فوائد نفسية لمسرح الدمى والعرائس ….لنتعرف عليها !
اهتم الإنسان بالدمى منذ عصور ما قبل التاريخ ! حيث وجدت آثار تمثل الدمى في بلاد ما بين النهرين يعود تاريخها إلى الألف السادس قبل الميلاد، و مازال المنقبون بين الآثار يعثرون على دمى صغيرة تمثل مختلف الحيوانات ، كما عثر في مصر على دمى ذات أذرع و أرجل متحركة ، مما يجعلنا نتساءل: ترى هل يمكن أن يكون الإنسان قد عرف مسرح العرائس و الدمى المتحركة منذ تلك العصور الغابرة ؟
مسرح الدمى (العرائس) : هو مسرح شخصياته عبارة عن دمى صغيرة (عرائس) تمثل قصة مكتوبة و معروفة لدى الأطفال بواسطة شخصيات متخفية وراء أصواتها و بأسلوب مضحك حتى يستمتع الطفل دون ملل .
و يمكننا الجزم بأن مسرح الدمى له مساهمة في:
1. تثبيت التعليم كونه وسيلة إيضاح قيمة في توضيح حقيقة معينة للطفل (تساعده في التخيل) .
2. تساعد على الشفاء حيث استُخدمت العرائس كأداة علاجية ناجحة جداً ، فبعض محركي العرائس من الأطفال كانوا يعانون من مشاكل تواصل اجتماعي مثل (التهتهة) ، و تغلبوا على مشاكلهم هذه من خلال استعمالهم للعرائس.
3. عامل جيد على التواصل و علاج المشاكل فالعروسة أيضاً وسيلة مساعدة على تطوير مهارات التواصل الأساسية.
4. نجد أن الأشخاص الإنطوائيين أحياناً يتعلمون المشاركة على الملأ بعد عملهم في فريق العرائس، ويكتسبون مهارات مختلفة و ثقة بالنفس، فمسرح العرائس يمثل الأداة الأكثر فاعلية للاستخدام في المستشفيات ، الملاجئ، السجون، مناطق محلية و دور الرعاية.
5. إسعاد قلب الطفل و إبهاجه نلاحظ من خلال التجربة أن الأطفال يمكنهم الجلوس في أماكنهم أكثر مدة ممكنة في حالة وجود مسرحية للعرائس المتحركة و استخدامها يجعلهم أكثر تركيزاً، و لعل هذا ما ينبهنا إلى مدى الاستمتاع الذي يجلبه هذا الفن للأطفال الصغار.
6. تحطيم الحواجز والمعوقات ، إن ما تفعله العروسة في الطفل يصعب على المدرس فعله، بمعنى أن كثيراً من المعوقات والحواجز تستطيع أن تحطمه بكل سهولة و يسر، فمن خلال العروسة يسهل التعامل مع بعض الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وكذلك الطفل المنطوي، والطفل الشقي العنيد، فكل هؤلاء تستطيع أن تخاطبهم و تجذب اهتمامهم.
7. تعريفهم على عالم غريب و مثير ، يمكن لمسرح العرائس الذهاب بالطفل عن طريق الخيال إلى أماكن بعيدة و فعل أشياء غير منطقية، و لكنها تصبح مقبولة لدى الصغار جداً، و هذا ما يساعد على استثمار لغة الخيال الواسعة لدى الأطفال بطريقة جذابة و مثمرة.
كيف تجهز لعمل مسرحي بواسطة الدمى و العرائس ؟
عندما نريد أن نقدم عرضا مسرحيا للأطفال الصغار سواء في مرحلة الحضانة أو مرحلة التعليم الأولي، علينا أولا و قبل كل شيء صنع الدمى و العرائس و الكراكيز التي تتناسب مع بيئة الأطفال الاجتماعية و النفسية و الأخلاقية، و كذلك التي تتلاءم مع عاداتهم وتقاليدهم و أعرافهم داخل مجتمعاتهم التي يعيشون فيها ، إذ نرفض بشكل مطلق أي تغريب مدجن للأطفال الصغار بأي شكل من الأشكال ، ونرفض كذلك أي استلاب إيديولوجي و قيمي و حضاري تحت أي شعار أو غطاء.
ولكن لا يمكن في الحقيقة صنع الدمى والعرائس حتى يتم إعداد القصة الطفلية و تحضيرها فنيا و جماليا من البداية حتى النهاية، باحترام خطوات التحبيك الدرامي التي تتمثل في العناصر التالية : الاستهلال- العقدة- الصراع- الحل- النهاية.
ويعني هذا أن اللاعب أو المخرج أو المؤلف عليه أن ينسج مسرحية تتوافق مع خيال الطفل المخاطب، فيختار اللاعب مسرحية تتناسب مع عمر الطفل و سنه و ميولاته الوجدانية و النفسية و الشعورية و الذهنية ، و بعد ذلك يختار الشخصيات التي ستنجز الأحداث داخل فصل مسرحي واحد، وينتقي الفضاء الزمكاني الذي ستدور فيه الأحداث المقدمة.
وبعد تصور مضامين المسرحية و أجوائها التخييلية، يستحضر اللاعب الأدوات و الوسائل التي يصنع بها العرائس والدمى، فيختار بين مجموعة من المكونات كالورق والقماش والبلاستيك والخشب والبوليستر، فيرسم الوجوه والأشكال والأجساد على السبورة أو يخطها في شكل بورتريهات على الأوراق، فيلونها بشكل مسبق، ويحدد ملامحها بدقة مضبوطة.
وبعد ذلك، ينتقل اللاعب إلى الممارسة العملية، فيبدأ في صنع و اختيار الدمى و العرائس اعتمادا على تقاسيمها وتفاصيلها المرسومة على السبورة أو الورق .
يبدأ الراوي في تقديم الحكاية بصوت واضح و جهوري ، وتدخل الشخصيات في اللعبة الدرامية من البداية حتى النهاية ، ولابد للمسرحية أن تقدم العبر و المقاصد والدروس التعليمية للصغار عبر مساءلة الأطفال الحاضرين.
و لابد للمخرج أو اللاعب أن يزين المسرحية بخلفية الفنوندو أو لوحة سينوغرافية أنيقة وجميلة تحمل دلالات معبرة و موحية لها علاقة بالمسرحية ، و لابد أيضا أن تتخلل المسرحية حوارات ثنائية أو منولوجات وظيفية أو لحظات إنشادية و مشاهد لعبية و تعقبها سخرية صوتية مفارقة مضحكة باستعمال أصوات في غاية الفخامة والجهر و الشدة و الضخامة، و أصوات أخرى مقابلة تميل إلى الليونة والسلاسة و الهمس و الرخاوة حسب تلون المواقف و المشاهد الدرامية.
المصدر:
مواقع