الغاية لا تبرر الوسيلة الغير الأخلاقية .. بقلم: الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
الغاية تبرر الوسيلة .. جملة غيرت مجرى التاريخ السياسى الحديث وهى مقولة شهيرة للفيلسوف والسياسى الإيطالى نيقولو دى ميكافيللى (1469/1527)، مقولة تجسد المعنى الحقيقى .
والواضح والمختصر للأنانية والإستبداد السياسى وتحقيق المصالح الفردية على حساب مجتمع بأكمله ، لقد دافع ميكافيللى فى كتابه الأشهر ( الأمير ) عن هذا النهج شارحاً بالتفصيل المكثف العميق أساليب سيطرة الحكام على الشعوب بالترغيب والترهيب معاً ، حيث يقول فى هذا الكتاب أنه ( يفضل أن يخافه الناس إن لم يستطع أن يجعلهم يحبونه ويخافونه في الوقت ذاته ) فهو يعتبر بحق قدوة ومثل أعلى لكل طاغية مستبد .
كما أن منهجه الذى روج له الطغاة والفاسدين أصبح نبراساً لكل منتفع متسلط ، لقد وجد ميكافيللى أن الأخلاق الحميدة لا تكفى للتغيير وذلك بعد إعدام أستاذه وقدوته الراهب الثورى الإصلاحى سافونا رولا 1498 وإحراقه حياً ، بعد إعدام الراهب تقلد ميكافيللى منصب سكرتير فى جمهورية فلورنسا بعد سقوط حكم عائلة ميديتشى ولكن لم تستمر هذه الجمهورية سوى 13 عام حتى عادت أسرة ميديتشى للحكم بمطلب شعبى لمواجهة أطماع الفرنسيين وتم نفى ميكافيللى إلى الأرياف .
ومن هنا نجد أن ميكافيللى تيقن واستوعب أن الصراع السياسى واستقرار الحكم لا يعترف بالقيم الأخلاقية ولا يستند إليها فهو يرى أن التطور المجتمعى البشرى تحكمه المصلحة المادية والنفعية فقط ، وأن الدين يستخدم فقط لتطويع الشعوب لخدمة الحاكم بدعوى أن الإستقرار لا يأتى إلا بالإستبداد والتسلط وهو للصالح العام ، وعلى الرغم من الهجوم الشديد على ميكافيللى وكتابه إلا أن إيطاليا تعتبره رمز من رموز عصر النهضة وأيقونة فى عالم السياسة .
وعلى أى حال أنا أرى أن إطلاق المعنى على هذه المقولة أو غيرها هو خطأ يناقض المنطق والعقل ، لأن أفعال البشر نسبية تخضع للظروف ، وأغلب من ينتهجون هذا النهج هم من عديمى الأخلاق والشرف لأن العدل هو أساس المُلك والحق أحق أن يُتَّبع ، وهو مبدأ مخالف للشريعة الإسلامية التى تأمر بالعدل والإحسان وأن يقوم الناس بالقسط .
فديننا الحنيف وضع حلاً لجميع المشكلات ولا يبرر الطغيان والظلم والتعسف لتحقيق منافع فردية حتى وإن كان ظاهرها الصالح العام ، ولم يفلح ظالم ومستبد ومنتفع إلا لفترة قصيرة وبقيت الشعوب ، قال تعالى ( فأما الزبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض ) صدق الله العظيم.