عادل الشمري يكتب: الرومانسية مع القراءة والكتب
تشمئز نفسي من العبارات الرومانسية حول القراءة والكتب ولا أستطيع أن أملكها من القرف إذ أن القراءة عندي من ضمن التكاليف وليست من باب الرفاهية والمتعة، فإن القراءة عبادة والعبادة شديدة على نفس وحفت بالكره والمشقة والتعب والصبر والجهاد وهذه ليست ماحفت به المتعة.
حتى كتاب الله المعجزة الذي حوى كلام الخالق سبحانه، الذي قالت عنه العرب وهم أهل الفصاحة والبلاغة أن له حلاوة وعليه طلاوة، وما ملك الكفار ما يرمون به هذا الإعجاز إلا أن وصفوه بأنه سحر من هول مارأوا من هذا الإعجاز الذي لا يستطيعون دفعه بتهمة جنون أو شعر فما بقي لهم إلا التهمة الخارقة للعادة وهي السحر وأخبر سبحانه فيه أنه يسّره للذكر، ومع ذلك كله يجد الإنسان مشقة في قراءته ما يحتاج معه إلى صبر، فهذا كتاب الله فغيره من باب أولى.
وحتى المتعة واللذة التي يشعر بها القارئ هي ليست من القراءة وإنما من الناتج عنها كما قال الشاعر:
وتمايلي طربا لحلّ عويصة
في الدرس أشهى من مدامة ساق
ولو كانت القراءة والمعرفة طريقها محفوف بالمتعة واللذة لما أصبح في الناس جاهل.
فإن كنت لا ترى القراءة من باب العبادة بل من باب المباح المحض فحدثني عما تقرأ أقل لك من أنت، فإن كنت تقرأ كتبا تافهة صفحاتها نصفها بياض ونصفها الآخر نقط وعلامات تعجب فلا ريب أن القراءة عندك من المتعة والرفاهية والترويح عن النفس.
فكرة الرفاهية والمتعة فكرة طارئة على الإنسان وليست متأصلة به، إذ أن الإنسان يحتاج إلى الرفاهية عرضا لحياته التي خلق فيها بكبد، فإنه يحتاج للراحة كي يعيد ملء الطاقة لنفسه ليستكمل الحياة ويصبر على مشقتها، وكان العلماء يستريحون أيضا من القراءة بالقراءة في كتب الأدب، وكيف يُستراح من شيء ممتع؟!
وفكرة أنهم يستريحون من القراءة بقراءة كتب الأدب هذا يعطينا إنطباعا أن الكتب التي خلقت للمتعة تأتي قراءتها عرضا لا أصالة.
على الهامش: كتب الأدب التي يقرأها العلماء قديما للترويح عن النفس كانت مخلوطة بالعلم والمتعة معا لكن المتعة مرتفعة عن العلم بنسبة قليلة، ولا أريد مقارنتها بالكتب المصنفة الان للمتعة فالخطب جلل والمقارنة ظالمة لأولئك الأوائل.