فيصل الكندري: درّب الطفل على الصيام.. بشرط إفطاره عند الضرورة
القبس
في رمضان يحاول الاطفال الصغار تقليد اهلهم بالصيام، او يشجع الوالدان ابناءهم على البدء بالصيام مبكر. ولكن من الناحية الفزيولوجية متى يصبح صيام الطفل آمنا. يجيب د. فيصل الكندري استشاري طب الاطفال في مستشفى دار الشفاء قائلا «لا توجد دراسات طبية للإجابة عن هذا السؤال، ولكن لنا في رسول الله وصحابته القدوة الحسنة، فالصيام لا يُفرض ولا يأثم تاركه الا عند مرحلة البلوغ وبعدها، وذلك لاكتمال القدرات الفزيولوجية والذهنية للطفل. لكن لا يمنع ذلك من تدريب الطفل على الصيام تدريجيا، مع شرط ان يفطر عند اللزوم. كما أن الظروف الزمانية والمكانية مهمة ايضا. فقد يطيق الطفل الصيام في فصل الشتاء اثناء الجو البارد وساعات الصيام القصيرة نسبيا، لكنه لا يطيق الصيام في الصيف اثناء الجو الحار وساعات الصيام الطويلة».
بشكل عام، لا توجد سن معينة يمكن اعتبارها الوقت الامثل لبدء تعليم الصيام. فتحمل الصوم يختلف من طفل لآخر. ويمكن اعتبار سن السابعة وما بعدها مناسبة لبدء تدريب الطفل تدريجيا على الصيام. مع السماح له بالإفطار متى ما أحس بعدم القدرة على الاستمرار، وأن لا يقابل ذلك بالمعايرة والضغط النفسي حتى لا يترك له آثارا صحية ونفسية. ومن المهم التأكد من تناول الطفل وجبة سحور متنوعة وصحية بحيث تحتوي على الخضار ومنتجات الالبان والسوائل والبروتينات والحبوب الكاملة. فهي مصدر الطاقة التي يحتاجها الصائم أثناء صومه.
◗ فوائد الصيام
وحول فوائد الصيام شرح د. فيصل قائلا «السبب الرئيسي لفرض الصوم هو زيادة التقوى لدى المؤمنين ولم يذكر سبحانه الفوائد الصحية كسبب لفرضه. وبالرغم من ارتباطه بعدة فوائد صحية إلا أنه يجب عدم المبالغة في اظهار فوائد غير مبنية على آيات وأحاديث صحيحة، أو غير مبنية على أسس علمية دقيقة. وللعلم، فقد يكون للصيام بعض المضاعفات اذا لم يتم بحسب ما أوصى به الله ورسوله. ولا توجد دراسات طبية معترف بها تحدد فوائد صحية لصيام الطفل. لكن لا يمنع ذلك من ذكر أن الصيام هو فرصة مناسبة لتعليم الطفل على مقاومة شهوة الطعام والشراب، خصوصا في ظل وباء السمنة الذي يجتاح مجتمعاتنا. فهو يساهم في خسارة الوزن الزائد لكن بشرط عدم الإكثار من الطعام والشراب في فترة الليل وتجنب الوجبات الدسمة الممتلئة بالدهون والسكر».
◗ دوخة الطفل
قد يشعر الطفل الصائم بالإرهاق والدوخة، وخاصة خلال آخر ساعة من الصوم. وغالبا ما يكون السبب هو انخفاض معدل السكر في الدم الذي يعد بمنزلة الوقود للجسم. وقد يرجع الى الجفاف او انخفاض ضغط الدم. وينصح ولي الامر بالانتباه لهذه الأعراض والسماح للطفل بالإفطار وشرب الماء اذا زادت شدتها حتى يتفادى حدوث مضاعفات. وفي حال تكرار الدوخة عند الأطفال الأكبر سنا ينصح بعرضهم على طبيب الأطفال للتأكد من عدم اصابتهم بأمراض او حالات صحية تستدعي التدخل الطبي أو وجود موانع صحية للصيام.
◗ أمراض تزداد في رمضان
غالبية المشكلات الصحية التي تزداد نسبة الشكوى منها خلال رمضان سببها اتباع عادات سيئة صحيا. مثل: التخمة واضطرابات المعدة نتيجة للإكثار من كمية الطعام والشراب وتناولها بسرعة خلال فترة الافطار القصيرة والليلية. وأفضل نصيحة لتفادي المشاكل الهضمية هي الاعتدال في الأكل والشرب كل بحسب حاجته. كما تكثر الشكوى من الصداع الذي عادة ما يرجع الى انخفاض معدل سكر الدم، وحله هو التدرج في الصيام والتأكد من تناول وجبة سحور مغذية ومناسبة.
◗ تأثير الصيام في الرضاعة الطبيعية
قد تتأثر الرضاعة الطبيعية بصيام الأم، لأنه يسبب قلة السوائل في جسم الأم وهي المكون الرئيسي في حليب الثدي. واضاف د. فيصل موضحا «يقل ادرار الحليب وكميته نسبيا اثناء صيام المرضع. لذلك سمحت الشريعة بإفطار المرضع حتى لا يتأثر رضيعها. لكن بعض المرضعات يجدن ان ادرار الحليب لا يتأثر بصيامهن، وفي هذه الحالة يمكنهن الصيام مع التأكد من تناولهن تغذية صحية وشربهن كمية كبيرة من الماء والسوائل اثناء فترة الافطار»
أمراض تتطلب الإفطار
هناك أمراض كثيرة تستوجب إفطار الطفل. وتشمل اسبابا مؤقتة مثل الوعكة الصحية، كالنزلات المعوية ونزلات البرد والانفلونزا الشديدة وخصوصا التي يصاحبها ارتفاع شديد في درجة الحرارة (الحمى). أما بالنسبة للأسباب الدائمة فترجع الى اصابة الطفل بأمراض مزمنة مثل الفشل الكلوي وحصى الكلى والسكري وقرحة المعدة وغيرها. في هذه الحالة ينصح باستشارة الطبيب المعالج لمناقشة قدرة الطفل على الصيام وضرره. فكل حالة تختلف عن الأخرى. وقد يكون مانع الصوم لا يرجع الى المرض نفسه بل الى مواعيد جرعاته الدوائية التي يجب التقيد بها، كمرضى زراعة الأعضاء الذين قد يترتب على تأخير جرعاتهم الدوائية تطور ردة فعل رافضة للعضو المزروع.
اختلال مواعيد النوم
اختلال مواعيد النوم المبالغ فيه خلال شهر رمضان هو من العادات السيئة. فلا يوجد سبب لسهر الطفل حتى الصباح ومن ثم نومه الى وقت مقارب للمغرب. فساعة الطفل البيولوجية مبرمجة على النوم من 8 – 10 ساعات ليلا، وتغير هذا البرنامج يترتب عليه اختلال عدة عمليات ووظائف حيوية. ولا شك بأن سهر الطفل سيؤثر سلبا في حالته النفسية وقدرته على التركيز والتعلم. وفي بعض الحالات، مثل الأطفال المصابين بزيادة الكهربية في المخ فينتج عن سهرهم واضطراب مواعيد النوم والاستخدام المفرط للألعاب الالكترونية ان تحدث لهم نوبات التشنج والصرع.
نصائح لتغذية الطفل الصائم
– تنويع الاصناف في طبق الطفل لتتضمن حصصا من الكربوهيدرات والبروتين والخضار. فالكربوهيدرات مهمة لتزوده بالطاقة، والبروتينات مهمة لبناء العضلات والوقاية من الوهن العضلي، اما الخضار فتزوده بالألياف والعناصر الغذائية.
– تقديم الفاكهة وتشجيع تناولها بدل الحلويات حتى لو على شكل عصائر لأنها تحتوي على مغذيات وسكريات بسيطة.
– اضافة البقول الى الاطباق الرئيسية مثل العدس والفول والحمص لأنها غنية بالألياف والبروتين والحديد. كما ان تناولها يشعر الجسم بالطاقة والشبع لمدة طويلة.
– تعويده علىشرب الماء والسوائل طوال وقت الافطار لتفادي الاصابة بالجفاف. وينصح بعدم شرب كمية كبيرة من السوائل دفعة واحدة، لأن ذلك يحفز الكلى للتخلص منها سريعا عبر البول. بل يفضل شربها على جرعات صغيرة ومتكررة طوال وقت الافطار حتى يحتفظ الجسم بها.
– تفادي الأطعمة الغنية بالسكر والملح والوجبات السريعة، لأنها تزيد فرصة اكتساب الوزن وتساهم في زيادة تكدس الماء في الجسم من دون ان تروي العطش.
– تفادي المشروبات الغازية والمحضرة بإضافة ماء لعصير مركز لخلوها من الفائدة الغذائية. كما ان غناها بالسكريات والاحماض يعرض الطفل لخطر زيادة الوزن وتسوس الاسنان. وان كان الطفل لا يحب تناول الماء، فيقترح توفير بدائل مفيدة مثل: العصائر الطازجة ومنتجات الالبان ومشروبات رمضان الصحية مثل السحلب وشراب اللوز و«الجلاب» والماء المضاف له منكهات كشرائح الليمون والبرتقال.