بحث: (ماهو العلاج بالعمل، وما مدى رضا الآباء عن خدماته؟) لـ مريم الكندري وشهد دشتي
ازدهرت جامعة الكويت عبر السنوات بالتخصصات العلمية الرائدة والتي أضافت الخدمات المميزة في العديد من المجالات، وتخصص العلاج بالعمل (أو كما يعرف بالعلاج المهني) من التخصصات الطبية النادرة والتي حظيت بالاعتراف الأكاديمي مؤخرا , و تدرس في كلية العلوم الطبية المساعدة جامعة الكويت. حيث أن خدمات العلاج المهني انتشرت وخلال فترة وجيزة في عدد من المستشفيات الحكومية ومنها: الطب الطبيعي والتأهيل الصحي، ابن سينا، مركز الصحة النفسية، مستشفى العدان، مستشفى البنك الوطني للأطفال ومستشفى الفروانية.
ويتلخص عمل اختصاصي العلاج بالعمل في متابعة وعلاج المرضى الذين يعانون من مشاكل مختلفة من جميع الأعمار سواء كانت مشاكل وراثية منذ الولادة، أو إصابات وحوادث، أو الإصابات المرتبطة بالأمراض العصبية أو النفسية، أو ما بعد العمليات الجراحية، والتي قد تؤدي الى عدم استقلالية المريض في ممارسة نشاطاته اليومية المختلفة و تتضمن العناية الشخصية. وتجاهل هذه الإصابات قد يؤدي إلى عدم الشعور بالرضا عن النفس عند المريض ويقلل من قيمة نفسه ويشعره بالعجز، فتبدو أبسط المهمات صعبة بالنسبة له، ويشعر أنه عبء على المحيطين به.
وهنا يأتي الدور الأساسي لاختصاصي العلاج بالعمل حيث يقوم أولا بتقييم الحالة ثم وضع الخطة العلاجية ومناقشتها مع المريض وأهله وتطبيقها من أجل تطوير قدراته واسترجاعها، أو حتى الحفاظ عليها من التدهور، لكي يمارس حياته اليومية بشكل مُرضي و باستقلالية أكثر.
ولا يقتصر عمل اختصاصي العلاج بالعمل مع الكبار فقط، بل تعتبر وحدة الأطفال من أهم تخصصات العلاج بالعمل، حيث تهتم هذه الوحدة بمساعدة الأطفال من ناحية شاملة متكاملة لتطوير النمو والمهارات الذهنية والحركية، كما يوجد أساليب علاجية مختلفة مستخدمة للأطفال، ومن أبرزها العلاج بالتكامل الحسي.
التكامل الحسي هو عملية استقبال المؤثرات الحسية بواسطة الحواس، كاللمس والسمع والرؤية وغيرها، ثم تنظيمها، وبعدها استخدامها للمشاركة في النشاطات اليومية المختلفة.
فالأطفال المصابين باضطرابات حسية تظهر ردة فعل جهازهم العصبي بصورة مبالغ فيها وغير مناسبة، إما كفرط بالحساسية لبعض الحواس حيث يتجنب بعض الإحساسات، كانزعاج الطفل من الاصوات العالية والملامس الخشنة، أو ضعف بالحساسية كمن يرغب بالشعور بالإحساسات بشكل أقوى لكي يستوعبها، كالرغبة بالشعور بالاهتزاز القوي والصخب والاضواء. ويرتكز دور اختصاصي العلاج بالعمل على تقييم الطفل أولا حتى يتم وضع خطة علاجية لتعديل سلوكه وردة فعله عن طريق تكرار التعرض لهذه الإحساسات بالتدريج.
وقد قام فريق من قسم العلاج المهني بجامعة الكويت مؤخرا بعمل دراسة تحت إشراف الدكتور مهدي رصفياني هدفت إلى تقييم مدى رضى الوالدين على العلاج المقدم لأبنائهم من ذوي الاضطرابات الحسية، بمشاركة ثلاثة مستشفيات وهي: مستشفى الطب الطبيعي والتأهيل الصحي، ومركز المنارة للصحة النفسية، ومستشفى البنك الوطني للأطفال.
حيث تم جمع المعلومات بواسطة اختبار تقييم موحد معد وفق المعايير الدولية لقياس مدى رضا المريض، وكان المشاركون من أولياء أمور الأطفال يتلقون العلاج بالتكامل الحسي، وذلك لمعرفة مدى رضاهم عن العلاج الذي خضع له أطفالهم من حالات مختلفة كالتوحد، واضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة، والتأخر التطوري، ومتلازمة داون.
وقد أظهرت نتائج تلك الدراسة مستوى عالٍ من الرضى على دور أخصائي العلاج بالعمل في علاج الاطفال من حالات مختلفة باستخدام العلاج بالتكامل الحسي. حيث حاز السؤال عن (مدى جودة الخدمة) على أعلى درجات الرضا من قبل الوالدين، مما يثبت جودة العلاج المتبع. تلاه السؤال عن (مدى المساعدة في التعامل مع المشاكل) والذي حصل أيضاً على درجة عالية من الرضا، وهنا تتضح فعالية الأخصائيين وأساليبهم المتبعة. كما أبدى الآباء رضاهم عن مستوى الخدمات المقدمة كما انهم سينصحون بها اصدقائهم ويرغبون بالعودة للبرنامج مرة أخرى إذا احتاجوا لذلك، وهذه دلالة واضحة على استحسانهم للعلاج المقدم ورضاهم التام. والصورة أدناه توضح نتائج اختبار تقييم رضا الآباء.
ولم تقتصر الدراسة على التأكد من جودة خطة العمل فحسب، بل أنها أثبتت أهمية دور أخصائي العلاج بالعمل وكفاءته في علاج الحالات المذكورة أعلاه تماشيا مع مدى جودة العلاج بالتكامل الحسي في تطوير وتحسين أداء الأطفال. ومن هذا المنطلق فإننا نشجع وندعو جميع أولياء الأمور بعدم التردد بإحضار أبنائهم من مختلف الحالات لتلقي أفضل الوسائل العلمية والخدمات العلاجية المتاحة لتقييم ومعالجة مختلف الحالات المرضية.
كتبت هذه المقالة بواسطة أخصائيات العلاج بالعمل مريم الكندري وشهد دشتي تحت إشراف الدكتور مهدي رصفياني والدكتور محمد نظر من قسم العلاج المهني.