أساتذة : استمرار العملية التعليمية من أبرز إيجابيات التعليم عن بُعد
جاءت «الكورونا» وغيّرت موازين العالم في كافة المجالات ومنها المجال التعليمي فبعد ان كان التعليم الجامعي تقليدياً في الجامعات قرر المسؤولون عن التعليم تحويله الى تعليم عن بعد «افتراضي» لاستمرارية التعليم في ظل استمرارية جائحة فيروس «كورونا المستجد»، وبعد ان اصدر مجلس جامعة الكويت في اجتماعه الاخير قرارا بفترة تجريبية للتعليم عن بعد لطلبة وأساتذة الجامعة انتهت الفترة وكان لزاما علينا ان نتوجه لاعضاء هيئة التدريس بالجامعة، في عدد من الكليات العلمية والنظرية، بسؤال حول تقييمهم لتلك المرحلة من حيث الايجابيات والسلبيات والاستماع لمقترحاتهم للتطوير خاصة انه سيتم استئناف الدراسة في 9 اغسطس الجاري بنظام «التعليم عن بعد».
وإليكم التفاصيل:
في البداية ذكرت الاستاذة المشاركة في كلية التربية بجامعة الكويت والنائب السابق د ..سلوى الجسار لـ«الانباء»: ان تطبيق التعليم عن بعد في جامعة الكويت جاء في فترة واجهت العديد من التحديات خاصة ان الانتقال من تعليم الفصول الى تعليم الكتروني لن يكون من السهولة لاننا نواجه تحدي ثقافة التغيير في التحول في نمط التعليم ولكن استمرارية التعليم افضل من توقفه.
صعوبات ومستلزمات
وتابعت د.الجسار: لقد صاحبت فترة التجريب صعوبات ابرزها التأخر في برامج التدريب للاساتذة والطلبة وعدم كفايتها خاصة انها تتطلب اتقان اساسيات مهمة قد يجد العديد من الاشخاص صعوبة في تطبيقها، بالاضافة الى ان الاساتذة يحتاجون إلى العديد من التسهيلات لتطبيق مستلزمات التعليم الالكتروني مثل اعداد المادة العلمية إلكترونيا، معربة عن اسفها لظهور «المتاجرة في التعليم عن بعد» الان في ظل وجود اعلانات لمكاتب تجارية تقدم خدمات للاساتذة لمساعدتهم على اعداد الملفات الالكترونية وتشغيل المحاضرات «اون لاين» بمقابل مادي مما سيشكل خطورة في اختراق الحسابات وامكانية التزوير، مؤكدة ان عدم وضع الضوابط والاتفاق على اجراءات التطبيق بالشكل النهائي على مستوى الجامعة والكليات من حيث توفير الدعم الفني على مدار الساعة للاساتذة والطلبة وسلامة المنصات الالكترونية وتوافر الاجهزة قد يتسبب في بعض المشاكل عند البدء في تطبيق التعليم عن بعد.
التعليم النظامي
وشددت د.الجسار على ان التعليم عن بعد لا يمكن نهائيا ان يكون بديلا عن التعليم التقليدي النظامي خاصة فيما يتعلق بالمقررات التي تحظى بطابع علمي وفني ومهني وتقدم عن طريق تطبيق المهارات الميدانية والتدريب الميداني.
التقييم والمتابعة
وذكرت د.الجسار ان اكبر تحد سيواجه الاساتذة الان هو آلية تقييم الطلبة ومتابعتهم وضوابط الالتزام في الحضور والمشاركة نظرا لانه مع عدم الاتفاق على وجود الية في وضوابط الانذارات والفصل من المقرر واحتساب الدرجات وتوزيعها وانواع الواجبات التي يكلف بها الطالب سنكون امام ازمة خطيرة وهي المبالغة والتسيب في منح الدرجات لتلافي المحاسبة من قبل بعض الاساتذة بما سيخلق تضخما في منح الطلبة درجات وتقديرات لا تعكس مستواهم الفعلي بالاضافة الى ان الطلبة لن يلتزموا بالدخول الفعلي على النظام وسيجعل العديد من الطلبة يختلقون اعذارا مثل عدم جود شبكة انترنت وسيكون التعليم تحصيل حاصل، كما ان اعتماد عمل التقارير بديلا عن الاختبارات سيفتح باب تجارة البحوث واعداد التقارير من قبل المكاتب الخاصة وهذا سيجعل تجربة التعليم عن بعد مصدرا خطيرا لفساد التعليم الجامعي وضعف مخرجاته.
وأشارت د.الجسار إلى ان هناك بعض الطلبة ظروفهم المعيشية تجعلهم يواجهون صعوبة في التعلم عن بعد، ولابد ان يتم السماح لهم بدخول المباني الجامعية للدخول على النظام وايضا السماح للاساتذة بتقديم المحاضرات «اون لاين» في مرافق الجامعة بمساندة من الكوادر الفنية المتخصصة في التعليم الالكتروني واكدت اهمية ان تكون الاختبارات النهائية ورقية وتجرى في المباني الجامعية مع الحرص على تطبيق كافة الاجراءات الاحترازية.
مواكبة العالم
ومن كلية العلوم بجامعة الكويت ذكرت عضو هيئة التدريس د.ليلى جراغ : للاسف جائحة «كورونا» تبعتها اضرار للعالم اجمع والكويت بينت وبقوة موقفها الحاسم بالتصدي لهذا الفيروس بكل وزاراتها وهيئاتها ومن ضمنها جامعة الكويت بكل اقسامها المتنوعة والهيئة التدريسية المساندة وفنيينها ومختلف عمالها الذين شاركوا في التصدي لفيروس «كورونا المستجد».
وأضافت د.جراغ: لقد اتحد قسم الكيمياء بكل مجموعاته التخصصية من اجل مواكبة العالم واكمال الدراسة والحفاظ على صحة منتسبي الجامعة، وحرص اعضاء هيئة التدريس والهيئة التدريسية المساندة بقسم الكيمياء على دخول الورش والدورات لكيفية التدريس «اون لاين» ولتسهيل عملية التواصل مع الطلبة كما قاموا مشكورين بتصوير التجارب العملية لتسهيل تدريس المختبرات.
وذكرت جراغ أنه لا يمكن ان ننكر ضيق الوقت وبعض الصعوبات الفنية في تقنيات التدريس اونلاين والاختبارات كذلك لكن بصورة عامة ولسلامة الجميع من طلبة وموظفين فهذا هو الحل الامثل.
نظام جديد
وبالانتقال الى كلية الهندسة والبترول في جامعة الكويت قالت عضو هيئة التدريس د.رواء الجار الله لـ«الأنباء»: ان تجربتي مع التعليم عن بعد بدأت في شهر مارس وكنت محظوظة بأن جميع طلابي طلبوا الاستمرار في التدريب وعدم التوقف، ومحظوظة اكثر لان طبيعة المادة تساعد كونها مادة علمية اكثر من كونها نظرية.
وتابعت د.الجارالله: في البداية كان النظام جديدا وكانت هناك صعوبة في التأقلم على الوضع ومع الوقت اعتدنا وتعلمنا عليه، موضحة ان من ايجابيات «التعليم عن بعد» سهولة التواصل من اي مكان وفي اي وقت وعدم الحاجة للمواصلات والازدحام وتوفير الوقت.
واضافت الجارالله: وقد لاحظت خلال هذه الاشهر ان نسبة الغياب تلاشت ونسبة الحضور في الساعات المكتبة زادت وهذه مؤشرات ايجابية، كذلك من الايجابيات امكانية تسجيل المحاضرة بحيث يستطيع الطلاب الرجوع إليها عند الحاجة.
تفاعل كبير
من جانبه، ذكر استاذ الاعلام بجامعة الكويت د.فواز العجمي : ان الفترة التجريبية للتعليم عن بعد بجامعة الكويت شهدت تفاعلا كبيرا من الطلبة والاساتذة، موضحا ان اعضاء هيئة التدريس خضعوا للعديد من الدورات التدريبية وتدريبهم على كيفية التواصل مع الطلبة واعداد المواد العلمية من خلال التعليم عن بعد والتفاعل مع الطلبة اونلاين واعداد الواجبات والاختبارات.
وقال د.العجمي: لان التجربة تقام لأول مرة في الجامعة فالبعض تحمس لها والبعض الآخر لديه تخوف، وهناك ملاحظات على التطبيق الفعلي للتعليم عن بعد، مؤكدا انه مع مرور الوقت سيعتاد الطلبة والاساتذة على هذا الامر، وسيكون اكثر سهولة ومرونة بالنسبة لهم.
واشار د.العجمي الى أن معوقات «التعليم عن بعد» تعد فنية وتقنية من حيث توافر الاجهزة وسرعة الانترنت، فضلا عن آلية اداء الاختبارات وهل لو كانت عن طريق «الاونلاين» ستعكس المستويات الحقيقية للطلبة، موضحا ان فلسفة التعليم عن بعد تختلف تماما عن فلسفة التعليم التقليدي.
وأعرب د.العجمي عن تفاؤله، وبأن الجميع مستعدون من ادارة جامعية وطلبة واعضاء هيئة تدريس وهيئة اكاديمية مساندة، موضحا انه مع بدء الدراسة في 9 الجاري ستكون هناك تصورات اكبر فيما يخص التعليم عن بعد.
واضاف د.العجمي: نتمنى من الجميع ان يكون هناك تعاون اكبر لانجاح عملية التعليم عن بعد بجامعة الكويت، اما فيما يخص استمرارية الدراسة من خلال التعليم عن بعد حتى بعد زوال جائحة «كورونا» فقال: ان المسألة تحتاج الى تقييم بشكل اكبر بعد خوض التجربة الفعلية واستيضاح الايجابيات والسلبيات بشكل اوسع.
صحة الطلبة
أما عضو هيئة التدريس بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د.حمد العسلاوي فأوضح : ان اهم مزايا التعليم عن بعد الحفاظ على صحة ابنائنا الطلبة وعدم تعريضهم للخطر في ظل استمرار جائحة «كورونا» كونه يحقق التباعد الاجتماعي والجسدي، وكذلك يوفر الجهد والوقت حيث يحضر الطلبة الفصول من منازلهم وفي أماكن راحتهم بعيدا عن عناء الذهاب للجامعة بالسيارة وزحمة الطريق وحرارة الجو، كما يسهل التعليم عن بعد التواصل بين الطلبة والأساتذة، حيث لا يحتاج الطالب إلى انتظار الاستاذ في الساعات المكتبية لسؤالة، فبإمكان الطلبة طرح السؤال في أي وقت، واستاذ المقرر يرد عليه أيضاً في أي وقت، كما يتيح التعليم عن بعد مزايا كثيرة مثل مشاركة الملفات من قبل استاذ المقرر وارسال الطلبة للواجبات الكترونيا دون الحاجة لاستخدام الأوراق وتحمل عناء تسليمها لاستاذ المقرر باليد. وهذه الأزمة قدمت فرصة ذهبية للأساتذة والطلبة بأن يختبروا طريقة جديدة وحديثة للتدريس تسهل عليهم الكثير من الأمور وقد يستمرون في استخدامها بالمستقبل.
نظام الاختبارات
من ناحية اخرى، أشار د.العسلاوي الى معوقات التعليم عن بعد والمتمثلة في طريقة تقديم الاختبارات، فمن الصعب جدا ضبط العملية والتأكد من عدم استخدام وسائل الغش او تسريب الاختبارات، موضحا ان حلها يمكن بتغيير نظام الاختبار المتبع سلفا لكنه سيصعب الموضوع على الطلبة وقد لا يحصلون على درجة عالية نتيجة لذلك، لافتا إلى ان من المعوقات كذلك انقطاع ارسال الانترنت سواء من جانب استاذ المقرر او الطلبة، وهذا وارد لأن خدمات الانترنت المتوافرة في الكويت لا تعادل الخدمات المتوافرة في بعض الدول المتقدمة، وايضا بعض الطلبة قد لا يمتلكون المقدرة المادية للحصول على انترنت ذي جودة عالية، وهذا ينطبق ايضا من ناحية مدى امكانية بعض الأسر في توفير الأجهزة الذكية او اللابتوب للطلبة، لافتا إلى انه في بعض الجامعات الأجنبية يتاح للطلبة استعارة اللابتوب بالمجان من المكتبة وأخذه للمنزل حتى انتفاء الحاجة، متمنيا ان يكون هذا الخيــار متاحـــا في جامعـــــة الكويــت لرفــــع الحــرج عــــن بعــض الطلبـة والأسر المتعففة.
ورش ودورات
واقترح د.العسلاوي استمرار ورش العمل والدورات لأساتذة الجامعة والطلبة لكل فصل وتكون إلزامية على الجميع وان ترتبط بتسجيل الجدول للأساتذة والطلبة، حيث لا يسمح للأساتذة بادراج جدولهم ولا الطلبة بتسجيل المواد حتى يجتازوا الورش المقررة عليهم للتأكيد على حضور واستفادة الجميع، كما اقترح ايضا إلزام الموظفين الاداريين وتحويل جزء من مهامهم ومسؤولياتهم لانجازها من خلال برامج «التعليم عن بعد» مثل عقد الاجتماعات والمراسلات واعتماد الجداول الدراسية لتقليل استخدام الأوراق والبريد التقليدي وتسريع الاجراءات والابتعاد عن الروتين والبيروقراطية.
الظروف الطارئة
من ناحيته، أوضح عضو هيئة التدريس بكلية الآداب بجامعة الكويت د.حمد القحطاني لـ«الأنباء» ان التعليم عن بعد هو احد انواع التعليم المستخدمة في كثير من دول العالم ويستخدم في الظروف الطارئة في كثير من الجامعات، بالاضافة الى ان هناك تعليما عن بعد يستخدم في التدريس بالمناطق النائية والقرى البعيدة.
ولفت د.القحطاني إلى ان من ابرز سلبيات التعليم عن بعد انه لا يمكن استخدامه بشكل دائم كونه يفتقد التواصل الوجداني بين الاستاذ والطالب، والذي يعتبر من اهم النقاط في العملية التعليمية، فضلا عن أن «التعليم عن بعد» قد يكلف اولياء الامور اموالا باهظة لشراء الاجهزة الالكترونية في ظل وجود بعض الاسر التي ليست لديها القدرة المالية والامكانيات لتوفير تلك الاجهزة لأبنائهم.
وأكد د.القطحاني ان من ايجابيات «التعليم عن بعد» استخدامه في الحالات الضرورية الاضطرارية مثل جائحة «كورونا» التي يمر بها العالم اليوم وبعض الظروف الطارئة التي قد تعطل أو تتسبب في صعوبة الوصول إلى الجامعة أو المدرسة.
الانباء