أخبار منوعةقسم السلايدشو

«التعليم عن بُعد» يحوّل الغش من رذيلة إلى حقّ مكتسب! 

 

لم تكن مجرد نكتة عابرة، عندما قال أحد أولياء الأمور مازحاً عبر حسابه في «تويتر»: «حصلت على درجة كاملة في اختبار بنتي، والأبلة شجعتني وقالت شطورة يا بشورة!». فالغش، يعود إلى الواجهة مجدداً في وزارة التربية، بأساليب جديدة، عبر بوابة التعليم عن بعد.. الذي بدا ناقصاً من دون تحقيق التفاعل الكامل. لقد عادت ظاهرة الغش من جديد للانتشار بين أوساط الطلبة في التعليم العام، وبانتشار أقل في بعض مؤسسات التعليم العالي، وبأساليب متعددة، بدءاً من الغش في حضور الحصص، وانتهاء بقيام أولياء الأمور أو مكاتب متخصصة بحل الواجبات وكتابة التقارير، أو الاستعانة بمعلم خصوصي، أو بـ«غوغل»، لتغيب أهمية اكتساب العلم والمعرفة لمصلحة «النجاح»، حتى وإن كان وهمياً، بل زاد الطموح لدى بعضهم في تحقيق «التفوق» والنسب المرتفعة. في حال مواجهة هؤلاء الغشاشين بحقيقة أنهم يخرقون المبادئ الصحيحة بانتهاجهم الغش، تكون الإجابة دائماً بالقول «الأغلب قاعد يسوي جذي!»، وكأن الغش أصبح حقاً مكتسباً، بينما تغيب عيون الرقابة لدى البعض، فلا رقابة ذاتية، ولا رقابة أسرية، أو فعلية من بعض المعنيين بالعملية التعليمية.. في مشهد يعكس صورة خاطئة، وكأن بعض الأطراف المعنية بالتعليم، بدءاً من الطالب، تريد فقط أن «تعدّي السنة على خير»، من دون حساب لما يترتب على ذلك من تكريس لثقافة الغش، ومعاناة الطالب في ما بعد من ضعف تراكمي.

 

الحرب على الغش

ويبدو أن «التربية» خسرت معركتها ضد الغشاشين هذه المرة، بعد أن كانت قد أعدت لهم العدّة عامي 2018 و2019 معلنة الحرب على تفشي غش الاختبارات، متسلحة بإصدار لائحة حرمان الغشاش من الاختبارات، والتي واجهت بها شكاوى الطلبة برعاية أولياء أمورهم، الذين اعترضوا في حينها على تطبيق اللائحة، في صورة عكست وقتها أيضاً مشهداً مشابهاً لما يحدث اليوم بأن الغش حق مكتسب، إلا أن الوزارة في حينها ربحت جولات الحرب خلال العامين، لتحقق نسب نجاح حقيقية وأقرب إلى الواقع، إلا أن الظاهرة عادت في التعليم عن بعد في الفصل التكميلي للعام الدراسي الماضي، لطلبة الثاني عشر، عندما لامست نسب النجاح سقف الـ%100، مثيرة تساؤلاً مستحقاً من المختصين عما إذا كانت هذه النسب حقيقية أم وهمية، وبفعل الغش الذي انتقل من غش السماعات والبراشيم إلى الغش «عن بعد»؟ ويبدو التساؤل هنا مستحقاً: هل سيكون مصير العام الدراسي الحالي مشابهاً لما شهده التعليم من قفزة في معدلات التفوق والنجاح، أم سيتم تدارك الأمر بالحد من ظاهرة الغش أياً كان سبيلها؟!

 

تأثير اجتماعي

 

ولا يقتصر تأثير الغش على القطاع التعليمي فقط، بل يبدأ فيه وينتهي بتأثير مجتمعي متكامل، حيث أكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت، د.علي الزعبي، أن ممارسة الغش أمام الطلبة الناشئة، خلال التعليم عن بعد، يجعل من الغش قيمة إيجابية لديهم، مبيناً أن التنشئة الاجتماعية هي المسؤول الأول عن تشكيل شخصية الطفل، ومن ثم سيترسخ في ذهنه أن آلية الغش هي المسلك الصحيح للحصول على مبتغاه في كل مناحي الحياة وشؤونها، ما يجعلها تصبح خاصية من خواص الذات، التي ستحدد مجرى حياته اجتماعياً وأخلاقياً وإنسانياً. وأوضح د.الزعبي لـ القبس أن المثل الأعلى للطالب هم ذووه، وبسبب الممارسات الخاطئة في «تغشيشه» من قبلهم، أو من قبل أحد الوالدين، ستسهم في تكريس قيمة الغش ما يجعلها تبدو وكأنها حق مكتسب. ولفت إلى أن الغش ليس نتاج التعليم عن بعد فقط، بل هو نتاج لثقافة النفط، التي نتجت عنها سلبيات عدة، ما يجعل من أسلوب التعليم الحالي عاملاً قد يكون مساعداً في انتشار القيم غير الحميدة، مثل الغش، مؤكداً أن أسلوب التعليم التفاعلي مع فتح الكاميرات من قبل المعلم والطلبة هو السبيل الأمثل لمحاربة هذه الظاهرة.

 

هدف التعليم

وأشار إلى أن الغش أصبح ظاهرة مجتمعية، لكون الهدف الرئيس للتعليم لم يعد اكتساب المهارات والمعرفة، بل أصبحت الشهادة فقط هي جسر العبور للقبول في الجامعات والمعاهد، ومن ثم القبول في الوظيفة، مضيفاً: حتى في الوظيفة لا يسأل الموظف عن مهاراته بقدر ما يسأل عن موعد حضوره وانصرافه، مؤكداً أن هذا النظام أوجده الجهاز الحكومي، الذي لم تعد المهارات ضرورية لديه، وتم تكريس ثقافة «الربادة»، مشيراً إلى أن القيم أصبحت معكوسة لدى المجتمع، فـ«الشقردي» هو من يغششك، و«النحيس» هو الذي يمتثل للمبادئ ويرفض الغش.

 

 

منع الكاميرات محفز للغش

 

استغرب د.علي الزعبي منع وزارة التربية فتح الكاميرات في المدارس الحكومية، حتى أن لائحة التعليم عن بعد في جامعة الكويت نصت على عدم إلزام الطلبة بفتح الكاميرات إلا أثناء أداء الاختبارات، بينما يتم استخدام التعليم التفاعلي المتكامل في القطاع التعليمي الخاص، سواء في المدارس أو الجامعات، مع فتح الكاميرات، للتحقق من وجود الطالب وهويته. وأضاف: إن منع الكاميرات يعتبر محفزاً لتكريس عدم اهتمام الطلبة وعدم إنصاتهم للمادة العلمية، ومن ثم هو محفز للغش.

 

4 أساليب للغش عن بعد:

1 – الغش في حضور الحصص.

2 – قيام أولياء الأمور بحل الواجبات.

3 – الاستعانة بمكاتب متخصصة بحل الواجبات وكتابة التقارير.

4 – الاستعانة بمعلم خصوصي أو بـ«غوغل».

 

المصدر:

القبس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock