كتاب أكاديميا

د. حليمة الفيلكاوي تكتب: سوء التوافق الزواجي وأثره على الابناء

 

 

 

تتعرض جميع الأسر على اختلاف أنواعها ومستوياتها إلى العديد من المشكلات الحياتية والأسرية الطبيعية التي تحدث نتيجة نمط الحياة وضغوطها وطبيعة الاختلاف في شخصية كلا الزوجين وتوجهاتهما إلا أن طبيعة علاقة الزوجان ومستوى توافقهما هو الذي يحدد كيفية مواجهة هذه المشكلات وتجاوزها أم استثارة المشاكل وتفاقمها مما يؤدي إلى حدوث اختلالات في العلاقة الزوجية.
وتعرف المشكلة الاسرية على أنها حالة من الاختلال الداخلي و الخارجي التي تترتب على حاجة غير مشبعة عند أحد أفراد الأسرة بحيث يترتب عليها نمط سلوكي أو مجموعة أنماط سلوكية يعبر عنها الفرد أو الأسرة كاملة بطريقة قد تتنافى مع القيم المجتمعية.
تعد النسبة الأكبر من المشكلات الزواجية بسبب سوء التواصل بين الزوجين والتي تسبب سوء التوافق الزواجي وما يترتب عليه من آثار سلبية على تماسك الأسرة وتنشئة الأبناء وقد بين لنا ديننا الحنيف الأسلوب الأمثل للتعامل بين الزوجين وهو الأسلوب القائم على الرحمة والمودة والمعروف وهو أسلوب حتما يؤدي الي حياة زواجية سعيدة ومتوافقة.
يتفق الجميع على أن الأب والأم لهما الدور الأكبر في تشكيل وتكـوين شخصية الأبناء وعندما تزداد الخلافات الزوجية ينشغل الآباء بهذه المشاكل عن تربية الابناء ونتيجة للخلافات والمشاجرات فإن عواطف الأبوين للأبناء تتضاءل فضلاً عن إسقاط الانفعالات المختلفة التي تثور في نفس الأبوين علـى الطفل، وكثير من الآباء يعبرون عن الازدراء لبعضهما البعض عن طريق تجاهل الأطفال أو إظهار القسوة في معاملتهم، كما أن تقبل الطفل للمشاجرات الأبويـة يخلـق أطفالاً مشاغبين يميلون الي العدوان كما يفقد بعـض الأطفـال احترامهم للآباء المتشاجرين ويفقدون الثقة في انفسهم وفي آبائهم.
كما تؤدي الخلافات الزوجية إلى إصابة الأبناء بالقلق و عدم الاحساس بالأمن و الأمان وضعف الثقة بالنفس فيخافون من إقامة علاقات عاطفية سليمة و تكوين مفهوم خاطئ عن الأسرة باعتبارها مسكن للمضايقات والمشاحنات وتبادل الاهانات بين الزوجين.
من ناحية أخرى نجد أن الابناء يفقدون انتمائهم للأسرة بسبب الخلافات الأسرية ويجدون في أقرانهم ما يشبع رغباتهم في الانتماء وهو أمر يضعهم موضع خطر ويجعل احتمالية انحرافهم السلوكي والأخلاقي كبيرة، كما تؤدي هذه الخلافات الى اضطراب نموهم الانفعـالي والعقلي بالإضافة لاضـطراب الدراسة حيث من المحتمل ان يتأثر تحصيلهم الدراسي وقد يتأخرون في الدراسة مما يفقدهم أصدقائهم القدامى ويحافظ علي علاقتهم بالأصدقاء الجدد اصدقاء السوء فتتوالي الاخفاقات والانحرافات مما يهدد شخصية الطفل كاملة قد تصله الي الادمان والانحرافات السلوكية.
لذلك على الآباء والأمهات أن يحرصوا على أن تكون الخلافات بعيدا عن أعين الأبناء وأن يلتفت الأبوان الى تربية الأبناء بأن يساعدون أبناءهم على حسن اختيار الأصدقاء الذين يتميزون بحسن الخلق والذين يخافون الله ويحافظون على عقيدتهم وعلى أسرهم وهذا يستلزم أن يكون الأبوان قدوة حسنة وأسوة طيبة لأبنائهما .
ويعتبر تمسك الأبناء بصحيح الدين من ممارسات وعبادات طريقة صحيحة لحماية الانسان من الادمان وأي انحرافات أخرى، وعلى الأسرة تنمية الجوانب الدينية والعقائدية لدى أبنائهم ابتداء من تعليم الصلاة في سن السبع والتأكيد على القيم الاسلامية وتشجيعها ونبذ اي انحرافات دينية وفق الشرع والسنة .
والحقيقة أن جميع أجهزة الدولة لن تكون قادرة على حماية شبابنا من الادمان إلا بمساعدة الأسرة باعتبارها حائط الصد الأول والموجه الأساسي للأبناء، كما تقوم الأسرة بعملية الرقابة والمساعدة في الاستشفاء والتعافي.

 

 

 

د. حليمة ابراهيم الفيلكاوي
أستاذ مساعد – قسم علم النفس/ كلية التربية الأساسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock