موظف «التعليم العالي»: أتاجر في «الشهادات» منذ 7 سنوات ولم يُكتشف أمري
اكتشاف 400 شهادة مزيفة حتى الآن.. واستدعاء 18 مواطناً
في تطور لافت لقضايا الشهادات الوهمية تفجّرت، امس، مفاجآت من العيار الثقيل، بإعلان وزارة التعليم العالي عن اكتشاف عدد كبير من الشهادات المزورة الصادرة من إحدى الدول العربية لمختلف المراحل الجامعية في الأشهر الماضية، وإلقاء القبض على أحد الوافدين العاملين بالوزارة متواطئ في هذه الجريمة.
وفي الوقت الذي اعتبرت فيه مصادر مطلعة أن هذه القضية تعتبر الأكبر من نوعها، بلغت الشهادات التي تم اكتشافها أكثر من 400 شهادة حتى امس، وتنامت التحذيرات من وجود مسؤولين وموظفين كبار في أجهزة الدولة يحملون شهادات مزورة ولم يتم اكتشافهم حتى الآن، فيما يوجد محامون اشتروا شهادات وهمية.
دخلت هذه القضية منحى خطيراً، امس، حيث كشفت التحقيقات التي أجرتها الأجهزة المختصة في وزارة الداخلية عن تشعب مسار تزوير الشهادات، بدءاً من موظف التعليم العالي الذي ضبط فور عودته من بلاده، مروراً بالتنيسق مع مكاتب وجهات في مصر احترفت تزوير الشهادات وبيعها في الكويت ودول خليجية أخرى للراغبين في الحصول على المسمى الأكاديمي من دون بذل أي جهد.
خيوط القضية
وكانت وزارة التعليم العالي أوضحت بعض خيوط القضية في بيان لها، مشيرة إلى أنه بناء على توجيهات وزير التربية، وزير التعليم العالي، د. حامد العازمي، عمل القطاع القانوني ممثلا في إدارة القضايا والتحقيقات بالوزارة على التحقيق فيما يتداول بمواقع التواصل الاجتماعي عن إلقاء القبض على أحد الوافدين العاملين في الوزارة ودوره في تزوير بعض الشهادات.
وأضافت أن التحقيق تم بالتعاون مع إدارة معادلة الشهادات العلمية بالوزارة والمكتب الثقافي المختص وأسفر عن تحويل العديد من أصحاب الشهادات المزورة إلى النيابة العامة إضافة إلى سحب معادلة الشهادات الصادرة من الوزارة خلال الأشهر الماضية.
وذكرت أنه تم التنسيق مع إدارة المباحث الجنائية بوزارة الداخلية للبحث والتحري للكشف عن المتواطئين في التزوير لهذه الشهادات، لافتة إلى أن التعاون البناء بين الجهات أدى الى إلقاء القبض أخيرا على أحد الوافدين العاملين بالوزارة.
أمنياً، كشف مصدر في المباحث الجنائية وتحديداً في مكافحة التزييف والتزوير أن الوافد المصري الذي يعمل في وزارة التعليم العالي، تواطأ مع أحد من أبناء جاليته، حيث يقوم بتزوير الشهادات في بلده مقابل مبالغ أخرى يتم تحصيلها من الراغبين في الحصول على الشهادات المزيفة.
وقال مصدر أمني لـ القبس إن رجال المباحث تلقوا معلومات عما يقوم به المصري، فأجروا التحريات اللازمة التي أكدت تورطه وقيامه بتسلم المبالغ عن طريق وسيط من أبناء جاليته في بلده، مشيرا إلى أن هناك بلاغات حول أكثر من 400 شهادة ومعظمها تخصص حقوق، وتم استدعاء 18 مواطنا يشتبه في أن شهاداتهم مزورة.
جهات حكومية
وأكد المصدر أن بعض المزروين يعملون في جهات حكومية، منهم محامون، حيث تم ضبط 50 شهادة جامعية مزورة ومقيدة بالحيلة، موضحا أن أصحاب الشهادات المزورة ليس لها ملفات نهائياً في وزارة التعليم العالي، إلا أن الموظف المصري يقوم بمساعدتهم في إدخالها في النظام الآلي مقابل مبلغ مالي، حيث تصل تكلفة الشهادة ما بين 700 إلى 1000 دينار كويتي حسب التخصص.
وأفاد المصدر أن الوافد المتهم يقوم بتزوير الشهادات في بلده بطريقة احترافية ويسلمها لموظف مصري في التعليم العالي، تم ضبطه فور عودته من اجازته، معترفا في قضية تزوير الشهادات بتمريره الكثير منها على مدى 7 سنوات تقريباً، ولا تزال التحقيقات مستمرة تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.
وأظهرت التحقيقات وجود مكاتب وسماسرة وعناصر تشكل منظومة متكاملة لتزوير الشهادات والتلاعب بنتاج العقول.
الحكومة: الشهادات المزورة فساد.. وسنحاسب المتورطين
حمد السلامة|
أكدت مصادر مطلعة أن الحكومة تتابع ملف الشهادات المزورة بكل دقة، حيث اعتبرته من ملفات الفساد التي ستتم مكافحتها بيد من حديد.
وقالت لـ القبس إن الحكومة ستعمل على وأد أي شهادة مزورة، وستحرص على محاسبة المتورطين.
وذكرت أن الحكومة طلبت سابقاً إحالة مكاتب وشركات تدعو الطلبة إلى الالتحاق ببعض الجامعات المشبوهة وسيتم الإعلان عنها قريباً.
الإحالة إلى النيابة
شددت وزارة التعليم العالي على استمرارها في الإحالة إلى النيابة العامة لجميع الحالات التي تتبين فيها معادلة المؤهلات العلمية باستخدام شهادات مزوّرة، مؤكدة أن التدقيق مستمر لمراجعة جميع الشهادات التي صدرت لها معادلة سابقاً من الوزارة.
تراسل إلكتروني
أكد المتهم في اعترافاته أنه يتقاضى من 700 إلى 1000 دينار لقاء معادلة الشهادة الواحدة، مشيرا إلى أن جميع المراسلات إلكترونية مع شركائه.
علاقات
تبين أن المتهم يعمل في التعليم العالي منذ عام 2007 طباعا، يتبع شركة لديها مناقصة، واعترف خلال التحقيقات أنه تمكن من تكوين علاقات مع قياديين سابقين وساعدوه في نقل اقامته من الشركة إلى وزارة التعليم العالي وبعدها قام بتوظيف بعض أقاربه.
آلية التزييف
تبين من خلال التحقيقات أن أغلب الموظفين في إدارة المعادلات كانوا يعتمدون على المتهم في انجاز المعاملات. واعترف المتهم أن أفضل وقت لتمرير المعاملات المزورة وقت الازدحام، حيث لا تدقيق على المعاملات، وتبدأ طريقة تزوير المعاملة من القاهرة، حيث يقوم أحد المندوبين بوضع الأختام المزورة للسفارة والمكتب الثقافي وبعدها يرسلها.
أكاديميون لـ القبس: تشديد العقوبات لاستئصال المرض
حذّر أكاديميون من تنامي ظاهرة الشهادات المزوّرة، مطالبين بتشديد العقوبات لاستئصال هذا المرض.
وقالوا لـ القبس: حان الوقت لاتخاذ إجراءات جديدة مشددة لحماية الكويت من الشهادات المزيفة.
وأشاد أمين سر الجمعية الكويتية لجودة التعليم هاشم الرفاعي بتحركات وزارة التعليم العالي لمحاربة هذه الآفة الخطرة، مؤكداً أن انتشار الشهادات الوهمية والمزوّرة بات أمراً لا يطاق، وحان الوقت لاستئصال هذا المرض بشكل عام من جميع المؤسسات الحكومية.
وأضاف الرفاعي أن الجمعية تواصل تحركاتها للقضاء على هذه الآفة، حيث تم التنسيق مع هيئة مكافحة الفساد لوضع الخطة والآلية اللازمة لمحاربة حاملي الشهادات الوهمية في مختلف المؤسسات التعليمية والحكومية الأخرى.
من جهته، طالب أستاذ كلية الدراسات التجارية د. محمد الوطيان وزارة التعليم العالي بالإعلان عن عدد الشهادات التي تم كشفها والحاصلين عليها وأين يعملون حتى يكون رادعاً لهم، ولمن يجرؤ على الحصول على شهادة مزوّرة أو وهمية بغرض التمتع بالمميزات المالية وغيرها.
وقال الوطيان لـ القبس إن حاملي هذه الشهادات يجب أن ينالوا أقصى العقوبات، لا سيما أنهم استغلوها بطرق ملتوية وحصلوا على حقوق ليست لهم، مستغرباً عدم الإفصاح عن الإحصائيات الرسمية التي تم كشفها بشأن حاملي الشهادات الوهمية، حيث جاء بيان التعليم العالي من دون وجود أرقام.
مغردون: مهزلة وجريمة في حق الوطن
كان للمغردين السبق في كشف قضية تزوير الشهادات والتلاعب في معادلتها، وأكد أكاديميون وقانونيون في حساباتهم عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن كارثة علمية جديدة تكشفت تفاصيلها بتزوير الشهادات الجامعية مصدرها «دولة عربية» ويتم اعتمادها من وزارة التعليم العالي عن طريق وافد بقيمة تتراوح بين 3500 و4000 دينار .
وأكدوا أن أصحاب الشهادات المزورة ليست لديهم ملفات نهائيا في التعليم العالي، إلا أن الموظف المصري قام بمساعدتهم في إدخالها في النظام مقابل مبلغ مالي، وتم ضبطه فور عودته من إجازته.
وقالت المحامية أريج حمادة، عبر حسابها: ٧ سنوات وموظف وافد في وزارة التعليم العالي يبيع شهادات مزورة ويختمها بختم الوزارة للناس بسعر ٣٠٠٠ دينار، وهذا أمر غير مقبول.
من جهته ذكر المغرد أنور الكندري، أن الوافد المصري يمارس شتى أنواع النصب، مؤكدا انه لا أحد يخاف على الوطن إلا اهله، فعند توظيف وافدين معروف عنهم ضعف النفس امام المال، وثقافة الرشوة موجودة في بلادهم، ستكون النتيجه شهادات و«جناسي» مزورة.
أما المغرد قيس الشطي، فأكد أهمية دور وزير التربية، وزير التعليم العالي، د. حامد العازمي، وكل المخلصين، في هذا الملف المسيء للكويت، ونرجو لهم أن يستمروا بلا هوادة في محاسبة المزوّرين من أصحاب الشهادات والمتعاونين معهم من موظفين.
ووصف المغردون ما حدث بأنه مهزلة وجريمة بحق الوطن.
القبس