كتاب أكاديميا

أ. د. عبداللطيف بن نخي يكتب: الوزير الروضان والتعليم التطبيقي

في مساء السبت الماضي، نظم ديوان الكتاب والأكاديميين لقاءً حواريا مع معالي وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون الشباب بالوكالة خالد الروضان، الذي تميز بطرحه الموضوعي الملامس للواقع المجتمعي الحكومي النيابي، وبشفافيته العالية حيث أقر بالجوانب السلبية في أنشطة الجهات التي يشرف عليها إلى جانب إيجابياتها، وبطموحه الكبير الذي ظهر في أولوياته وكان من بينها القضاء على البيروقراطية والروتين في الوزارة، والأخذ بالمؤشرات الاقتصادية الدولية، وتحسين بيئة الأعمال التجارية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز حماية المستهلك.
ما يهمني في هذا المقال هو مستقبل المشاريع الصغيرة والمتوسطة… في تاريخ 2 أبريل 2013، تم اصدار قانون رقم 98 لسنة 2013 في شأن إنشاء صندوق مالي باسم الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كمؤسسة عامة مستقلة برأس مال قدره مليارا دينار كويتي. ويهدف هذا القانون إلى تنمية الاقتصاد الوطني، من خلال خلق فرص عمل وتنويع مصادر الدخل لتخفيف العبء عن الموازنة العامه للدولة، وتهيئة بيئة عمل للشباب المبادرين خارج القطاع الحكومي.
يقدم الصندوق الوطني خدمات التدريب الإداري والفني لتنمية قدرات أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة القائمة، ومهارات العاملين فيها، لرفع كفاءتهم في إدارة مشروعاتهم. وكذلك الأمر بالنسبة للمبادرين والمعينين في المشروعات الصغيرة والمتوسطة الجديدة. ومن جهة أخرى، يدير الصندوق الوطني حاضنات الأعمال في القطاع الخاص التي تقدم الدعم الإداري والفني وخدمات تطوير الأعمال للمبادرين المحتضنين في مختلف مراحل مشروعاتهم بشكل يزيد من فرص نجاحها ويعزز فرص استمراريتها. ولكن ورغم كل هذه الجهود المضنية، نجد أن قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة لا يزال خاملاً.
دعم المشاريع الصغيرة ليست فكرة جديدة في الكويت، فعلى سبيل المثال الدكتور حمود المضف – المدير العام الأسبق للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب – كان من أوائل القياديين الذين عملوا من أجل تأسيس حاضنة للمشروعات الصغيرة منذ أواخر التسعينات من القرن الماضي. وبعد سنوات طويلة، وتحديدا في العام 2005 تم افتتاح حاضنة الشويخ الحرفية. بالإضافة لتلك الحاضنة، ساهمت هيئة التطبيقي أيضا في إنشاء حاضنة المرأة الكويتية المنتجة للأعمال، بالتعاون مع برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة والأمانة العامة للأوقاف. وبعيداً عن هيئة التطبيقي، توجد نماذج أخرى في الكويت لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، منها مركز خدمة لدعم وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة تابع لبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة، ومشروع حاضنة السلام التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالتعاون مع البرنامج الانمائي للأمم المتحدة، والمحفظة الحرفية للبنك الصناعي.
رغم الجهود المتواصلة منذ 20 سنة، إلا أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الكويت لا يزال ضعيفا من حيث عدد المشاريع ونوعيتها، فهي لا تزال تقليدية تفتقر للأفكار المبتكرة، على نقيض الدول المتقدمة التي توظف مراكز الأبحاث والجامعات لإثراء الأفكار المرتبطة في تخصص المشاريع والمتعلقة بتعزيز فرص نجاحها. لذلك أرى ضرورة تشجيع معهد الكويت للأبحاث العلمية ومؤسسات التعليم العالي، للمساهمة بما لديها من امكانيات لدعم هذا القطاع الاستراتيجي. فالحاضنات التابعة للمؤسسات الأكاديمية تمثل نحو 27 في المئة من إجمالي عدد الحاضنات في أميركا الشمالية، وفق ما جاء في ورقة علمية للدكتور عبدالله الهاجري بعنوان «دور حاضنات الاعمال في التنمية الصناعية في دولة الكويت». كما المؤسسات الأكاديمية لتوفير برامج دراسات عليا تعنى بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالجامعات في الدول الصناعية وذات الاقتصاديات الصاعدة.
من جهة أخرى، أدعو هيئة التعليم التطبيقي إلى استحداث برامج بكالوريوس لإعداد مبادرين لمشروعات صغيرة ومتوسطة. فعلى سبيل المثال، برامج الدبلوم المتاحة حاليا في كلية الدراسات التكنولوجية، من قبيل تخصص تبريد وتكييف الهواء، مناسبة لتأهيل الطالب للعمل كمساعد مهندس في تخصصاتهم، ولكن إعداد مبادر لمشروع خاص يتطلب جرعات إضافية من المعارف والمهارات غير الفنية كالإدارية والاقتصادية والقانونية.
لذلك أناشد القائمين على التعليم التكنولوجي، تنظيم ورش عمل لإعداد قائمة بالكفايات المهنية والشخصية والسلوكية اللازمة للمبادر في التخصصات الملائمة للمشاريع الخاصة. على أن يشارك في هذه الورش، إلى جانب الأكاديميين وممثلين عن سوق العمل في القطاعين الحكومي والخاص، خبراء من الحاضنات والصناديق الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة. ومن أجل تخفيف أعباء وتكاليف استحداث هذه البرامج الجامعية، أقترح أن تكون بنظام 2.5 + 1.5. أي أن يحصل الطالب على شهادة الدبلوم بعد اجتيازه برنامج تكنولوجي مدته 2.5 سنة، ثم يسمح للمتفوقين من بين الخريجين الالتحاق ببرنامج مكمل مدته 1.5 للحصول على شهادة بكالوريوس تكنولوجي، معظم مقرراته في الإدارة والاقتصاد والقانون وعلوم أخرى تحدد في ورش العمل. وبشكل متزامن لتنظيم ورش العمل، يفترض أن ينشأ في الكلية مكتب لشؤون المشاريع الصغيرة والمتوسطة مناظر للمكاتب الموجودة في الجامعات الغربية.
ولكن قبل كل شيء، هناك حاجة لتوقيع مذكرة تفاهم بين وزير التجارة والصناعة ووزير التربية والتعليم العالي لتعزيز التعاون بين الوزارتين في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة… «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».
[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock