قسم السلايدشوأخبار منوعة

بعد 19 حركة فقط : الDeep Blue يتفوق على بطل العالم في الشرطرنج

ما هو Deep Blue؟
ديپ بلو (Deep Blue) هو حاسوب عملاق من إنتاج شركة IBM يستخدم تقنية المعالجة التفرعية الشاملة لحل المشاكل، حيث يحتوي هذا الحاسوب على 256 معالجاً وبوسعه معالجة 50 إلى 100 مليار حركة شطرنج خلال ثلاثة دقائق.

صنعت الشركة نسخة مطورة منه اسمها ديب بلو 2، تمكنت هذه النسخة المطورة من الحاسوب ولأول مرة تاريخياً في 11 مايو 1997 من هزيمة معجزة الشطرنج غاري كاسباروف.

المصدر

هل فوز البطل في الجولة الأولى كانت خدعة؟
بدأت المباراة في جولتها الأولى باهتمام واسع من قبل وسائل الإعلام، في تحدي جديد لمهندسي الشركة وكاسباروف الذي يسعى لانتصار جديد يبرهن فيه على فشل الذكاء الاصطناعي والمدى الطويل الذي ينتظر المبرمجين، لم تدم الجولة طويلاً ولم تكن في غاية الصعوبة وكالمعتاد انتهت بفوز كاسباروف على الحاسوب بسهولة وبساطة، إذ أن الحاسوب لم يكن يلعب باستراتيجية معينة أو خطة مدروسة، بل كان يلعب بطريقة عادية جداً ومألوفة (يأكل كلما سنحت له الفرصة)، وهذا ما زاد في ثقة البطل وأعطاه دفعة كبيرة، ولكن هل ستعاد سيناريوهات المبارايات السابقة أم أن لديب بلو رأي آخر؟!

الخطأ الفادح
بعدما اكتسب كاسباروف ثقة كبيرة بنفسه في الجولة الأولى بات يلعب بنفس الطريقة السابقة ليستدرج منافسه ويضربه من جديد، هكذا كان تفكير كاسباروف العميق الذي أحاط فكرته بدفاعات واستراتيجيات متعددة، ولكن أتت تلك اللحظة التي شوشت كاسباروف وأنزلت من معنوياته وجعلته يلعب بحذر وخوف شديد، كان كاسباروف قد لعب لتشجيع خصمه على أخذ بيدق “مسموم”، وهو قربان وضعه لإغراء الآلة لإتخاذ خطوة مصيرية، وكان ذلك تكتيكاً استخدمه كاسباروف ضد خصومه البشر في الماضي.

ما أدهش كاسباروف وكل الحاضرين في تلك القاعة هي حركة Deep Blue اللاحقة التي وصفها الكثيرون بأنها “تشبه البشر”، لم يقع في مصيدة كاسباروف بل وجه ضربة مضادة شلت تفكير البطل وأدت إلى هزيمته في الجولة الثانية.

المصدر

الهزيمة أدت إلى تشكيك البطل في قدراته
بعد الهزيمة القاسية التي تلقاها كاسباروف في الجولة الثانية، أشعلت تلك الخطوة غضب كاسباروف وألغت استراتيجيته بأكملها، وشعر بالقلق والتوتر الشديدين حتى أنه غادر في النهاية، والأسوأ من ذلك، أنه لم يتعاف أبداً من الصدمة، حيث تعادل في الجولات الثلاث التالية، إذ أنه ظل يفكر في تلك الحركة و غفل عن استراتيجياته ولم يلعب بطريقته المعتادة، قالت سوزان بولغار- بطلة العالم للسيدات:

أعتقد أنه لم يفعل ما في وسعه
المصدر

اللعبة الخاسرة
وهنا أتت الجولة الأخيرة الجولة التي تحسم المعركة ما بين البشرية والذكاء الاصطناعي، هل يبقى الإنسان يدافع عن وظائفه؟ أم أن للذكاء الاصطناعي كلام آخر يغيّر به مفاهيم المستقبل، وصلت الأمور والمباراة إلى ذروتها في النقلة رقم 44، حينما توقف كاسباروف عن اللعب معترفًا بهزيمته ويخسر لأول مرة في تاريخه مباراة في أقل من 19 حركة، ليفوز جهاز Deep Blue في الدور السادس من المنافسة بنتيجة «3.5 – 2.5»، ليخرج بطل العالم إلى وسائل الإعلام متهمًا الشركة المصنعة للحاسوب بالتلاعب بصفتها الراعية للمباراة، هكذا كانت مجريات الجولة الأخيرة.

نتائج التقارير تظهر تفاصيل غريبة
أجرت صحيفة الشرق الأوسط عام 2003 حوارًا مع بطل العالم، عقّب خلاله على هزيمته: «في تلك المرة كانت IBM بكل ما تمثله من قوة هي الراعي الرسمي للمباراة، وبالتالي كانت تساندها بكل قوتها حتى أصبحت المباراة هي الحدث الأهم في العالم، وعندما انتهت المباراة لصالح الكمبيوتر أعلنت أن الصراع بين الإنسان والكمبيوتر حُسم وانتهى، وبهذا أضرت الشركة بلعبة الشطرنج فلم تكن تلك هي النهاية لكنها البداية فقط».

رغم الهزيمة التي تلقاها كاسباروف إلا أنه واجه آلة جديدة في نيويورك ضد برنامج جديد للشطرنج معروف باسم “إكس ثري دي فرتيز” أكثر تطورًا من ديب بلو، إلا أن اللقاء لم تهتم به وسائل الإعلام باستثناء محطة “ESPN”.

حاول المهندسون البحث مجددًا عن سبب الهزيمة التي تلقاها الروسي من ديب بلو، وفي عام 2014 عالجوا سير المباراة إلى أن استنتجوا أن هزيمة المصنف الأول، وقتها سببه خلل وقع في خوارزمية الكمبيوتر، أي أن خطأ في برمجيات الجهاز تسبب في خسارته.
وجاء التقرير الذي خرجوا به:

«الجهاز قام بنقلة غير محسوبة عديمة المنطق بسبب خلل وقع في برمجياته، ما أربك البطل وأجبره على تسليم المباراة».
العقل البشري ضد العقل الإلكتروني
كانت مباراة عام 1997 بمثابة نقطة تحوُّل في تاريخ الذكاء الاصطناعي، وإنجازًا تقنيًّا استثنائيًّا. والغريب في الأمر أنه بالرغم من خسارة كاسباروف للمباراة، فقد شعر الناس بالمزيد من الاحترام والتقدير للقدرات المدهشة التي يتمتع بها العقل البشري مقارنة بالآلة، كان كاسباروف قادرًا على منافسة عملاق حاسوبي إلى جانب إتمام مهام أخرى لا حصر لها.

وفي المقابل، كان “ديب بلو” مُشَفَّرًا تشفيرًا فائقًا بمجموعة من القواعد المتخصصة، مُستخلَصة من عباقرة الشطرنج ومدعومة بخوارزمية تعتمد على توليد الحلول واختبارها فيما يُعرف بـ”البحث الشامل”، هنا نفهم أن البشرية صنعت ذكاء هزم ذكاءها، هذه المباراة كانت كافية لتفتح أبوابًا واسعة في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ أصبحنا الآن نرى أن العديد من المهام التي كان يقوم بها الإنسان استولت عليها الكمبيوترات، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه دائمًا هل باستطاعة هذه الأجهزة في يوم ما من الأيام أن تستولي عن وظائفنا أكثر، وتنعدم علينا الوظائف أكثر من انعدامها الآن؟! ومن يعلم؟ يمكن أن يثوروا على البشرية ويطلبوا حقوقهم، ولكن حتى الآن ما زلنا نملك بعض من السيطرة لا ربما نتخلص بها من هذا الخطر القريب.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock