أ.د محمود داود الربيعي يكتب: توازن العلاقة ما بين التعليم والتدريب
ان النظرة الغير صحيحة في توازن العلاقة ما بين التدريب والتعليم ، هي ان عملية التعليم تؤهل الافراد المتعلمين الى انواع معينة من الاعمال الذهنية ، وهو طريق التخصص في نمط من الاعمال ، اما التدريب فهو يؤهل الافراد على مهن ومهارات عملية ، وهو طريق التأهيل في نمط من الاعمال اليدوية ،والواقع ان هذه النظرة وربما انعكاساتها الفعلية الموجودة حقاً في المجتمع ، هي التي ساعدت على ايجاد المقارنة غير الدقيقة التي تقول اما التعليم او التدريب . وان الاتجاه السائد عند بعض الافراد بان التدريب هو حصة الذين لم تتوافر لهم فرصة او مواكبة مواصلة التعليم.
ان التعليم يدخل في مضمون التدريب والتأهيل للأفراد بصيغة معارف ومعلومات ذات طابع اكاديمي اما التدريب فهو مواصلة للتعليم بأساليب عملية جديدة ، لهذا نجد ان التدريب حاله مكمله للتعليم ،وعرف التدريب بانه عملية ديناميكية تستهدف احداث تغيرات في معلومات وخبرات وطرائق اداء وسلوك واتجاهات المتدربين بغية تمكنهم من استغلال امكاناتهم وطاقاتهم الكامنة بما يساعد على رفع مستوى كفاءتهم في ممارسة اعمالهم بطريقة منتظمة وانتاجيه عاليه .
وبما ان العملية التدريبية نظام متكامل تحتوي على انظمة فرعيه ، وهي كذلك نظام فرعي ضمن نظام اشمل ، فان أي تغيير في هذا النظام يؤثر بشكل او باخر على بقية الانظمة ، لهذا فان الجهود المنظمة والمخططة لتطوير معارف وخبرات واتجاهات المتدربين سوف تجعلهم اكثر فاعلية في اداء اعمالهم وتنمية اتجاهاتهم الايجابية المطلوبة .
وفي ضوء ما تقدم فان التدريب يهدف الى زيادة معارف المتدربين ومعلوماتهم واكسابهم المهارات اللازمة لتطوير كفاياتهم ، وتنمية اتجاهاتهم نحو العمل وزيادة اتقانه وفرص النجاح فيه وبما يؤدي الى رفع الروح المعنوية لديهم وزيادة الانتاج والانتاجية بالعملية التعليمية ورفع المستوى العلمي للطلبة بمواكبة المستجدات في حقول المعرفة وتنمية الروابط الانسانية السليمة بينهم .
ولكي يحقق التدريب اهدافه ينبغي الاستناد على مبادئ اساسية اهمها :
1- ان يرتكز على اطار نظري لها جذور في حقائق تجريبيه .
2- وضوح اهداف البرنامج وواقعيته ومرونته وتعدد الاختيارات فيه .
3- يلبي حاجات التدريب الحقيقة .
4- استثمار نتائج البحوث والدراسات لتطوير الجوانب النوعية للتدريب .
5- ان يكون مستمراً ومستثمراً لمعطيات التقنيات الحديثة.
6- يعتمد على وسائل متعددة لتحقيق اهدافه .
ولم يعد التدريب مفصولاً عن التعليم ، بل انه متداخل معه في الاهداف ومقترن معه في مراحل معينه بأساليب وانماط التدريب المتعددة فنجد ان في فرنسا تم اعتماد التدريب كجزء من المقررات الدراسية وبمعدل (8) ساعات اسبوعيا ، وهناك دول اخرى تلجا الى تدريب الطلبة بعد تعليمهم قبل دخولهم سوق العمل ، بما يجعل التدريب جزءاً من التعليم ومدخلاً لسوق العمل .
وبما ان التعليم اكتساب المعارف والمعلومات التخصصية النظرية ، وان التدريب عملية اكتساب المهارات والقدرات العملية ، لهذا نجد ان هناك علاقة ما بين التعليم والتدريب ،وان المتعلمين يجدون في احيان كثيره ان ما تعلموه لاجدوى منه بدون قدر مناسب من التدريب ، واذا لم يتوافر ذلك في فرصه تدريبيه منظمه فانهم يوفرونها في بداية عملهم حيث تكون الفترة الاولى لمباشرتهم بالعمل بمثابة فترة تدريبية غير نظاميه . اذن اصبح التعليم يوصل الى التدريب بالقدر نفسه الذي اصبح فيه التدريب على الاساليب الحديثة يستلزم قدراً مناسباً من التعليم .
ان عدم توازن العلاقة ما بين التعليم والتدريب في مؤسساتنا التعليمية هي ان ساعات التدريب والتطبيق العملي ما زالت قليلة وفي بعض الجامعات او الكليات هامشيه ولاتلبي الحاجة الفعلية لجعل التدريب مكملاً للتعليم ،ولان المقدمة الضرورية لدخول سوق العمل على اساس متين من المعارف والمهارات المطلوبة فيه يتطلب الاستفادة من مؤسساتنا الانتاجية والخدمية كورش للتدريب في موقع العمل وكما مطبق في اليابان الذي تعتمد على التعليم التطبيقي في مواقع العمل .
ان عدم الاستفادة من الملاكات العلمية والفنية في الجامعات ومن القدرات المتاحة في مؤسساتنا التي يمكن توظيفها في التدريب تعد مشكله تبرر هذين النوعين من الهدر ،ولهذا فنحن بحاجه ماسه الى سياسه واضحه المعالم باعتبار النشاط التدريبي حاله مكمله للتعليم وخلق علاقه عضويه ما بين التعليم والتدريب ، أي ما بين مؤسساتنا التعليمية والانتاجية والخدمية ، مما يزيد من فاعلية وكفاءة التعليم والتدريب هو في العلاقة ما بين المناهج والمعارف النظرية من جهة والخبرات والمهارات المهنية والعملية من جهة اخرى .
ان الدراسات والبحوث العالمية في هذا المجال اكدت على حقيقة ان بطالة المتدربين هي اقل من بطالة المتعلمين ، وعليه فان ربط التعليم بالتدريب تتيح فرصاً افضل لمخرجات التعليم في العمل والانخراط فيه بسرعه مع امكانية عاليه للتكيف لظروف ومتطلبات العمل.
وتتضمن العملية التدريبية ثلاث مراحل اساسية هي:
1- التخطيط : والذي يتضمن ثلاث فعاليات اساسية هي :
أ- تحديد الحاجات التدريبية
ب- تحديد الحاجات الى هداف
ج– تحديد الاولويات والاسبقيات.
2- التنفيذ : ويتضمن فعاليتين اساسيتين هما :
أ- تصميم البرنامج التدريبي
ب- تنفيذ البرنامج التدريبي
3- التقويم :هو تسليط الاضواء على ما يجري في احد الميادين على اكثر من الحالات من اجل تحديد مدى انجاز الاهداف المقررة بصفة مفيدة .
وبما ان التقويم يعطي وزناً او يقدر كما او نوعاً للحكم على ناحيه او اكثر من النواحي الهامه لمشكلة او موضوع ما ، وان هدفه هو التطوير والتحسين ، لذا يجب ان تسير عملية التقويم وفق المخطط المرسوم لها والنتائج فيها تطابق الاهداف من حيث الكم والنوع .
وهناك مبادئ واسس ينبغي اعتمادها عند القيام بعملية تقويم برامج التدريب وهي :
أ- ان تكون عملية التقويم مستمرة مصاحبه للعملية التدريبية .
ب- شمولية جميع عناصر ومكونات البرنامج التدريبي ومحتواه وخططه وموعده ووقته.
ج– معرفة قدرة البرنامج على اكتساب المتدربين الكفايات والمهارات اللازمة للارتقاء بأدائهم وفعاليتهم .
د– استخدام ادوات واساليب تقويمية متعددة .
هـ اشتراك المتدربين والمشرفين في عملية التقويم .
ويرى العديد من الباحثين ان هناك اربعة مستويات يمكن ان يتم فيها التقويم هي :
أ- ردود الفعل عند المتدربين .
ب- ما تعلمه المتدربون .
ج– التغيير في سلوك المتدربين.
د– نتائج التدريب.
ولهذا فان جعل التدريب جزء لايتجزأ من التعليم وان يكون رديفاً له سوف يحقق لنا توظيف امكانات المؤسسات التعليمية في خدمة المؤسسات الانتاجية والخدمية ، وفرض العلاقة العضوية ما بين التعليم والتدريب كوسيلة في تدعيم النظرة الشاملة والمتكاملة للإنسان في عقله وهو ما يهتم به التعليم وبدنه وما هو ما يهتم به التدريب .
أ.د محمود داود الربيعي – العراق– بابل / كلية المستقبل الجامعة – قسم التربية البدنية وعلوم الرياضة