الله جميعًا والذين استغلوا الثروة النفطية فى التحديث والتعمير حتى أصبحت المملكة نموذجًا رفيع المستوى فى الاستغلال الأمثل لثرواتها فى تحقيق رخاء الشعب السعودى الشقيق ، والحقيقة أن المملكة العربية السعودية لم تكتفى بمواكبة منجزات العصر الحديث ولكنها أولت اهتماما بالغًا بالمواقع الأثرية على أرضها والتى شهدت العديد من حضارات الممالك القديمة والتى قدّرها الباحث السعودى المتخصص فى علم الآثار د. عبدالرحمن الأنصارى ب٣٠ حضارة شهدتها شبه الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ وقبل وبعد الميلاد لعل أهمها على سبيل المثال وليس الحصر فى محافظة العلا والتى شهدت أرضها حضارات ممالك ثمود ودادان ولحيان والأنباط وفى الجنوب مملكة كنده الأولى والثانية وعاصمتها قرية الفاو حاليًا وهى تمثل نموذج الحياة العربية قبل الإسلام ، وكذلك مملكة حِمْيَر فى الجنوب ، كما أن أرضها تشرفت بمولد أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ونزول الوحى بالدين الخاتم لكل الشرائع رحمة للعالمين وعلى أرضها أطهر بقاع الأرض الحرمين الشريفين فى مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وفى عهد حكم آل سعود الكرام حظى ضيوف الرحمن من الحجيج والمعتمرين بخدمات رائعة واتسع الحرمين ليكفى الملايين سنويًا فى أكبر تجمع بشرى على وجه الأرض وذلك فى المملكة أرض الخير والحب والسلام ،
لقد أصبحت المملكة بفضل جهود حكامها العظام نموذجًا فريدًا يجمع بين العراقة والتاريخ من جهة والتطور الحضارى الحداثى المعاصر فى شتى المجالات من جهة أخرى حتى تكلل هذا الجهد والإخلاص بنهضة اجتماعية حضارية فى مجال حقوق الإنسان عامة وحقوق المرأة خاصة وذلك فى عهد المغفور له بإذن الله حضرة صاحب الجلالة سمو الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه والذى أعلنها بوضوح أن المرأة هى الأم والزوجة والأخت والإبنة وأمر بإعطاء المرأة السعودية كافة حقوقها كشريك أساسى فى النجاح والكفاح، حيث تم فى عهده منح المرأة حق استخراج البطاقة المدنية والسجل التجارى لمباشرة تجارتها وأعمالها بدلًا من الوكيل الشرعى كما تم منحها ٣٠ مقعد فى مجلس الشورى ومباشرة حقوقها السياسية فى حق الإنتخاب والترشح لإنتخابات البلدية وفى الابتعاث للخارج للتعليم وكذلك الاهتمام البالغ بالمطلقات والأرامل وتوفير سبل العيش الكريم لهم ،
وقد استكمل حضرة صاحب الجلالة سمو الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولى عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله ما بدأه سمو الملك عبدالله من انتهاج سياسة الانفتاح المجتمعى والاقتصادى بما يليق بدور المملكة والتى كانت ولا تزال حصن الأمان والهوية لدول مجلس التعاون وخير عون وسند لهم وأبرزها الدور التاريخى للمملكة بعد الغزو الصدامى الغاشم للكويت والتى سخرت فيه المملكة كل ما تملك لدحر هذا العدوان الغاشم ، لا يتسع المقال للحديث عن المملكة العربية السعودية ولكنه غيض من فيض ما أملكه من مشاعر حب وعرفان أحببت أن أشارك به إخوانى فى المملكة احتفالهم وسعادتهم فى هذا اليوم التاريخى ، وأسأل الله العلى العظيم أن يحفظ علينا وحدتنا وانتمائنا وهويتنا وأمننا ورخائنا وأن يحفظ قادتنا وشعوبنا وأن يغفر لمن فارقنا من آبائنا وأجدادنا وأن يجازيهم عنا خير الجزاء إنه ولى ذلك والقادر عليه ، وكل عام ونحن جميعًا فى خير وأمن وسلام.

بقلم /الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock