توصيات دراسة عن «التنمية المهنية لمديري مدارس الدمج»: بيئة تحقق تكافؤ الفرص.. وتعالج المشكلات
شددت الباحثة في أصول التربية د. زينب الحساوي، على أهمية الدمج التربوي والاجتماعي لذوي الإعاقة، في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية للمستهدفين به. وبينت أن له تأثيراً كبيراً في علاج مشكلاتهم النفسية والاجتماعية والسلوكية، وتعديل اتجاهات أفراد المجتمع لا سيما أولياء الأمور والعاملين في المدارس، من خلال اكتشاف قدرات وامكانات المتعلمين من ابناء وبنات الفئة.
واوضحت الحساوي في دراسة أعدتها عن «استراتيجية مقترحة للتنمية المهنية لمديري مدارس الدمج في ضوء معايير الجودة في الكويت»، ان من المهم تعزيز التنمية المهنية لمديري مدارس الدمج باعتبارهم الركيزة الأساسية في العمل مع العاملين والطلاب وأولياء الأمور.
قالت الحساوي إن مقومات نجاح الدمج في التعليم العام تعتمد على توافر كفاءات فنية وإدارية مدربة وفق معايير تضمن جودة التطبيق، ليكونوا قادرين على إحداث وإدارة التغيير، الذي يحتاج إلى التنمية المهنية المستمرة وفق المتغيرات في النتائج التي يتم الحصول عليها عاما بعد عام إلى أن يتم الانتشار والتعميم بين جميع مدارس التعليم العام.
وسلطت الباحثة الضوء على أهمية توفير بيئة تربوية طبيعية تسمح بمشاركة هؤلاء المتعلمين في العملية التربوية بمدارس التعليم العام، واتاحة الفرصة لهم لقضاء جزء من اليوم الدراسي مع المتعلمين من غير ذوي الاعاقة، وطالبت بإتاحة الفرصة لذوي الإعاقات البسيطة للدمج بالصفوف العادية، والإبقاء على بعض الإعاقات الشديدة في فصول خاصة التي تحول دون تلبية حاجاتهم في البرامج التربوية العادية.
واعتمدت الحساوي في دراستها {التي حصلت القبس على نسخة منها}، والتي شملت 54 مديرة ومديرة مساعدة لمدارس الدمج في التعليم العام للمرحلة الابتدائية في منطقة مبارك الكبير التعليمية من أصل 60 مديرة ممن تلقين دورات تدريبية، على المنهج الوصفي ومنهجية التخطيط الاستراتيجي التي ترتكز على التحليل المستقبلي للبيئة الداخلية والخارجية.
مدير المدرسة
واعتبرت الدراسة أن نظام الدمج في التعليم يعد من أكثر الأنظمة مرونة في تعديل المناهج والبيئة المدرسية، لما يتناسب وإمكانات كل فئة من فئات الإعاقات المختلفة، لافتة إلى أن الموجه الحقيقي في إدارة النظام هو مدير المدرسة الذي يقوم بالمهام الإدارية الجليلة، ويعتبر هو السراج والدليل لجميع العاملين، مما ينبغي الاهتمام به والقيام على توفير البرامج الموجهة لتطوير أدائه.
وأشارت إلى أن الدمج في التعليم هو أسلوب حديث في تقديم الخدمات التعليمية للمتعلمين من ذوي الإعاقة في المراحل التعليمية المختلفة، حيث يركز على إلحاقهم بالفصول الدراسية العادية ومتابعة تعليمهم العام في الظروف المدرسية ذاتها التي يعيشها أقرانهم، مع تزويدهم بالخدمات التعليمية والاجتماعية التي يحتاجون إليها في المدرسة العامة.
تنمية مهنية
وحذرت الدراسة من مغبة التزايد في عدد المتعلمين ممن في عمر التعليم الإلزامي وغيرهم بالمراحل التالية سنويا، لما يشكله من عبء على الخدمات التربوية والتعليمية حسب نوع ومستوى الإعاقة.
وبينت أن هذا التزايد لا يتناسب مع كفاية وكفاءة القوى البشرية المتوافرة، لذلك ظهرت الحاجة إلى توافر قوى متخصصة ذات كفاءة عالية في شتي مجالات التربية الخاصة، وعلى مستوى الماجستير والدكتوراه للعمل في مجال الدراسات والبحوث وتطوير المناهج للنظام الجديد في الدمج في المدارس والبرامج العلاجية.
وفيما حضت الدراسة المعلمين والمديرين على مواصلة غرس مفاهيم التعلم الدائم في أذهان المتعلمين، لفتت إلى أهمية تعزيز التنمية المهنية لديهم، حيث ينقصهم الدعم والتوجيه والإرشاد المتوافر لغيرهم من المهن الأخرى منذ تلقيهم التدريب الأولي وإلى التقاعد.
نقص المهارات
وأرجعت الباحثة أسباب رفض الدمج في التعليم لدى البعض من العاملين إلى نقص المهارات المهنية لديهم، مؤكدة أهمية الربط بين السياسات التعليمية والتنمية المهنية لضمان فاعلية العملية التدريسية، ليعرف العاملون تقييم ذاتهم وتقدير مستواهم بشكل من ذاتي، والوقوف على المتطلبات الخاصة لتطوير ذاتهم.
وذكرت الدراسة أن ثمة وسائل عدة تساعد العاملين على تنمية مهاراتهم وتقييم ذاتهم، منها المعرفة العامة بأسلوب التدريس، والنظريات الاجتماعية والأخلاقية والآراء الفلسفية، والمعرفة المهنية عن المنهج وأساليب التدريس.
تجربة الكويت
وبينت الدراسة أن تجربة دمج ذوي الإعاقة بدأت في الكويت بصورة فعلية في مدارس العاديين في 2007، وكان عدد المدارس 11 مدرسة، ثم توسعت في إنشاء هذه المدارس بمختلف المراحل لتستوعب مختلف فئات ذوي الإعاقة ودمجهم مع الطلبة العاديين، لما لهذا من آثار إيجابية عليهم باعتبارهم جزءا من المجتمع.
ورأت الباحثة أن الدمج في مدارس التعليم العام ينجح عندما تقل الفجوة بين واقع الدمج في البلاد والهدف المراد الوصول اليه حسب المعايير الدولية.
كسر الحواجز
وتوصلت الحساوي، إلى أن مفهوم الدمج في التعليم يعني في جوهره إلغاء العزلة عن المتعلمين ذوي الإعاقة، ودعم حقوقهم وكسر الحواجز عنهم، لافتة إلى الآثار الإيجابية التي تنعكس عليهم من تعليمهم مع أقرانهم وتجعلهم يندمجون في المجتمع ويحسنون التعامل مع الآخرين، ويكتسبون السلوكيات الصحيحة من أقرانهم ويجعل اقرانهم متعاونين يحترمون حقوق الآخرين، ناهيك عن شعورهم بالتنافس الايجابي ورفع تحصيلهم الدراسي بسبب تنوع أساليب التعليم التي سوف يتلقونها.
واسترسلت بالقول: لا تقتصر التنمية المهنية على المدير فقط، ولكن تشمل المؤسسة التربوية (قادة، معلمين ،إداريين، عاملين) والمسؤولين عن العملية التعليمية، وهي عملية متكاملة تهدف إلى إعداد العنصر البشري إعدادا يفي بمتطلبات الوظيفة على الوجه الأكمل، والقيام بالمهام الوظيفية بمستوى الأداء المأمول مِمَّا يسهم في زيادة الإنتاجية، من خلال الاستخدام الأمثل للطاقات المتاحة.
توصيات الدراسة
خلصت الدراسة إلى عدة توصيات منها التأكيد على أهمية التنمية المهنية في إثراء المعلومات، تحسين مستوى المخرجات التعليمية، وتوظيف الدعم الحكومي في تطوير إدارة مراكز التدريب في مجال الدمج، إضافة إلى الاستفادة من خبرات المتخصصين لتطوير برامج التنمية المهنية بالدمج في تلك المراكز، وتبادل الخبرات على مستوى الجامعات ومراكز التدريب الخارجي، وتطوير إدارة مدارس الدمج من خلال إنشاء آلية للتواصل تحت مظلة وزارة التربية، بحيث تشترك مدارس الدمج بعرض تجاربها التطبيقية الناجحة.
«مركز تقويم وتعليم الطفل».. تجربة رائدة
أثنت الدراسة على مشروع مدارس الدمج التعليمي الذي طبق بصورة تجريبية على جميع المدارس الابتدائية بمنطقة مبارك الكبير التعليمية، حيث كان للإدارة التعليمية بالمنطقة دور فعال في التعاون مع فريق الدمج، وقدمت وزارة التربية والأمانة العامة للأوقاف وجهات أخرى الدعم اللازم.
وأضافت الدراسة أن المشروع اسفر عن قدرة جميع المدارس على التعامل مع المتعلمين من ذوي صعوبات التعلم البسيطة والمتوسطة داخل المدرسة.
واقترحت الباحثة، الاستفادة من تجربة مركز تقويم وتعليم الطفل في التنمية المهنية لمديري مدارس الدمج، وأثنت على التجربة، معتبرة اياها من التجارب الرائدة والايجابية في الكويت،
طرق تطوير التنمية المهنية
لخصت الباحثة طرق تطوير إدارة مراكز التدريب والتنمية المهنية لمديري مدارس الدمج في الكويت، في نقاط عدة:
زيادة مشاركة جهات الدولة، كمجلس الأمة من خلال إصدار التشريعات اللازمة، ووزارة التربية بإصدار اللوائح التنفيذية، ووزارة الصحة بالتشخيص المبكر للإعاقة، ووزارة الإعلام بنشر الوعي وتعميم ثقافة الدمج في التعليم العام.
توفير الموارد البشرية اللازمة لتمكين مديري مدارس الدمج من تنفيذ المهام الادارية المنوطه بهم.
عقد لقاءات دورية لمديري مدارس الدمج لتقييم وتعديل البرامج إذا لزم الامر، والبعد عن مركزية اتخاذ القرار وتمكين القائمين على الدمج من غير المديرين بالمشاركة.
زيادة أعداد مؤسسات تدريب مديري مدارس الدمج.
طرح سلم رواتب جديد مبني على الكفاءة المهنية، لا على الأقدمية.
المتابعة والتقييم لتخليص التنمية المهنية لمديري مدارس الدمج من القصور الناتج عن أخطاء التطبيق.
الوعي الإعلامي
أكدت الدراسة أهمية نشر الوعي الإعلامي للتعرف على مفهوم الدمج بين أولياء الأمور، فضلا عن توافر هيئة تعليمية متدربة للتعامل مع فئات الدمج وتوافُر التقنية الحديثة المساندة للمناهج.
القبس