«جودة التعليم»: التفوق الدراسي الوهمي وجه ساطع لتدهور منظومة التعليم في الكويت

بينما تفاجأ العالم بنتائج الثانوية العامة في الكويت والسماح لخريجين بدخول جامعة الكويت و فتح الباب على مصراعيه لآخرين للبعثات خارجية، والأدهى لبعثات داخلية تصب في جامعات ربحية ليس لديها اعتماد مؤسسي، لم يتفاجأ بالأمر المهتمون بالشأن العام والمتابعون لنسق الاخفاقات الهائلة التي تتوالى على منظومة التعليم العام في الكويت، مما يعد تنكرا صارخا لمبادئ جودة التعليم ورضوخا لتوجهات شعبوية لمعالجة متسرعة لاحتقانات سياسية آنية تغيب عنها المصلحة الحقيقة للوطن، وهو ما يعد خطرا محدقا بمستقبل الكويت.

إن أي عاقل لا بد له أن ينصدم بنسب النجاح “الصاروخية” التي لا تعبر إلا عن اكتساح ظاهرة الغش وسهولة مفرطة في الاختبارات واختصار يلغي مفهوم المناهج، فبالمقارنة بين عامي 2019 و 2021 فقد جاء التغير مخيفا، فالزيادة في عدد الحاصلين على نسبة أكثر من 90% في العلمي قد فاقت 130% والأدبي أكثر من 400%، أما الزيادة في نسبة الناجحين من طلبة المسائي والمنازل للتخصص العلمي قد فاق 800% والأدبي تجاوز 640%.

وهو ما يؤكد ضرورة إستئصال الغش في اختبارات الثانوية العامة، حيث تمد الجمعية يد العون لما لديها من أدوات كفيلة بتحقيق ذلك كجزء من مشروع وطني يبدأ بتشكيل لجنة تتصدى لتدهور التعليم وتضع تشريعات لتحصينه من فجور القرارات الشعبوية العابثة بمستقبل الأجيال.

وتؤكد الجمعية أنه رغم الجهود المخلصة للفاضلين الدكتور علي المضف وزير التربية والمسئول عن التطبيقي، والدكتور محمد الفارس وزير التعليم العالي، لمعالجة التراجعات التي داهمت وبشكل متصاعد منظومة التعليم، وكذلك تعيين فريق عالي المهنية يتولى مهمة اختيار مدیر جامعة الكويت برئاسة الاستاذة الدكتورة نورية العوضي، فإنه لا زال هناك طريق طويل وشاق لإعادة هيكلة المنظومة التعليمية الفاسدة.

إن الجمعية لتؤكد أن اختبارات القدرات يجب أن تكون المصده الأولى لغربلة نسب النجاح الوهمية، مع ضرورة عقد امتحانات وطنية خاصة ( للطلبة المتقدمين للبعثات) لقياس نسبة التحصيل العلمي لجميع التخصصات وأهمها المرتبطة بشكل مباشرة بحياة الناس كالعلوم الطبية التي للاسف نزلت فيها نسب قبول الحاصلين على نسب نجاح حتى 85% ، كما سمح لهم بالابتعاث للدول العربية وهو ما يجب وقفه فورا وتجهيز إختبارات قدرات أولية تحت إشراف كلية الطب في جامعة الكويت.

وفي هذا السياق لا بد أن نؤكد أن اختبارات القدرات للبعثات الداخلية بالجامعات الخاصة يجب أن تتبع معايير أكاديمية تشرف عليها وزارة التعليم العالي، لضمان جودة التقييم الذي تقوم الدولة على أساسه بمنح البعثات وصرف عشرات الملايين من المال العام، نظرا لوجود ما يعد مصلحة تجارية لتحقيق الربحية في عمل الجامعات الخاصة.

إن الجمعية لتحذر مما يبدو واضحا من عدم وجود أي تنسيق ما بين التعليم العالي وديوان الخدمة المدنية فيما يتعلق بخطة الابتعاث 2021 لوجود بعثات في تخصصات أعلنها الديوان عدم الحاجة لها في سوق العمل، مما يعني تكدسا إضافيا في سوق بطالة الخريجين.

كما تؤكد الجمعية ما بات واضحا من إرتكاب الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي مخالفة جسيمة بعدم تطبيق معايير الاعتماد الأكاديمي المؤسسي والبرامجي على الجامعات الخاصة، علاوة على التأكد من كفاية أقسامها العلمية لمستويات طاقم التدريس من دكاترة وأساتذة، وهو ما يؤكد حاجة الجهاز لقيادة جديدة والحاقه بمجلس الوزراء لضمان استقلاليته عن وزارة التعليم العالي وتفعيل دوره في تطبيق معايير الاعتماد الأكاديمي على جميع مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة حسب ما نص عليه مرسوم انشاء الجهاز.

إن على الجهاز وقف الابتعاث في خطة 2021 للجامعات التي ليس لديها اعتماد مؤسسي وبرامجي وفق أسس مهنية وعلمية واعتمادات عالمية موثوق بها مستوفيه لمتطلبات التعليم النوعي المتماثلة مع المتطلبات المعمول بها في الكويت.

وهو ما يثير التسائل عن مشروعية الإبتعاث التي تمت في السنوات الماضية لجامعات خاصة لم تعتمد برامجها، لما لذلك من مخالفة جسيمة لقوانين الابتعاث، مما يتطلب مراجعة شاملة لمحاسبة المتسببين، فالابتعاث الداخلي يستند بالدرجة الأولى على أساس إعتماد برامجها من قبل الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وليس على أي تصنيف تحصل عليه من أي مؤسسة خارج دولة الكويت.