كتاب أكاديميا

أ. غدير السعيد تكتب: الغذاء والذكاء

لقد دار الكثير من الجدل حول مفهوم الذكاء، وأصر البعض على أن الذكاء موروث ومبرمج جينيا وأننا نولد به، بينما أوحى البعض الآخر بأن الذكاء يمكن تنميته عن طريق بيئة تعليمية مشجعة. أما في هذه الأيام فنجد أن هناك دليلا علميا متزايدا يوحي بأن الوجبة الغذائية تلعب دورا رئيسيا في رفع مستويات نسبة الذكاء. وعلى الطلاب في جميع المراحل أن يقيموا وجباتهم للتأكد من أن عقولهم تستقبل المواد الغذائية الصحيحة.   
يحتاج العقل إلى الطاقة في المقام الأول، فعلى الرغم من أن العقل يزن واحدا ونصف كيلو جرام فقط من الوزن إلا أنه يستهلك حوالي 25% من طاقة الجسم الكلية. وتستخدم هذه الطاقة في امداد الطاقة الثابتة للنبضات الكهربية والاتصال بين الخلايا العصبية. وبخلاف باقي أعضاء الجسم، لا يخزن العقل الطاقة، بل يحتاج إلى إمداد ثابت من الأكسجين والجلوكوز لكي يعمل بكفاءة. وهو يحصل على الأكسجين من خلال التنفس، أما الجلوكوز الذي هو السكر فيحصل عليه من الأطعمة الكربوهيدراتية الموجودة بالغذاء. وكلما حصل العقل على الوقود السليم أمكنه العمل بأقصى قوة. 


من أهم الأمور المرتبطة بالعقل نقل الدم لمعدل ثابت ومعقول من الجلوكوز أثناء الاستذكار وفي فترات التركيز المكثف. 
ويشكو الكثير من الطلاب من أنهم في بعض المواقف في الامتحانات يعانون من عدم تذكر أي شبء وكأن عقولهم صفحة بيضاء. 
وفي الكثير من الحالات يكون السبب هو انخفاض مستويات الجلوكوز بالعقل؛ ما ينتج عنه سوء في التركيز، ما ينقص من طاقة العقل ويقلل من الانتباه، وأفضل غذاء في هذه الحالة هو الكربوهيدرات الكاملة الموجودة في الحبوب الكاملة والخضراوات. والكثير من صغار التلاميذ يستهلكون كميات كبيرة جدا من الكربوهيدرات المحسنة التي تشمل الحلويات والبسكويت والشيكولاتة والمشروبات الغازية. 
وعلى الرغم من احتواء هذه الأغذية على كميات كبيرة من السكر لكنها ليست من نوع السكر الذي يفيد العقل. 
وأول وأهم خطوة لتحقيق التفوق الأكاديمي هو تناول ما يعرف بالكربوهيدرات المعقدة وهي التي توجد في الفاكهة والخضراوات والبذور والمكسرات والحبوب الكاملة. 


يعتبر البروتين ضمن الأغذية المهمة للعقل. وتتحول البروتينات إلى ناقلات عصبية بواسطة العديد من الخطوات الكيميائية الحيوية. 
وهذه الناقلات العصبية هي الطريقة التي بواسطتها يجهز العقل المعلومات. 
ومن أهم الأغذية التي تحتوي على البروتين: اللحوم والأسماك والبيض ومنتجات الألبان مثل الحليب والجبن. 
وبما أن الدهون المشبعة تتدخل بشكل سلبي في الطريقة التي تتواصل بها الناقلات العصبية فإن اختيار الأسماك والدواجن واللحوم القليلة الدسم يكون مفضلا من أجل طلاب أذكياء. 


تعتبر الأحماض الدهنية الأساسية أوميجا 3 وأوميجا 6 من الأساسيات الحيوية لصحة الأعصاب وخلايا المخ. 
وهذه الأنواع من الدهون أساسية من أجل نمو عقلي مناسب ووظيفة عقلية أكثر كفاءة بما أنها تساعد على اتساع العقل وتساعد على التعلم. 
وتعتبر الأسماك الدهنية مثل السردين والمكاريل والرنجة والسلامون هي أفضل مصادر أوميجا3 بينما تعتبر المكسرات والبندق واللوز وبذور السمسم وبذور عباد الشمس من أهم مصادر «أوميجا 6».  
فيتامينات وأملاح معدنية للذكاء 
تعتبر المعادن والفيتامينات من المغذيات التي ترفع نسبة الذكاء، ويحتاجها العقل بكميات أقل من احتياجها للأطعمة الكربوهيدراتية والبروتينية ولكن لكل عنصر منها قيمة حيوية مهمة، حيث وجد العلماء أن النقص في واحد فقط من المعادن أو الفيتامينات يؤدى إلى قلة الانتباه العقلي. 
أما الوجبة الغنية بالفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة بالإضافة إلى اللحوم قليلة الدهون والأسماك والمعادن والفيتامينات الرئيسية تكون مهمة وضرورية من أجل صحة جسدية وعقلية. 
وأهم المعادن الضرورية من أجل أكفأ صحة عقلية تتمثل فيما يلي: الحديد والبوتاسيوم والمنجنيز والفوسفور والصوديوم والكالسيوم والزنك وكذلك عنصر البورون. فوجود تلك العناصر يؤكد على أن الرسائل العقلية تنتقل في غاية السلاسة والسهولة عبر العقل والجهاز العصبي، وهذا يعني المزيد من الانتباه، والفهم بصورة أعمق وكذلك تحسن الذاكرة. 

إن النقص في عنصر واحد من العناصر قد يؤثر سلبيا على النشاط العقلي، حتى وإن كان هذا النقص ليس مؤديا إلى مرض.. فقد أجرى الباحثون في كلية الطب بجامعة المكسيك دراسة أثر نقص عنصر الحديد في وجبات الأطفال الذين تقع أعمارهم بين 6 و12 عاما، فوجدوا أن الأطفال ذوي النقص في عنصر الحديد الذين مع ذلك لا يعانون الأنيميا حيث لم يصل النقص في الحديد لدرجة الإصابة بالأنيميا قد حصلوا على درجات أقل في اختبارات المعلومات والفهم، بالإضافة إلى حصولهم على درجات أقل في اختبارات معدل الذكاء العام وذلك بالمقارنة مع أطفال لديهم معدلات مناسبة من الحديد. 
ولسوء الحظ فإن معظم النقص يحدث في هذه المعادن والفيتامينات. 
وهذا ما أثبتته المسوح المختلفة في بريطانيا عام 2000، فقد وجد أن 50% من البنات بين سن 11 و14 يتناولن أقل من الكمية الموصى بها من الحديد وأن حوالي 10 % من الأطفال لا يتناولون القدر الموصى به من الزنك. وترتفع هذه النسبة التي لا تتناول قدرا كافيا من الزنك في البنات من سن 11 إلى سن 14، وأن نصف البنات من سن 11 إلى 14 لا يتناولن نصف القدر الموصى به من المغنيسيوم وهو من أهم المعادن التي تحول الكربوهيدرات إلى جلوكوز يعتبر وقودا للعقل. 
وبالإضافة إلى المعادن توجد سبعة فيتامينات مهمة خصيصا للمخ وهي فيتامينات ب المركب وهي ب1 وب2 وب3 وب5 وب6 والبيوتين، بالإضافة إلى فيتامين ج، وكلها ضرورية لتحويل الكربوهيدرات إلى طاقة عقلية، وهي فيتامينات مهمة جدا من أجل إنتاج الناقلات العصبية. وقد أثبتت نفس الدراسة في بريطانيا أن حوالي 20% فقط في الفتيات بين أعمار 15 و18 يتناولن فاكهة الموالح الغنية بفيتامين ج.  

 
من أفضل الطرق لتضمين هذه المغذيات العقلية الأساسية في وجباتنا تناول تنوع عال من الغذاء بقدر الإمكان. 
فمثلا الطفل الذي نجده يأكل الجزر أو الخيار طوال اليوم لا يتناول ما يكفي عقله وما يحسن من أدائه من مغذيات، فالتنوع فقط يكون هو المؤثر في الأداء العقلي. 
وتعتبر الأغذية التي تمدنا بأعلى توظيف للعقل من الأغذية المحفزة لزيادة معدل الذكاء. 
والتعرف على هذه الأغذية التي نحتاج لتناولها من أجل تحسن الأداء العقلي من الأمور المهمة جدا لنا ولأولادنا كبارا وصغارا. 
ومن هذه الأغذية ما يلي:  
الفلفل الأحمر- البصل – البروكلي – البنجر – الطماطم – الفول – المكسرات و البذور – المولاس (العسل الأسود) – اللحوم قليلة الدهون – منتجات فول الصويا –   

تلخيص| أ. غدير السعيد

عضو هيئة تدريب

المعهد العالي للخدمات الإدارية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock