قسم السلايدشووزارة التربية

وزير التربية.. مركبكم وين مودينا؟

 

بقلم : د.عبير الهولي

يعتبر منصب الوزير أعلى منصب في الجهة التي يقودها سواء كان وزيرا على وزارة متخصصة أو وزير دولة لشؤون معينة، ومهمته قيادة الوزارة وتحمل ما في ذلك من أعباء وضغوط، فمن الوزراء من يكون قادرا على ذلك ومنهم من يفشل لأسباب كثيرة قد تعود لشخصيته أو لقلة كفاءته وخبرته، وربما بسبب التركة السيئة التي جاءته من سابقيه والعصية على الإصلاح أحيانا، كذلك وجود بعض المحبطين أو غير الأكفاء من وكلاء ومديري إدارات في هذه الوزارة أو تلك.

ولعل من أهم أسباب فشل أي وزير يعود لفقدانه الرؤية التي تحقق سياسات وزارته أو لعدم وجود استراتيجية واضحة ومنهجية عمل في الوزارة فيكون عملها عشوائيا لا وجه له ولا اتجاه.

ولو تناولنا وزارة التربية ووزارة التعليم العالي في وطننا الكويت لوجدنا أنها تعاني من عشوائية القرارات حتى في تنظيم العمل الروتيني اليومي مما تسبب في تراجعها وترهل وضعف مخرجاتها ولا نعلم على أي شاطئ سيرسو بنا مركبكم، فكثير من أبنائنا ينهون المرحلة الابتدائية وهم لا يجيدون القراءة والكتابة وهذا بشهادة أولياء الأمور ومعلمي المتوسط والثانوي الذين يكابدون لتلافي هذا القصور التعليمي.

وعندما نقول إن التعليم في الكويت يحتضر، لا أحد منا يستطيع إنكار ذلك، فالتخبط والعشوائية بالمشاريع والبرامج والقرارات غير المدروسة أمور ظاهرة، والجميع يعيدها إلى الوزير ويجعلها مرتبطة به وبشخصه، وليس بسياسة تربوية وتعليمية واضحة للوزارة تستمر وفق خططها بغض النظر عن تغير الوزراء أو اختلاف قدراتهم وتباين رؤاهم.

واليوم أوجّه خطابي هذا لوزير التربية، الحالي أو القادم، بأن لا تغلب على مشاريعه الإصلاحية في التعليم العاطفة، وتلميع برامج غير حقيقية أو غير مجدية خصوصا حين نوكل أمر إصلاح السياسات التعليمية القديمة التي عفى عليها الزمن، أو تطوير بعض جوانب التعليم لجهات غير متخصصة بحجة أنها دولية، أو لمؤسسات هدفها التربح على حساب التخلف العام في التعليم وأن تبتعد عن الوعود غير المنطقية والمبادرات الوهمية التي لا تتناسب وإمكاناتنا الحقيقية.

معالي الوزير الحالي او القادم، إن واقع نظامنا التعليمي مبني على سياسات وأهداف تربوية جامدة تركز على الثقافة العربية والإسلامية، وهذا شيء جيد لكنها لا تحث على الإسهام في العلم والسعي للمعرفة والإبداع، ولا إلى التفاعل بإيجابية مع التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي فأصبحت مخرجاتنا غير قادرة على بناء مجتمع منفتح ضمن حدود القيم الإنسانية والتسامح الديني والوسطية.

نحن نعاني من ضعف أداء القيادات التعليمية بسبب شح التدريب على أسس ومهارات القيادة التربوية، مع مركزية خانقة تحد من الصلاحيات وبالتالي المقدرة على الإنجاز، ولا تنسى يا وزيرنا تضخم الهيكل التنظيمي وتداخل الاختصاصات والمسؤوليات وغياب التنسيق والدعم الفني والإداري والتدريب للارتقاء بالعملية التعليمية والتربوية.

ولبناء وطن شامخ بسواعد أبنائه علينا صنع مبدعين وتدريبهم، والوزير هو المعني الأول بالعمل على تخطيط مشاريع مستقبل أبنائنا بمنهجية علمية تقوم على سياسات وأهداف محددة وبميزانيات مقننة وجهاز محاسبي دقيق وبكوادر وطنية لأن الإنجاز في التعليم لن يتحقق إلا بالعمل المؤسسي التشاركي بين الأكاديميين والفنيين بعيدا عن القرارات الفردية والآراء الشخصية.

وإذا أردنا ارتقاء التعليم العام عندنا فلا بد أن نرتقي ونهتم أولا بالمعلم اختيارا وإعدادا وتأهيلا وتكريما، لا تعيينا فقط، وبعيدا عن الصراعات الفكرية والأيديولوجية.

وتربوياً نحتاج إلى آلية تقييم للمدارس الحكومية والخاصة وتفتيش مستمر كي لا يتحول التعليم إلى تجارة بحتة، وأسس لاختيار الهيئة الإدارية والفنية في المدارس الخاصة، مع وضع ضوابط للرسوم المدرسية والجامعية الخاصة.

ولتحقيق رؤية 2030 في التعليم علينا اختيار قيادات إدارية وتربوية بناء على الكفاءات لا الواسطات، ووضع خطة خمسية لتحقيق تلك الرؤية بمعايير تقيس درجة الإنتاج والإنجاز، ونتمنى من سمو رئيس الوزراء وضع تقييم لأداء كل وزير في خطة عمله، ومدى الالتزام بإنجازها مع المحاسبة إن لم يحقق أي منهم 75% منها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock